وزارة التربية أكدت أنها على وشك الانتهاء من الدورات التي عقدتها لنحو 40 ألف مدرس من كافة الاختصاصات لشرح المناهج الجديدة، وطرق تدريسها، غير ان بعض المدرسين عبروا عن صعوبات تعكر صفو العملية التدريسية وفق المناهج الجديدة خصوصاً أن مدة دورتهم لم تتجاوز الـ 4 أيام حيث لم يتسن لهم الاطلاع سوى على المفاتيح الأساسية للمناهج، إضافة إلى التساؤل عن الكيفية التي توصلت فيها الوزارة لتحديد وقت الحصة الدرسية، واستفسارات عن مصير الوسائل العلمية والتوضيحية المساعدة والوقت المحدد لوصولها إلى الشعب المدرسية.
مخاوف وتساؤلات
ولاستيضاح ورصد آراء المدرسين حول المناهج الجديدة التقت سيريانيوز أحد مدرسي مادة اللغة الإنكليزية (فضل عدم ذكر اسمه) حلقة أولى حيث اعتبر أن "المناهج الجديدة تفتقر إلى الشرح الوافي للقواعد وأن الوقت المخصص لشرح المادة غير كافٍ لإعطاء جميع المعلومات المحددة ضمن دليل المعلم، كما أن القسم المحدد للاستماع بحاجة إلى وقت أطول، إضافة لمشكلة جهل الأهل وعدم قدرتهم على مجاراة المنهاج الجديد وخصوصاً في المناطق النائية والأرياف".
وتابع قائلاً أن "إعطاء فكرة عامة عن الدرس قبل شرحه ستأخذ جزء كبير من الحصة الدرسية وهي العائق الأساسي أمام المعلم لإنهاء منهاجه المقرر، حيث أن المقدار المحدد للطلاب في كل درس حوالي ثلاث صفحات من كلا الكتابين القراءة والكتابة"، مضيفاً أن "المنهاج بحد ذاته أفضل من السابق لكنه لم يرق إلى مستوى السلاسل التي يتم تدريسها في المعاهد الخاصة".
وسائل إيضاح قليلة
بدوره أكد أحد مدرسي مادة الفيزياء (رفض ذكر اسمه) حلقة ثالثة أن "المعوق الأساسي الذي يواجه الطلاب في استقبال المنهاج الجديد يتجلى بقلة الوسائل الإيضاحية في الصف، كون مادة الفيزياء تعتمد وبشكل أساسي على عرض النشاط أمام الطلاب ومن ثم تقديم الاستنتاجات التي خلصوا إليها".
وأضاف أن "وزارة التربية وعدت بالتجاوب مع طلبه بتأمين جهاز عرض خاص "بروجكتر" للصف، وذلك لتسهيل عملية الإعطاء والوصول إلى النتائج المرجوة من المناهج الجديدة"، مضيفاً أن "محتوى المنهاج الجديد على مستوى عال من القيمة العلمية لكن يقع على عاتق المدرس مسؤولية كبيرة وعمل جبار لإيصال هذا المحتوى إلى الطالب".
وفي زيارة قامت بها سيريانيوز لأحد مراكز تدريب المعلمين على المناهج الجديدة التقت سيريانيوز بعضاً من المدرسين للوقوف على آلية الالتحاق بالدورة ومدى الاستفادة التي تحققها حيث اعتبرت مدرسة اللغة العربية هناء قلعجي أنه "وعلى الرغم من ضيق الأماكن التي يتم بها إعطاء التوجيهات والعدد الكبير من المدرسين إلا أن الفائدة كانت جيدة، حيث قام المدربون بتحديد دروس تطبيقية وقاموا بشرحها بالشكل الأمثل ومقارنتها بباقي المنهاج وذلك في سبيل تذليل الصعوبات أمام المعلمين وتوضيح الرؤية بالنسبة للمناهج الجديدة".
صعوبات متوقعة
وأضافت القلعجي أن "بداية الطريق أمام المدرسين بشكل عام ستواجه بعض الصعوبات ريثما يتعود الطالب على الطريقة الجديدة في الدراسة"، مشيرة إلى أن "بعض العقول القديمة خلقت وهماً لنفسها بصعوبة المناهج الجديدة، ولكن الأمر المنطقي أن تقبل المناهج الجديدة هو أمر طبيعي لكل عقل متجدد يبحث عن القيمة العليا من الثقافة".
ولفتت القلعجي إلى أن "أبرز التغيرات التي طرأت على المناهج الجديدة اعتمادها على التفاعلية الكاملة بين المدرس والطالب، حيث يقوم الطالب بالتحضير المسبق للدرس في حين يتولى المدرس توجيه الطالب وحثه على مشاركة زملائه المتقدمين إما بدمجه بحلقات مع أقرانه أو عن طريق مجموعات عمل تشاركية".
بدوره اعتبر أيمن بطحوش مدرس لغة عربية أن "المسؤولية الكبيرة لحث الطلاب على تقبل المناهج الجديدة تقع على عاتق المدرسين وذلك في سبيل لتحقيق القيمة العليا من هذه المناهج، إضافة للتواصل مع الأهالي وتصحيح صورة الأوهام من صعوبة المناهج الجديدة".
مدة الدورة غير كافية
وأضاف البطحوش أن "مدة الدورة لم تكن كافية ولكنها عرفت بالمنهاج وطرائق التدريس الجديدة وأعطت المفاتيح الأساسية، كما أن دورات دمج التكنولوجيا بالتعليم خففت من حدة المنهاج الجديدة"، لافتاً إلى أنه "يتوجب على المدرس أن يعمل بشكل يومي وأن يشكل فضاء تربوي مع زملائه للتباحث في أنجع الطرق لإيصال المعلومة إلى الطالب بالشكل الأمثل".
وأردف البطحوش أن "الدورة غلب عليها الطابع النظري وكان بالإمكان الاستفادة من طرائق التدريس العملية التي وضعت بالمناهج الجديدة لشرح أبرز نقاط التغير بين المنهاج القديم والجديد"، مضيفاً أن "التوقيت الزمني للدورة لم يكن جيد بشكل كبير كونه أتى في الأسبوع الإداري وبعد العيد مباشرة".
والتقت سيريانيوز المدرب والموجه الاختصاصي في تربية دمشق وليد الابراهيم حيث قال إن "المناهج الحديثة تختلف عن القديمة كونها أسست وفق طرائق تربوية متطورة وتم بناؤها على إشراك الطالب بالتعلم بطريقة تعزز شخصية الطالب وتدفعه ليصبح قادراً على الفهم والاستيعاب والتعبير".
تقبل التدريب بعد فترة على بدايته
وأضاف الابراهيم أنه "في بداية إعطاء التوجيهات الخاصة بالمناهج الجديدة كان هناك تهيب ملحوظ على بعض المدرسين، ولاحقا أصبح تقبل التدريب واضحاً بعد أن تم كسر هذا الجليد"، معتبراً أن "العام الدراسي الجديد سيكون عام تدريبي كامل بالتعاون بين الموجهين المختصين والأستاذة وهذا التعاون سيخلق شيء جديد بالنسبة لمناهج وطرائق التدريس".
ولفت الابراهيم إلى أن "الملاحظات العامة للمناهج الجديدة سيتم أخذها من الميدان وهو الفصل والحكم وأن المفاتيح الأساسية والعامة للمناهج الجديدة تم إيصالها للمدرسين وسيكون العام الجديد ورشة عمل لجميع الكادر التربوي في سبيل إيصال المادة وطرائقها إلى الطلاب".
تجديد المناهج بدأ منذ 2004
وحول إجراءات تعديل المناهج والتغيرات التي طرأت على تدريسها والمشاكل التي قد تعترض عملية التدريس التقت سيريانيوز رئيسة دائرة المناهج والتوجيه في وزارة التربية بثينة الخيّر حيث قالت "بدأت عملية تجديد المناهج منذ عام 2004 وذلك بوضع وثائق ومعايير تشمل جميع المواد الدراسية لجميع الصفوف، ثم تم عرضها على لجان للتقويم والتحكيم والاتفاق عليها"، مشيرة إلى أن "اللجان تألفت من لجان محلية وأخرى عربية، ثم تم عرضها على منظمة اليونيسكو إضافة للجنة بريطانية ومن ثم تم إقرارها".
وأضافت الخير "بعد إقرار المناهج بدأت مرحلة التأليف في عام 2007/2008، ثم تم تجريبها عام 2008/2009 بعدد من المدارس، وتم اعتمادها وتعميمها بشكل نهائي لجميع الصفوف عام 2010/2011".
وحول الجديد في طريقة تأليف المناهج لفتت الخير إلى أن "بناء المناهج تم وفق ثلاث مداخل رئيسية وهي أساسيات المعرفة في المادة العلمية والحياة، ثم مهارات التفكير والاكتشاف والملاحظة والتقصي، ثم التكامل مابين أجزاء المادة وتلاؤمها مع المواد الأخرى"، مشيرة إلى أن "العلوم الإنسانية تم تأليفها محليا، فيما تم تأليف المواد الكونية عن طريق مسابقة عالمية وليس بأيدي محلية".
فقط 1400 ليرة
ونفت رئيسة دائرة المناهج والتوجيه في وزارة التربية بشكل كامل صحة ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن ارتفاع ثمن نسخة كتب الحلقة الثالثة (عاشر وحادي عشر وبكالوريا) حوالي ثلاثة أضعاف عما كانت عليه سابقاً مؤكدة بأن هذه المعلومات غير صحيحة، موضحة بان "ثمن نسخة الكتب لم يتغير عما كان عليه سابقاً وهو يتراوح ما بين 1000 إلى 1400 ليرة سورية، وأن المؤسسة العامة للمطبوعات تولت طباعة كامل المناهج لتغطي احتياجات كامل مدارس القطر"، مضيفة أن "كتب الحلقتين الأولى والثانية (من الأول حتى التاسع) مجانا وستعمل المؤسسة العامة للمطبوعات على تأمينها بشكل يغطي احتياجات الطلاب والمدرسين".
وفيما يتعلق بطريقة عرض المادة العلمية والتغيير الذي طرأ عليها، بينت الخير أن "الطالب سيلاحظ عند استلامه نسخته من الكتب تغييرا جذريا من حيث الشكل والمضمون وعرض الأنشطة والمادة العلمية، خاصة أن الطالب أصبح مساهم أساسي في عملية التعليم"، مشيرة كمثال إلى أنه "تم تقسيم كتب الحلقة الأولى إلى قسمين الأول كتاب مهارات القراءة والآخر تضمن مهارات الكتابة وحل الأنشطة".
أبرز الصعوبات
وحول الصعوبات التي واجهت الوزارة أثناء الفترة التجريبية التي خضعت لها المناهج الجديدة العام الماضي، قالت الخير إنه "تمت ملاحظة بعض التخبط واللغط حول المناهج الجديدة لكن جميع هذه الإشكالات تم حلها من قبل الوزارة"، مضيفة أن"الدورات التدريبية التي خضع لها المدرسون من حيث اطلاعهم على طرائق تدريس المناهج ساهمت في تخفيف التوتر وترميم الثغرات".
وفيما إذا كانت المدة المحددة للدورات التي لا تتجاوز الـ 4 أيام كافية لاطلاع المدرسين على كافة الطرائق والأساليب الجديدة التي تم تأسيس المنهاج عليها، قالت الخير إن "الوزارة ملزمة بإعطاء المدرسين المفاتيح الأساسية للتأقلم مع المناهج، إضافة إلى كوننا وفرنا قرص مدمج بالكتاب والدفتر والدليل وتم شرح التعامل مع الطالب من ناحية الاستماع والكتابة وكيفية التعامل مع المفاهيم الموجودة في الكتاب، وهنا تبدأ مهمة المدرسين من ناحية التزامه بما أعطي له".
آلية عمل الدورات ووظيفتها
وتابعت "جاءت الدورات لتسهيل عملية التعامل مع استراتيجات المناهج الجديدة ولم يعد المطلوب من المدرس إعطاء المعلومات عن طريق الإلقاء فقط بل أصبح المنهاج الجديد يعتمد على طرق التعلم بالقرين والتعلم الثنائي وتعلم طرح المشاكل واقتراح الحلول حيث أن هذه الطرائق المتنوعة تشغل المتعلم وتملأ وقته، أي أن هناك تفعيل كامل للطالب والمدرس".
وبالنسبة لمراعاة المناهج الجديدة بما تتضمنه من مادة علمية ضخمة وأساليب تعليمية جديدة لموضوع الوقت المخصص للحصة الدرسية، أكدت بثينة الخير أن "موضوع الوقت مدروس بشكل كامل لكل تمرين على حدة وبما يتناسب مع مدة الحصة وعدد الطلاب حوالي 40 إلى 50 طالب ضمن كل شعبة"، لافتة إلى أنه "تم تقسيم الوقت في الكتب المساعدة للمدرسين بما لن يؤثر على المدة الزمنية للحصة الدرسية".
آلية تدريس الدورات
وحول الدورات التدريبية التي أجرتها الوزارة قبل بداية العام الدراسي، قالت الخير إنه "بداية تم تدريب فريق مركزي من الموجهين الاختصاصين والتربويين والمدرسين العاملين في التجريب ليصبح لاحقا فريق مدرب لغيره من الموجهين والمدرسين، لينتقل بعدها إلى المدرسين والمعلمين ليشمل التدريب بذلك جميع مدرسين القطر".
ولمن لم يلتحق بتلك الدورات، لفتت الخير إلى أن "الوزارة تجري حاليا دورة في الأسبوع الإداري لمن لم يتمكن من اللحاق بالدورة السابقة"، مشيرة إلى أنه "لن يدخل أي مدرس إلى الصف دون أن يحمل شهادة الدورة التدريبية للمناهج الجديدة ومن لم يتمكن من الالتحاق سيخضع لدورة متممة خارج أوقات الدوام".
وعن خطط الوزارة لمتابعة أداء المناهج الجديدة بعد بدء العام الدراسي، أكدت الخير أنه "سيكون هنالك تواصل دائم ما بين الوزارة والموجهين الاختصاصين المشرفين على الميدان التعليمي ليشكلوا حلقة الوصل ما بين الوزارة والميدان التعليمي لمعالجة أي إشكال".
وأضافت في هذا الصدد أنه "تم تحديد يوم السبت للتواصل عبر برنامج شامل لكل القطر يتم فيه تداول أي إشكال صادف المدرسين عند إعطائهم للمنهاج".
الوسائل الإيضاحية والعلمية
وفي رد لها على الوسائل العلمية التي تتطلبها المناهج الجديدة وفيما إذا كانت متوافرة في جميع مدارس القطر بريفها وحضرها، نوهت الخير إلى أنه "لا يوجد مدرسة واحدة في القطر إلا وتمتلك وسائل حديثة تساعدها على توضيح المنهاج وهي مماثلة للوسائل التي استخدمت في الدورات".
واستطردت قائلة "هناك مركز خاص تابع للوزارة لتصنيع الوسائل وفي بعض المواد تعود إمكانية الاستعانة بالوسائل إلى المدرس خصوصاً في مواد العلوم، أما في حال عدم توافر هذه الوسائل يمكن للمدرس الاستعانة بصور الكتاب فهي غنية جدا من حيث مضامينها".
حسام قدورة، بشرى البودي – سيريانيوز شباب