وفيما يعترض طلاب على هذا الفعل ويصفونه "بالمعيب"، يفسر مختصون هذه الظاهرة بأنها تعبر عن حالة نفسية تصيب الطلاب, وهي رد فعل على حالة الكبت التي يتعرضون لها جراء كثرة الدراسة.
سيريانيوز التقت مجموعة من طلاب الشهادتين لتسليط الضوء على هذه الظاهرة المتنامية ولمعرفة الأسباب الأخرى التي تدفعهم لمثل هذه التصرفات..
الدوس على الكتب بالأقدام
مما أثار انتباهنا بعد انتهاء امتحانات الشهادة الثانوية هذا العام، وجود شلة من طلاب الشهادة التعليم الأساسي أمام مركزهم الامتحاني في آخر يوم من الامتحان شكلوا دائرة وبدؤوا بتمزيق كتبهم ودفاترهم وكل ما يتعلق بالمنهج الدراسي ومن ثم الدوس عليها بأقدامهم والقفز فوقها بكل فرح وسعادة.
وعندما سألناهم عن هذا العمل, قال احدهم "إنهم لطالما انتظروا آخر يوم من الامتحانات بفارغ الصبر", وبأنهم "اتفقوا على هذا الإجراء منذ بداية العام الدراسي..."
الطالب معين الخليل "يفتخر" بتمزيق كتبه, ويقول إن "أول ما يفعله بعد أن يخرج من الامتحان هو تمزيق الكتب والدفاتر المتعلقة بالمادة التي تقدم لامتحانها", لافتا إلى أنه "يشعر براحة نفسية كبيرة عندما يقوم بهذا السلوك فالامتحان برأيه لا ينتهي بالفعل إلا إذا قام بالقضاء على كل ما يتعلق بالمادة من نوط وكتب وغيرها حتى يشعر أنه تخلص منها للأبد".
بدوره, قال محمود خطاب انه يقوم بتمزيق كتبه قبل دخوله إلى الامتحان", لافتا إلى أنه "يشعر بفرحة كبيرة عندما يقوم بهذا العمل مع أصدقائه".
ويضيف محمود أنه "لا يحب الاحتفاظ بأي كتاب مدرسي لأنه سيذكره كلما نظر إليه بالفروض والواجبات المدرسية التي لطالما أرهقته طيلة العام".
سلوك صبياني
وبينما نجد طلابا يقومون بإتلاف كتبهم وتمزيقها, نجد طلابا آخرين على الضفة المقابلة يرفضون هذه الأعمال ويصفونها بالصبيانية والمعيبة.
وقال الطالب محمد معراوي (شهادة تعليم أساسي) إنه "يرفض تمزيق كتبه وحتى لو انتهى الامتحان, خاصة وان للعلم حرمته".
وأضاف محمد أنه "يعيب هذا السلوك على الكثير من أصدقائه الذين ما إن ينتهي الامتحان حتى يبدؤوا بتمزيق الكتب", واصفا هذا السلوك بالصبياني الذي لا يليق بطلاب الشهادات".
من جهته, يوافق الطالب رويد (شهادة ثانوية) زميله محمد في الرأي ويفضل الاحتفاظ بكتبه, لأنه "يعتقد أنها قد تفيده في مستقبله, ومن الممكن اعتبارها مراجع هامة يستطيع الاستفادة منها عند الحاجة".
الطالبة راما زهدي (شهادة ثانوية) تقول إنها "لم تذكر يوما أنها مزقت كتابا مدرسيا بل العكس هي من محبي الكتب المفيدة ومقتنيها" .
وتعيب راما سلوك تمزيق الكتب على الطلاب الذين يقومون بذلك, قائلة إنها "بدلا من أن تمزق كتبها المدرسية التي انتهت من دراستها أو تلقيها في القمامة, تفضل إعطائها لأحد المحتاجين أو لأخوتها الذين يصغرونها في السن".
شارع بيتها تحول إلى مكب نفايات
وهذه الظاهرة لا تقتصر على كونها ظاهرة مؤذية للعين فقط وإنما مزعجة أيضا وتزيد من كمية القمامة والفوضى في الشوارع, حيث اشتكت السيدة أم عادل من تحول الشارع الذي تقطن فيه إلى "مكب نفايات" وذلك لوجود مركز امتحاني فيه.
وقالت أم عادل انه "يتم رمي الكتب والدفاتر عند ساحات المدارس وفي الشوارع بالشكل الذي يجعل كميات كبيرة من الدفاتر والأوراق والكتب تتطاير في الهواء ما أدى إلى تحول المنطقة وما حولها إلى اللون الأبيض", لافتة إلى أن "المشهد يتكرر كل عام وكل وسائل التوجيه لا تنفع مع الطلاب, ويتم ذلك بصورة سلبية ومشوهة للغاية".
من جهته, اشتكى عامل التنظيفات في منطقة المزة وجيه الأحمد من هذه الظاهرة, مشيرا إلى أن "شهر الامتحانات في كل عام دراسي مرهق ومتعب جدا بالنسبة له ولبقية عمال النظافة".
وأضاف الأحمد أن "الشوارع في هذا الشهر تغطى بالكراسات والكتب المدرسية مما يؤدي على مضاعفة الأعباء و الأعمال التنظيفية", مطالبا بـ "ضرورة وجود حوافز إضافية في شهر الامتحانات بالذات".
مرشدة تربوية: ظاهرة تمزيق الكتب غير حضارية
تعتبر المرشدة التربوية مريم ديب أن هذه الظاهرة "تعبر عن كبت وحالة نفسية" أصابت الطالب طوال العام لكثرة ما درس وخاصة طلاب الشهادات, لافتة إلى أن "عملية تمزيق الكتب تفرغ الكبت لديه حيث يعتقد الطالب أن تلك الكتب كانت سبب توتره وقلقه وإزعاجه طوال العام وإتلافه لها يشعره أنه تخلص منها للأبد".
وترى ديب أن هذه الظاهرة "غير حضارية", وتعبر عن قلة الوعي لدى الطلاب, بقيمة وأهمية هذه الكتب العلمية, وما صرف من أجلها من أموال طائلة من ميزانية وزارة التربية.
وأشارت ديب إلى "ضرورة تنبه القائمين على العملية التعليمية إلى هذه الظاهرة السيئة، والعمل على توعية الطلاب بقيمة الكتاب وبالمادة العلمية التي يحتويها بأنها مراجع مفيدة للطالب، أو يتم إعطاؤها إلى من يحتاج إليها من الطلاب الفقراء".
مدرّسة: المدرسة والبيت يتحملان أيضا مسؤولية هذه الظاهرة
وحسب رأي مدرسة التربية الدينية سميحة الحلبي فإن المسؤول عن هذه الظاهرة ليس الطالب وحده, حيث قالت لسيريانيوز إنه "لا يمكننا إلقاء اللوم على الطالب وحده, وإنما المتهم في هذه الظاهرة المدرسة والبيت قبل كل شيء"، مضيفة انه "من المفترض أن يكون هناك تنشئة جيدة من قبل الأسرة تجعله يتعامل بمثالية مع ما حوله وخاصة مصادر العلم والمعرفة".
وتتابع الحلبي "على المدرسة أيضا أن تناقش هذه الظاهرة من خلال وضع آلية تتعامل فيها مع الطلبة، بأن تحضر حاويات داخل أفنية المراكز الامتحانية, وتطلب من الراغبين التخلص من دفاترهم أن يرموها في تلك الحاويات بدلاً من تمزيقها ورميها في الشوارع".
أروى الباشا – سيريانيوز شباب