مازال يثير الجدل لدى عدد غير قليل من الطلاب والمدرسين الذين يعتقدون أن ملخصاتهم تقدم المعلومة بكفاءة تتفوق على الكتاب لجهة السهولة واليسر واختصار وقت الدراسة.
بالمقابل تؤكد وزارة التربية على أنها تتابع قرارها بالمنع، وترى أن وراء الملخصات غايات تجارية ولها أثاراً سلبية أبرزها أن الطالب يعتاد على "الحفظ والبصم" بدلاً من الفهم والاستيعاب.
الملخصات أسهل..
الملخصات- بحسب الطلاب الذي قابلناهم- تحدد بالضبط ما هو المطلوب من الفقرة الواسعة الشرح من خلال تعداد مبسط يساعد على الحفظ، وتوفر الوقت لاسيما لطلاب الشهادة كون المنهاج المحدد من قبل الوزارة لا يتناسب مع الوقت المخصص له .
قالت طالبة بكالوريا علمي (سارة برازي):"الملخصات تفيد الطالب بشكل كبير، مثلا أسلوب السرد على شكل فقرات بكتاب (العلوم لصف الثالث الثانوي عملي)هو عبارة عن آليات ودورات وشرح مراحل، والملخص الذي يضعه الأستاذة وخاصة بمادة العلوم يفيد الطالب كثيرا لأنه يطرح الموضوع بشكل سؤال وجواب، وبالتالي ينبه الطالب إلى جزئيات كثيرة، والجواب يكون محدد ودقيق وبعيد عن الكلام المتشعب".
وشاركتها في الرأي زميلتها (ريم البابا):"بالطبع كل طالب لديه ملخص، ولاسيما فيما يتعلق بالمواد العلمية، فالمنهاج معقد وكثيف جدا والوقت المخصص لا يتناسب مع كثافته".
هذا ما أكدته مديرة مدرسة دوحة الأدب( سلمى أبو طوق) بقولها إن:"المنهاج كبير وهذا يؤدي إلى عدم حل كافة التمارين ولا سيما طلاب الشهادتين"،
شاركتها الرأي مدرسة اللغة الانكليزية (حنان غزال):"بعض المواد صعبة ولا تفهم من الكتاب وبحاجة إلى ملخص حيث يوضح من خلاله نمط أسئلة الامتحان وما المطلوب من الطالب بالضبط".
وأردفت غزال إن:"منهاج اللغة الإنكليزية الجديد والذي يوجد فيه نقص كبير لاعتماده على الكاسيت لحل الأسئلة وعدم توفر الكاسيت للطالب هو أحد الأسباب الذي يدفع الطالب لشراء الملخصات ليسد النقص الموجود به".
خطأ يؤدي إلى فشل
بالمقابل ينتقد مدرسون وطلاب الملخصات وينبهون إلى الأخطاء التي قد تحتويها، وتحذر الوزارة من الأثر السلبي لها على مردود الطلاب.
قالت مديرة مدرسة دوحة الأدب (أبو طوق) ان "الاعتماد على الملخصات فقط دون الرجوع إلى الكتاب خطأ فادح، لاسيما إذا كانت الملخصات تحتوي معلومات خاطئة فيبقى الطالب إلى نهاية العام وهو مستمر بالخطأ، فالطالب يستعين بالملخصات ولكن يبقى المدرس المرجع الأول".
من جهته يرى مدير المناهج والتوجيه في وزارة التربية عبد الحكيم الحماد أنه حينما "يقوم الأستاذ بتلخيص الأفكار من وجهة نظره ويعود الطالب ويختصر الملخص فانه يفقد جوهر الفكرة لأنها تلخيص عن ملخص".
وتابع حماد "إن الملخصات لا تهدف لتعليم ولا تقدم أساليب فهم المعلومات مما يؤدي إلى كثرة الأخطاء وبهذا يخسر الطلاب الذين يدرسون منها قسما كبيرا من العلامات".
هذا ما أكدته طالبة البكالوريا (رجاء الأحمد):"هناك أخطاء بالملخصات ولكن ليست كثيرة ويستطيع الطالب الذي يدرس من الكتاب إلى جانب الملخص أن يعرفها، أما الطالب الذي يدرس فقط من الملخص دون الرجوع إلى الكتاب لن يعلم بوجودها وهذا يؤثر عليه في الامتحان لأن غلطة واحدة في التمرين تجعل الحل خطأ".
حلول جاهزة
العديد من الطلاب يعتمد على الملخصات للقيام بواجباتهم، حيث يقومون بنقل الحلول المتعلقة بالتمارين والمسائل التي يجب تقديمها كوظائف تحل بالمنزل بالاعتماد على أنفسهم بعد دراسة الدرس وفهمه.
قال طالب في الصف الثامن عمار محمود إن:" الملخصات ساعدتني كثيرا فبدل أن أقضي وقت طويل في التفكير بالحل المسائل والتمارين فقط أنقل الحل من النوط وثم أقضي الوقت في اللعب على الكمبيوتر".
هذا ما نبه إليه مدير المناهج والتوجيه عبد الحكيم الحماد بقوله إن:" الملخصات تجعل الطلاب الذين يقتنوها مصدر شغب في قاعة الدرس لاعتقاد الطالب أنه يملك علم المادة كلها حيث تقدم أسئلة محلولة بطريقة مباشرة دون شرح كيفية الحل مما ينعكس عليه وتجعله لا يمتلك مهارة التفكير والفهم وإنما النقل فقط، وتدفع الطلاب إلى الانقطاع عن المدرسة في وقت مبكر خاصة طلبة الشهادات".
وبذات الاتجاه قالت موجهة (بديعة أبو عسلية):"لا تعتبر الملخصات مفيدة لأنها لا تسهم في تعليم الطالب، وإنما تساعده على الحفظ دون الفهم ولاسيما إذا كانت المواد علمية فهناك مسائل وتمارين بحاجة إلى فهمها وليس نقل الحل ليظهر أمام الأستاذ أنه قام بواجبه، فهو يجد بالملخصات وسيلة تقدم له حل المسائل والوظائف دون تعب"
مصدر رزق متعدد الوسائل
يشكل بيع ملخصات المواد الأساسية مصدر رزق لعدد لا يستهان به لعدد من المدرسين لدرجة أنها تباع في موسمها الأهم قبل الامتحانات الفصلية على أرصفة الشوارع، ووصل الأمر لحد أن معاهد تعليمية مرخصة تبيع أيضا ملخصاتها التي يضعها أساتذة مخضرمون في المكتبات، وهي ظاهرة تعم غالبية المكتبات والمعاهد التعليمية الخاصة التي زرناها.
يقول أحد الأساتذة (رفض الإفصاح عن اسمه) إن:"ملخصاتي تباع منذ عدة سنوات ولا أحد يشتكي منها وإنما يزداد بيعها كل عام، وهذا دليل على وجود أساتذة قادرين على منح الطالب كتابا سهلا ومحددا دون تشعب في الكلام ويختصر الوقت على الطالب الذي يكون بأمس الحاجة إلى الدقيقة أحياناً"
ويقول مدرس لغة عربية (أيمن.خ) أن:"هذه الحالة انتشرت نتيجة للأوضاع المادية السيئة التي يعيشها المدرس، والتي تدفعه في كثير من الأحيان إلى البحث عن مصدر دخل إضافي بين صفوف طلبته، والمدارس الحكومية ليست بمعزل عن هذه الظاهرة إذا يعمل أساتذة الشهادتين الإعدادية والثانوية على بيع ملخصات للمواد التي يدرسونها سواء مباشرة أم عن طريق مكتبات"
وقال صاحب مكتبة (وائل.ع) إن:"الملخصات تشكل مصدر رزق للكثير من الأساتذة نظرا لقلة ما يتقاضاه الأستاذ، ولا يمكن أن تلغى ولا سبيل لإيقاف نشرها فمن السهل على الأستاذ بيعها في أي مكان وليس بالضرورة عن طريق مكتبة".
وبديل للدرس الخصوصي
بدورهم يرى بعض أولياء الأمور أن الملخصات تعتبر وسيلة رديفة للدرس الخصوصي، فهي "أقل تكلفة فبدلاً من دفع 1000 ليرة لدرس خصوصي نشتري الملخص الذي يساعد أولادنا على الفهم بسعر 100ل.س".
وقال المحامي (عبد الحي.ع):" أنا اشتري لابني ملخصات وأرى أنها تفيده تماماً و أثق بصاحب المكتبة بأنه يعطيني المفيد والأفضل، فعوضا عن إحضار مدرس خاص لابني وادفع 500 إلى 1000ليرة بالساعة الأوفر لي أن أحضر له ملخص مجهز ومرتب ويساعده في الدراسة كبديل عن المدرس الخاص وبسعر 100 إلى 300 ليرة كحد أقصى تكفيه لنهاية العام بينما إذا أحضرت مدرس خاص يكلفني 100 ألف لنهاية العام"
تطبيق قرار المنع كيف..!
لطالما أصدرت الوزارة التعميم تلو الأخر لمنع بيع وتداول الملخصات والمسائل المحلولة والترجمات التي لها علاقة بالكتب المدرسية، ولكن إلى الآن لا تزال المكتبات تبيعها وتبيع الكتب المصغرة و"ملخصات السيديات".
وعن آلية تطبيق القرار قال مدير المناهج والتوجيه في وزارة التربية عبد الحكيم الحماد "لم تصدر الوزارة قراراً أو تعميماً إلا وتقوم بمتابعته من خلال الجهات المعنية التابعة لها، بالطرائق والأساليب المناسبة، حيث يتم متابعة كل من له علاقة بإعداد وإصدار ونشر الملخصات ويتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم ".
في حين وجد صاحب مكتبة (غسان.ر) أن"المسألة أكبر من ذلك بكثير فهناك أساتذة يبيعونها دون عرضها بالمكتبة، إنما يبيعها إلى طلابه مباشرة سواء في المدرسة أم المعهد أم في المنزل وهذا دليل على عدم القدرة على تطبيق القرار، وإلى الآن لم يأت إلى مكتبتي أحد من أي جهة لتنفيذ القرار ولا أعلم من هي الجهة المسؤولة عن ضبط الملخصات".
وطالب غسان " قبل أن تقوم الوزارة بسحب الملخصات من المكتبات لابد أن تحدد من المسؤول فنحن لسنا مسؤولين، يجب منع الكاتب أولا ثم المطبعة وثم من يقوم بيعيها إذا كانت غير صالحة فالحساب يبدأ بالأصل وبعد منعه يتم منع الآخرين".
في حين قال صحاب مكتبه تباع فيها الملخصات(محمد.ق) "أن هذا القرار يطبق فقط على بعض المكتبات مشير إلى أن التربية تغض النظر عن مكتبات أخرى".
وكشف صاحب مكتبه اخرى (فؤاد.م) ان قرار المنع " أدى إلى تزايد الإقبال لشراء الملخصات نتيجة خوف الطلاب من عدم توافر ملخصات أو حلول لأسئلة دورات".
ويرى طالب تاسع (أحمد طه) "من المفترض أن يترك هذا القرار للطالب نفسه حيث أن الملخصات السيئة معروفة وواضحة، وهناك ملخصات يمكن الاعتماد عليها أكثر من شرح الأستاذ نفسه في الصف".
ويقترح طالب بكالوريا علمي (خالد مللي) " نتمنى أن تكون هناك ملخصات تصدرها وزارة التربية للطلاب الذين يقدمون الشهادة حرة إلى جانب الكتب ، فالملخصات لها فائدة وليست سيئة إلى درجة منعها، ولكن الأمر بحاجة إلى تنظيم
أمور لم تأخذ بالاعتبار
قال صاحب إحدى المكتبات التي تبيع الملخصات (غسان.ر) " أنا لا أبيع ملخصات غير مفيدة على العكس تماماً أسعى دوما لانتقاء ملخصات الأستاذ الذي أعلم بكفاءته، والأستاذ لا يضر الطالب والدليل على ذلك وضعه أرقامه هواتفه على الملخصات في حال الاستفسار عن شيء، فلماذا لا يأخذوا هذا بالاعتبار".
وبنفس الاتجاه وجد صاحب إحدى المعاهد الخاصة (رامي.د) أن "الملخصات يضعها أساتذة كبار ولديهم خبرة كافية بوضع المنهاج بطريقة تسهل عليه الدراسة مثلا بدلا من الفقرات الكبيرة يقوم بالتعداد وهذا أسهل بكثير على الطالب".
وتابع غسان إن"هناك حقوق للملخصات التي أقوم ببيعها، وهل يعقل أن تصادر كتب وملخصات لديها حقوق للنشر والطباعة وحق للمؤلف، وهناك العديد من الـ CDتحتوي على المناهج وتلخيصها وتباع أماكن عديدة ويجب مصادرتها باعتبارها ملخصات، فيجب أن يكون هناك دراسة ومعرفة أشمل وتحديد بالضبط ما يجب مصادرته".
ورد مدير المناهج والتوجيه في وزارة التربية عبد الحكيم الحماد أن:"التربية لا تعطي أي حقوق نشر للملخصات التي تصدر من قبل الأساتذة، فحقوق النشر محصورة فقط في الكتاب المدرسي الذي تصدره المؤسسة العامة للكتب والمطبوعات المدرسية".
الحل بيد الطالب
وعن الحل للقضاء على ظاهرة الملخصات المدرسية فأنها بيد الطالب بحسب مدير المناهج والتوجيه عبد الحكيم الحماد الذي قال إن: "جميع الملخصات التي تصدر تخص مقررات شهادتي التعليم الأساسي والثانوي، ومصلحة أبناءنا أن يبتعدوا عنها وأن يتقنوا ويتمكنوا من الذي يتوافر في كتبهم المدرسية وليس في الملخصات".
وأردف الحماد:"لأننا عندما نقوم بعملية تقييم مخرجات المرحلة التعليمية يوضع البرنامج التقويمي ومحتوياته بناءً على ما هو متوقع أن ينجز ويحققه الطالب من أهداف للمنهاج الدراسي وليس للملخصات، وبما أن الهدف من الملخصات تجاري وليس تعليم المتعلم وتسهيل تعلمه،إضافةً إلى أنها تدفع الطلاب للتركيز على الحفظ فقط دون الفهم وبهذا يخسر الطلاب الذين يدرسونها قسماً كبيراً من العلامات".
أيمن مكية، رزان الخالدي - سيريانيوز شباب