وباتت موسيقى الراب و"ستايلاتها" تلقى انتشاراً كبيراً بين البعض من شباب اليوم، كونها موسيقى "راقصة" كما يقول البعض، وكونها تحمل كلمات تعكس حياة المغنين شخصياً "ما يجذب الاهتمام بتفاصيل حياة الآخرين".
والتقت سيريانيوز بعض سامعي هذه الموسيقى في محاولة لرصد أفكار جماعاتها ومعرفة تفاصيل أخرى عنها، وقال طارق 23 إن "ما يعجبني بهذا النوع من الموسيقى هو أنه يدفعني للرقص، وأنا معجب بمطربيه لدرجة تقليدي لهم في لباسي، وشعوري بأنني أنتمي لهم".
وأضاف طارق "لا أنكر وجود الكلمات البذيئة في أغلب أغاني الراب، لكن بالمقابل هناك أغاني معبرة جداً لبعض المطربين".
وعن عدم وجود التزام أخلاقي في أغاني الراب وفيديو كليباتها، قال طارق "لا يجب التركيز على هذه الأمور فموسيقى الراب لا تقف هنا فقط، وغالبية سامعي الراب المراهقين هم من يروجون لهذه الفكرة، لأنهم لا يهتمون بنوعية الموسيقى، أو سبب نطق المغنين لهذه الكلمات النابية، ويتأثرون فقط بتصرفاتهم وكلامهم ويقلدونهم فيه".
وتابع طارق "هذه الموسيقى ابتكرت للرقص، وليس لها أي دور في نشر الرذيلة في مجتمعاتنا العربية، بل على العكس فموسيقى الراب تعطي شعور بالسعادة والانطلاق للحياة".
وموسيقى الراب تمزج بين لفظ كلمات الأغاني من دون الالتزام بلحن معين، مع الإيقاع السريع وكان هذا النوع من الموسيقى انتشر في الولايات المتحدة الأمريكية بداية السبعينات في ولاية نيويورك على أيدي الأمريكيين الأفارقة، كما انتشر عالمياً في التسعينات.
مجرمون وعصابات... والرابجية يعرفون ذلك ويحبون هذه الموسيقى لهذا السبب
وللتعرف على أنماط الموسيقى وتقسيمات المطربين قال عدنان 23 سنة (رابجي من 6 سنوات) إن "مطربي الراب ينقسمون أساساً بين عصابتي الكرب والبلود ثم ظهرت THUG LIFE التي أسسها 2PAC وانضم إليهما العديد من أعضاء الكرب والبلود.
وتتمحور أغاني الراب هذه حول التفاخر باستطاعة المطربين المادية وما يملكونه من "عاهرات" ، بالاضافة إلى "الإعلاء من اسم العصابة التي ينتمون إليها مستهزئين من العصابات الأخرى" باستخدام بعض الكلمات البذيئة، وهناك العديد من العصابات الأخرى مثل بلاك وول ستريت وعصابة G-unit التي المطرب أخرجت THE GAME من السجن وانضم بعدها إلى بلاك وول ستريت من ثم أطلق على g-unit اسم G-unot.
وقال عدنان إنه "توجد لكل عصابة حركات يدين ورقصات خاصة بها يستخدمها أعضاء هذه العصابات أو المستمعون لهذا النوع من الموسيقى للدلالة على نمط الراب الذي يستمعون إليه".
وحول طريقة الحصول على الأغاني، قال عدنان "أغاني الراب غير ممنوعة في سوريا رغم بذاءة كلماتها والحصول عليها سهل وبسيط فأنا أشتريها من المحال أو أسحبها من الانترنت".
وبدوره قال ياسر 24 عاما ومستمع لأغاني الراب إنه "ينطوي تحت موسيقى الراب العديد من الأنماط منها beef, free style, r n b, & gung، ونمط الغانغ والبيف هو الذي يعتمد على العصابات واستخدام الكلمات النابية في الأغاني".
وأضاف "تختلف طرق السلام وإشارات اليدين الدالة على الأنماط من نمط لآخر، فالبلوود سلام يختلف عن الكريب ويختلف عن التاغ لايف، ومع سلام اليدين تستخدم عبارات للحط من شأن النمط الآخر مثل بلوود أب كريب داون... وهكذا".
وأضاف ياسر "هناك بين الشباب انتشار كبير لهذه الموسيقى لكن من دوعي لهذه الحقائق، فقد يستمعون لنمط العصابات ويرددون كلماتها من دون فهم للمعنى، مما يسيء لسمعة "الرابجية" بشكل مباشر ويحط من قيمة هذه الموسيقى".
أصل الموسيقى للسجناء الزنوج... وتحول من هف سام إلى كلمات بذيئة
وعن حقيقة الراب وبدايات ظهوره قالت ديمة علية مدرسة لغة إنكليزية ومهتمة بموسيقى الراب إن "الراب نشأ في السجون الأمريكية من قبل الزنوج الذين سجنوا ظلما من البيض وتركزت الأغاني على القضايا الإنسانية.
وتابعت علية "بدأت هذه الموسيقى بشخص يعبر عن معاناته بكلمات متتالية وآخر يرد عليه ويكمل في نفس الموضوع إلى أن تطور الأمر إلى منافسات كلامية عن حقوق الإنسان ومأساة الزنوج بكلمات تحمل الكثير من الكلام البذيء الموجه للبيض".
وعن موضوعات الأغاني التي لم تبق على حالها رغم احتكار الزنوج لهذه الموسيقى قالت مدرسة اللغة الانكليزية إنه "تحولت مواضيع أغاني الراب من حقوق الإنسان ومعاناة الزنوج إلى الاهتمام بالمال والجنس والفتيات" مشيرةً إلى أنه "يوجد القليل من الأغاني الحديثة التي تحمل معاني سامية مثل أغنية "إيمينيم" وهو الأبيض الوحيد الذي استطاع غناء الراب، عن حرب العراق ومعاناة الأطفال إضافة إلى انتقاده لسياسة بوش والمعاناة النفسية للجنود الأمريكيين وغيرها من الظواهر الاجتماعية".
وحول نوعية الكلمات المستخدمة في الراب قالت علية إن "الراب له مصطلحات خاصة به ابتكرها المغنين وتدور حول موضوع الأغاني ذاته وتحمل المعاني الفاضحة لتعبر عن الأغنية وللأسف انتشرت هذه الكلمات بين الشباب بشكل واسع وخاصة في دول أوربا الغربية أمريكا والآن في الشرق".
من يستمع إلى هذه الموسيقى تتولد لديه رغبة في الانعزال
وللتعرف على الجوانب النفسية للموضوع التقت سيريانيوز مع الخبير النفسي والاجتماعي أسامة خليفة الذي قال إن "موسيقى الراب تتضمن السرعة والصخب الذي يؤثر في المستمع إليها وتثير غضبه وتوتره، وتتعاظم التأثيرات لتسيطر على أسلوب الشخص في التعامل مع المواقف الحياتية فيتسرع في إصدار قراراته وأحكامه على الأمور وهو ما يعرف بأنه صفة سلبية تؤدي بصاحبها إلى المشاكل".
وأضاف خليفة إن "من يستمع إلى هذه الموسيقى تتولد لديه رغبة في الانعزال عن الآخرين ويشعر بالغربة عن مجتمعه وهذا ما نلحظه من خلال تجمعاتهم وحركات يديهم وسلامهم وملافظهم" مضيفا أن "الكلمات البذيئة الطاغية في هذه الأغاني تنحدر بالشخص إلى الحضيض لأنها تتحول لمفردات يومية يستعملها الشخص في حياته العادية".
وعن رأيه بموسيقى الراب قال خليفة إن "الهدف الأول للفن يكمن في الارتقاء بالذوق العام ونشر الأخلاق الرفيعة لما تتسم به من قدرة على الدخول إلى النفس بسلاسة أما موسيقى الراب فتفتقد إلى كل مقومات الأغنية سواء من ناحية اللحن أو المعنى وحتى الأداء".
حازم عوض- سيريانيوز شباب