أغلقت مدرستهم المعالي (الخاصة) نتيجة سجال دار بين أطراف ثلاثة، مديرة المدرسة ومحافظة ريف دمشق ووزارة التربية، الصراع مازال قائماً، الخلاف يدور حول تطبيق القوانين ومحاولة ردّ الخسارة المالية للطرف المستثمر، لكل طرف مبرراته، وكل منهم يحاول الوصول إلى غايته، إلاّ الطلاب الـ 27 كانوا الحلقة الأضعف، دون أن يتمكنوا من الدفاع عن حقهم بمواصلة الدراسة.
الطلاب دفعوا الثمن
يجهل باسل كل ما دار من سجال بين الأطراف الثلاثة المتصارعة، حيث قال "كنت مرتاحاً جداً في المدرسة، على خلاف ما أشعر به الآن في المنزل، فأنا أشعر بالضيق من جلوسي وحيداً في منزلي دون تعليم قرابة الشهرين، وبعض أصدقائي القدامى يذهبون كل يوم إلى مدارسهم".
وتابع باسل "لا أعلم كيف ستكون أيامي القادمة في مدرسة جديدة، وكيف سأتمكن من التأقلم في النصف الثاني من العام الدراسي مع مدرسة جديدة وأصدقاء جدد، وكيف سأنظر إلى أصدقائي الذين مازالوا يتابعون دراستهم وأراهم في فترات متقطعة، فمن المؤكد أنني لن أصل لمستواهم، لأن فترة الانقطاع هذه ستؤثر على تحصيلي الدراسي".
اقتصر حديث باسل على هذه الكلمات، وفي هذا المنحى، أما والد باسل فعبر عن انزعاجه بالقول "أستغرب من موقف مديرية التربية عندما قمت بإجراءات النقل للأطفال إلى مدرسة دار المعالي وافقوا على النقل دون أن يخبروني بأن هذه المدرسة عليها إشكال معين مع أنني شعرت بذلك منذ البداية".
وتابع والد باسل "سجلنا باسل في مدرسة دار المعالي الخاصة كونها قريبة من المنزل حيث طلبت مني إدارة المدرسة أوراق انتقال من مدرسته القديمة، وفعلاً قمت بإجراء الأوراق اللازمة حاملةً تواقيع وأختام مديرية تربية ريف دمشق وبشكل نظامي".
وأضاف الأب "دفعت حوالي 170 ألف عن خمسة أطفال، اثنان منهم أبنائي وثلاثة من أقربائي، حتى فوجئت بعودتهم إلى المنزل بعد 10 أيام من الدوام فقط، لأن شرطة قرى الأسد أغلقت المدرسة دون أن اعلم ما السبب بدايةً".
مجرد سوء تفاهم
وأردف أبو باسل "تواصلت مع الإدارة وأخبرتني المديرة أن الموضوع مجرد سوء تفاهم وأن المدرسة ستفتتح أبوابها اليوم التالي بشكل نظامي، وفعلاً ذهب الأطفال إلى المدرسة في اليوم التالي لكنهم عادوا أدراجهم قائلين أن الشرطة أغلقت المدرسة للمرة الثانية".
أبناء وأقرباء أبو باسل عثمان موزعين بين الحلقة الأولى والثانية، ولم يتمكن إلا بنقل 4 منهم إلى مدارس أخرى بعد قرابة الشهر من إغلاق المدرسة، حيث بقي باسل في المنزل منتظراً قبوله من إحدى المدارس قرابة الشهرين.
ونوه أبو باسل إلى أن "الإدارة إلى اليوم لا تجيب على اتصالاتنا، حيث أنني لم أسترد المبلغ المدفوع كرسوم تسجيل للأطفال حتى اليوم".
النقل والافتتاح مخالف
من جهتها كان لمديرية تربية ريف دمشق مبرراتها، وقالت مديرة التعليم الخاص بمديرية تربية ريف دمشق ثنية نويصر إن "قرار إلغاء ترخيص مدرسة دار المعالي الخاصة ورد إلى المديرية بناء على قرار من وزارة التربية، فالمدرسة قامت بالافتتاح بشكل مخالف، عدا عن أن المدرسة كانت قد افتتحت من قبل في مكان أخر وتم نقلها إلى قرى الأسد بشكل مخالف لذلك تم الإغلاق والقرار خالي من أي صفة تعسفية".
وحول قبول المديرية طلبات نقل الطلاب إلى مدرسة دار المعالي مع أن المدرسة مخالفة في نظرها، لفتت نويصر إلى انه "عندما نقلت المدرسة إلى قرى الأسد دون موافقات رسمية، صادقت الوزارة على شهادات الطلاب المنقولين ريثما يصدر تسوية للأمر، وعندما لم تتخذ المدرسة الإجراءات اللازمة، تم إصدار قرار بإغلاق المدرسة، حيث كان القرار أصدر من وزارة التربية في الشهر الثامن إلا أن الإدارة رغم ذلك قامت بالدعاية للمدرسة والافتتاح".
جدل المحافظة والتربية
انتقد أحد أعضاء المكاتب التنفيذية في محافظة ريف دمشق قرار وزير التربية المتضمن "حرمان المديرة من أي ترخيص لمؤسسة تعليمية أخرى" واعتبره "مخالف للقانون، إضافةً إلى أنه يجب في هذه الحالة أن توضع المدرسة تحت إشراف موجه من التربية ريثما ينتهي الفصل الدراسي، تجنباً لبقاء الطلاب في منازلهم وحرمانهم من العام الدراسي".
بدورها ردّت نويصر على ذلك بأن "القانون واضح بتطبيق إجراء الإغلاق لأي مدرسة مخالفة قبل بدء العام الدراسي وليس بعد بدءه، حيث أن إلغاء الترخيص بالنسبة لمخالفة مدرسة دار المعالي قبل بداية الفصل الدراسي موضح في المرسوم التشريعي 55، حيث يمتد الإغلاق من 2 إلى 4 سنوات ليس أكثر".
مديرة مدرسة دار المعالي، وصفت قرار الإغلاق "بالجائر والشخصي" وانهالت بالتهم على مكتب التعليم الخاص في مديرية تربية ريف دمشق ووزارة التربية لأنهم "خالفوا القانون وأغلقوا المدرسة ومنعوها مدى الحياة من أي ترخيص آخر" حيث كان لها العديد من المبررات لبقاء أبواب مدرستها مفتوحة للطلاب.
الخلاف على عرض الشارع
وحول مخالفة المدرسة لإجراءات نقلها من موقع قديم إلى موقعها الجديد في قرى الأسد، قالت مديرة مدرسة دار المعالي الخاصة رزان شعبان إنه "كانت مدرستي موجودة في منطقة قدسيا وعندما قررت التوسع بالتدريس ليشمل التعليم الأساسي قررت الانتقال إلى منطقة "يعفور"، فرضت عليّ عدة شروط، طبقتها جميعها، عدا شرط وحيد وصغير متعلق بمحافظة ريف دمشق ".
وتابعت رزان "الشرط الوحيد الذي لم يطبق كان عرض الشارع المقرر أن يكون 12 متراً، حينها كان الشارع الذي تطل عليه المدرسة بعرض 6 أمتار فقط في منطقة يعفور".
وأضافت "عندها قررت الانتقال إلى منطقة قريبة إلى "يعفور" وتوسيع التدريس داخل المدرسة ليشمل التعليم الأساسي، وكانت قرى الأسد هي المنطقة الأقرب".
وأردفت رزان "بدأت بإجراءات النقل في المحافظة وحصلت على الموافقات اللازمة، وفي ذات الوقت كنت أقوم بقبول طلبات نقل الطلاب إلى مدرستي".
لكن وبعد حصول مديرة المدرسة على الموافقة من محافظة ريف دمشق كانت الأمور تزداد تعقيداً حسب قولها، وقالت "بعد حصولي على الموافقة من المحافظة، وعدتني بدورها بإرسال الكتاب إلى التربية، حينها راجعت مديرة التربية في ريف دمشق التي اتهمتني بتجاهلها في الحصول على الموافقات واللجوء إلى المحافظة قبل اللجوء إلى المديرية، وبدأت بتلقي تهديدات عديدة بإغلاق مدرستي في حال لم يتم تنظيم الإجراءات التي تريدها التربية".
الشرطة تغلق وتشمع
لم تتوقف رزان مديرة مدرسة دار المعالي عند هذه النقطة، وتابعت محاولاتها، حيث قالت "لم أتوقف هنا، وتقدمت بطلب إلى وزير التربية للترخيص، لهذا افتتحت المدرسة ريثما يأتي الرد، وفي تاريخ 11/10/2009 زارت المدرسة لجنة من تربية ريف دمشق على رأسها مديرة التعليم الخاص فيها، حيث اطلعت على أوضاع المدرسة، ولم يخبروني بشيء، وفي اليوم التالي تفاجأت بسؤالي من قبل التربية عن كيفية بقاء مدرستي مفتوحة دون موافقة".
بتاريخ 12/10/2009 أغلقت دار المعالي للمرة الأولى من قبل شرطة قرى الأسد، وأعيد الأطفال إلى منازلهم، إلا أنهم عادوا إلى الدوام في اليوم التالي، "لأن الشرطة لم تحمل كتاباً رسمياً بالإغلاق" حسب ما قالته مديرة المدرسة، وتابعت "وكاليوم السابق حضرت شرطة قرى الأسد إلى المدرسة في منتصف الدوام الرسمي، وقامت بإغلاق المدرسة بالشمع الأحمر وإخراج الكادر التدريسي والأطفال إلى الخارج".
لم تستكمل الترخيص
أما وزارة التربية فتتحدث عن مخالفات أخرى إضافةً للمتداول، وقال معاون وزير التربية محمد محمود محمد لسيريانيوز إن "مدرسة دار المعالي كانت مرخصة بالقرار رقم 1048 تاريخ 8/5/2002 باسم السيدة رزان شعبان لتدريس مرحلة الروضة فقط في منطقة قدسيا وقد حصلت على موافقة الوزارة لنقل مقر المدرسة إلى يعفور والتوسع بإضافة الحلقة الأولى إلا أن البناء لم يحصل على موافقة المحافظة نظراً لكون عرض الشارع أمام بناء المدرسة 6م بينما كان المطلوب 12 متراً".
وأردف محمد "قامت صاحبة العلاقة بنقل المدرسة إلى قرى الأسد حيث بدأت بإجرات الترخيص من المحافظة وقامت باستقبال الطلاب مع بداية العام الدراسي 2008/2009 قبل استكمال إجراءات ترخيص البناء، ودون أن تقدم أي طلب لمديرية التربية إلا بعد أن قامت المديرية بزيارة المدرسة واقتراح إغلاقها من قبل اللجنة الفرعية، حيث تبين افتتاح شعبتي روضة وخمس شعب للصفوف الستة الأولى بمجموع كلي 27 طالب".
وعن وضع الطلاب المسجلين في المدرسة قال محمد إنه "عرض وضع المدرسة أكثر من مرة على اللجنة الرئيسية حيث اقترحت في الفصل الدراسي الأول للعام 2008/2009 توزيع الطلاب المسجلين في المدرسة على مدارس أخرى وفرض عقوبة التعويض على الإدارة، تمهيداً لإلغاء الترخيص الممنوح للمدرسة إلا أن صاحبة العلاقة تابعت تسجيل الطلاب في الفصل الدراسي الثاني".
أما عن العقوبة المرفوعة بحق المدرسة من قبل وزارة التربية فقال محمد إنه "فرضت عقوبة تعويض مقابل الضرر بحق المدرسة بمقدار 672500 ل.س لقيامها بنقل مقرها واستقبال 14 طفل في مرحلة الروضة و13 تلميذ في الحلقة الأولى، إضافةً إلى إلغاء الترخيص الممنوح لصاحبة العلاقة".
وعن مخالفات المديرة الأخرى، لفت محمد إلى أنه "صدر قرار الإلغاء برقم 1811/943 تاريخ 9/8/2009 ومع ذلك قامت صاحبة العلاقة بتسجيل طلاب العام الدراسي 2009/2010 إلا أن المديرية تابعت أمور الإغلاق وتوزيع الطلاب مجدداً" مضيفاً أنه "تقدمت صاحبة العلاقة مؤخراً بعدة طلبات لإعادة النظر بوضع المدرسة ونظراً لعدم تقديمها لمعطيات جديدة وجه السيد الوزير أمراً برد اعتراضها".
يشار إلى أنه تم نقل الأطفال الـ4 الذين سجلهم أبو باسل في مدرسة دار المعالي إلى مدارس أخرى بعد مضي حوالي الشهر من بداية الفصل الأول، في حين بقي باسل في بيته قرابة الشهرين ونصف حتى تم نقله لمدرسة خاصة أخرى، أما عن بقية الطلاب فلم يتسن لسيريانيوز التواصل معهم لمعرفة مصيرهم.
حازم عوض، حسام قدورة – سيريانيوز شباب