فخلال امتحانات شهادة التعليم الأساسي وامتحانات الشهادة الثانوية بفرعيها العلمي والأدبي, ومراعاة لأوضاع الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة تقوم الدولة بتأمين مركز امتحاني صحي خاص بهؤلاء الطلاب يسمى بمركز (عائشة الباعونية) مجهز بطاقم طبي كامل ولجنة استكتاب لمساعدة الطلاب على أداء العملية الامتحانية على أتم وجه, في سبيل مساعدتهم على اجتياز امتحاناتهم بنجاح لكي لا تكون إعاقتهم حجرة عثرة في طريق مستقبلهم.
وفي ظل ضغوط الدراسة وضغط الأهل على الطلاب كثيرا ما نسمع عن حالات مرضية ومشاكل صحية مثل تشنجات المعدة التي تنتج عن الخوف من الامتحان والإصابة بالدوار فضلا عن انخفاض الضغط ومشاكل صحية أخرى ناجمة عن التوتر والخوف من عدم النجاح في امتحانات الشهادات التي تعتبر قضايا مفصلية وهامة في تحديد مصائر الطلاب ومستقبلهم.
و"تقديرا لأوضاع الطلاب الذين يتعرضون لظروف صحية طارئة أثناء فترة الامتحانات"، يستقبل المركز الامتحاني الصحي ذاته هؤلاء الطلاب أيضا تسهيلا على الطالب وعدم حرمانه من تقديم الامتحان بسبب حالته الصحية.
لن نخيب أمل الوطن فينا
يده التي لا تمتلك سوى ثلاث أصابع وساقه الوحيدة لم تمنع الطالب حسان الخالد (شهادة تعليم أساسي) من تجاوز الامتحانات التي تقدم لها بسهولة وقال أنه "يحصل دائما على العلامات التامة في أغلب مواده ويطمح أن يصبح معلما في المستقبل".
وعن الخدمة التي يقدمها المركز الصحي قال حسان أن "الدولة بتأمينها مثل هذه المراكز تعقد علينا الآمال ونحن لن نخيب لأهلنا ووطنا ظنهم فينا بل سنكافئهم ونكافئ أنفسنا بالتفوق والنجاح".
الخوف من الامتحان أدى لإجراء عملية "الزائدة" لها
التوتر والقلق والخوف من الامتحان أدى إلى حدوث تشنجات معدية شديدة لدى الطالبة أسيل خليلي قبل أيام قليلة من الامتحان ما أدى إلى إجراء عملية (الزائدة) لها.
وفي ظل هذه الظروف لم تعد أسيل تستطع أن تقدم الامتحان بشكل طبيعي كبقية زملائها حيث تقدمت بطلب لمديرية الصحة بدمشق لنقلها إلى المركز الامتحاني الصحي مراعاة لظروفها الصحية.
وعن الخدمات التي يقدمها المركز تقول والدة أسيل "المركز يغطي كافة الخدمات التي يحتاج إليها الطلاب" وتصف الجو العام داخل المركز بالأسري والحميمي حيث أن "كل الأشخاص القائمين على المركز متفهمين ومتعاونين إلى أقصى درجة مع الطلاب في سبيل نجاحهم وتفوقهم".
الإعاقة الجسدية لا يمكن أن تعوق التفكير
الحركية التي يعاني منها أويس عبدا لله لم تعق تفكيره وذكائه ورغم عدم وجود الأطراف الأمامية الخاصة باليدين لديه أيضا إلا أن ذلك دفعه إلى "الإصرار على مواصلة تحصيله الدراسي" و لم يشكل أي عائق في وجه طموحه وتحقيق أحلامه بأن يكون "شخص فعال في المجتمع وليس عالة ينفر الآخرين منها".
ويتشاطر قصي الرفاعي مع زميله أويس الحلم ذاته بأن "يصبح إنسانا منتجا ومفيدا لنفسه ووطنه ليثبت لكل الناس بأن الإعاقة الجسدية لا ترتبط أبدا بالإعاقة الفكرية ولا يمكن أن تقف أبدا في وجه الطموح والأحلام".
الطالبة كنانة أجرت في عام 2000 عملية استئصال ورم دماغي وهي الآن تخضع لجلسات معالجة أشعة ولكن مرضها ذلك لم يمنعها من تقديم امتحانها والتحضير "له على أتم وجه".
وأشار والدها إلى "الخدمات الممتازة" التي يقدمها المركز الامتحاني الصحي لابنته حيث "تساعدها لجنة الاستكتاب على القيام بعملية الكتابة لأن مرضها تسبب في بطء الكتابة لديها".
الطالب محمد المصري الذي يعاني من الشلل الدماغي والنطق الضعيف لا يستطيع مسك القلم والكتابة بمفرده, وأمام أوضاع محمد الصحية التي لا تسمح له بالكتابة أو حتى النطق السليم فإنه يضطر لإحضار ورقة تشمل كافة الحروف ليشير إلى حروف كل كلمة بمفردها للشخص الذي يكتب عنه.
وتقترح شقيقته التي كانت بانتظاره خارج المركز "ضرورة توفير كمبيوترات محمولة للطلاب الذين لا يستطيعون مسك القلم" وتقول أن "محمد يتمتع بذكاء حاد رغم إعاقته ويستطيع الكتابة على لوحة المفاتيح بسهولة وبالتالي فإن توفير الكمبيوترات يوفرالوقت والجهد لكل من الطالب والشخص الذي يشرف عليه".
قرار الدمج في المدارس خطوة إيجابية
السيدة سحر جبر والدة أحد الطلاب المعاقين تقول أن "أصحاب الشلل الدماغي لديهم قدرة عالية على التفكير والإبداع تفوق أحيانا قدرات الأطفال الطبيعيين".
وتضيف بأن "ابنها يتمتع بدرجة كبيرة من الذكاء فهو يكتب الشعر والقصص القصيرة ويجيد استخدام الكمبيوتر وتطبيقاته".
وتقترح جبر ضرورة أن "يتألف أعضاء اللجنة الكاتبة من أشخاص مختصين بالتعامل مع أصحاب الشلل الدماغي فابنها لا يستطيع التكلم مع أحد رغم ذكائه الحاد".
وتضيف: "يجب أن يكون الدرج المخصص لكراسي الطلاب المقعدين مهيأ بشكل أفضل مما هو عليه".
وتشيد جبر بقرار دمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة مع الطلاب الطبيعيين وتعتبره "خطوة إيجابية وجيدة من قبل الدولة لمساعدة أولئك الطلاب على مواصلة حياتهم بشكل طبيعي".
التعامل في المركز إنساني والخدمات متكاملة
الطالبة عفراء رزوق تعرضت لحادث سيارة مؤلم أدى إلى إعاقة حركتها بالكامل قبل الامتحان بشهر واحد وبالتالي فعفراء تبقى مستلقية على ظهرها على سرير متنقل خاص بها حتى داخل القاعة الامتحانية ويقوم أشخاص من اللجنة الكاتبة بمساعدتها والكتابة عنها.
وتقدم والدة عفراء "الشكر للدولة" التي تقوم بتأمين مثل هذا المركز لكي لا يحرم أي طالب من أداء امتحانه وتضيع السنة عليه مهما كانت ظروفه وتقول أن "التعامل في المركز إنساني والخدمات شاملة وكاملة".
أما الطالبة دعاء الزوفي فقد تعرضت لحادث سيارة قبل الامتحان بأربع أيام أدى إلى إحداث كسور متنوعة باليد والمرفق والأضلاع إضافة إلى تمزق حاد في الأربطة ما اضطرها إلى الالتحاق بالمركز الامتحاني الصحي.
وتقول دعاء أن المعاملة داخل المركز "ممتازة" ومثل معاملة المشفى تماما حيث يؤمن المركز ساندات خلف الرأس لكل طالب يحتاج لذلك كما يحرص المشرفون على إعطاء الدواء للطلاب في الوقت المحدد.
المركز فرصة حقيقية لكل طالب تعرض لحادث طارئ
الطالب بشار علي تعرض لحادث أدى إلى إحداث كسور في يده اليمين ومرفقه مما أعاق قدرته على الكتابة.
ويصف بشار الخدمة داخل المركز بـ "الممتازة" ويقول أنها "فرصة حقيقية لكل طالب تعرض لحادث طارئ أو مفاجئ قد يمنعه من تأدية الامتحان".
الطالبة نوال إبراهيم (مقعدة) من مركز الكرامة لتأهيل المعاقين عانت قليلا من إجراءات السماح لها من قبل المركز بالتقدم للامتحان حيث احتاج السماح لها بالخروج من المركز إلى خمسة تواقيع من قبل المسؤولين عنها في المركز.
وتقول نوال أن "لجنة الاستكتاب متعاونة جدا مع الطلاب وتوفر أجواء نفسية مريحة لنا".
20 مركز صحي احتياطي في دمشق ومركز رئيسي
وللتعرف على الوضع المتكامل للمركز الصحي سيريانيوز التقت مدير المركز فوزي المصري حيث قال: "المركز يستقبل كل الطلاب الذين يحتاجون لمساعدات طبية إضافة إلى الحالات الإسعافية الطارئة وذوي الاحتياجات الخاصة وعدد الطلاب فيه يتراوح من أربعين إلى خمسين طالب بين التعليم الأساسي والشهادة الثانوية, أما لجنة الاستكتاب المخصصة لمساعدة الطلاب فيراعى فيها أن لا تكون اختصاصات الكتبة المساعدين في نفس إطار المادة التي يقدم الطلاب امتحان بها وتتكون من (34) شخص بين مراقب وكاتب".
وأشار المصري إلى وجود "20 مركز صحي في كل منطقة تعليمية ومهمة هذه المراكز معاينة الحالات الإسعافية الطارئة التي تصيب الطلاب في المراكز الامتحانية العادية ومن ثم تحويل هذه الحالات إلى المركز الامتحاني الصحي والوحيد في دمشق".
وأضاف المصري أن "هناك مركز امتحاني واحد في دمشق متخصص للطلاب الصم والبكم وآخر يستقبل الطلاب المكفوفين مع وجود خبير في مديرية التربية بلغة الإشارة..".
شروط تقديم الامتحان في المركز الصحي
ولتسليط الضوء على الشروط التي يتم بها قبول الطلاب في المركز والإجراءات الواجب اتخاذها من قبلهم لتقديم امتحاناتهم فيه التقينا رئيسة دائرة الصحة المدرسية في دمشق د. مها قلطقجي التي قالت أن "الأعمال تبدأ من بداية الفصل الدراسي الثاني حيث يقدم الطالب طلبا لدائرة الامتحانات ليتم تحويل الطلب من قبل مدير التربية للصحة المدرسية لفحص الوضع الصحي للطالب, حيث يتم دراسة وضع الطالب بعد أن يجلب معه ملفه الطبي الكامل ومن ثم يتم تحديد حالته الصحية بالضبط لتحديد نوع المساعدة التي يحتاجها".
وأوضحت د. قلطقجي أن "كل قاعة مخصصة لنوع معين من المساعدات حيث تحوي بعض القاعات على تجهيزات طبية متكاملة من أسرة صحية وسيرومات وكافة وسائل العناية والراحة التي يحتاجها الطالب المريض".
وأشارت د. قلطقجي إلى أسماء معاهد التأهيل والعناية بالمعاقين التي يأتي منها طلاب الحالات الخاصة إلى المركز الامتحاني الصحي حيث قالت أن "المركز يستقبل طلابا من معهد التربية الخاص للمكفوفين وطلابا من مراكز الأمل للحالات الخاصة إضافة إلى طلاب من دار الكرامة لرعاية المعاقين والمسنين".
أما الطبيبة الثانية في المركز الصحي والتي لم ترغب ذكر اسمها فقد قالت أن الخدمات التي يقدمها المركز للمعاقين والحالات الخاصة "تقدم للطلاب بالتعاون وزارة العمل والشؤون الاجتماعية".
وطالبت الطبيبة "بضرورة وجود تغطية تلفزيونية متكاملة تصور الطلاب وتسلط الضوء على مدى مكافحتهم وتمسكهم بالأمل رغم إعاقتهم للوصول إلى أعلى المراتب العلمية".
وبالنسبة لأعضاء الفريق الطبي في المركز الامتحاني الصحي قال المساعد الصحي فواز خطيب أن "المركز الامتحاني الصحي مجهز بسيارتين إسعاف وطبيب وطبيبة وممرضتين وغرفة إسعاف خاصة إضافة إلى مساعدين صحيين لتقديم أفضل الخدمات للطلاب ولمواجهة كل حالات الطوارئ التي قد تأتي للمركز فجأة".
كثرة حالات الإغماء في اليوم الأول من الامتحان
الممرض نضال المقصود قال أن "الخدمات الطبية التي يتم تقديمها للطلاب متكاملة وتراعي ظروف كل طالب".
وأضاف أنه "في اليوم الأول للامتحانات كان هناك عشر سيارات إسعاف موزعة على التجمعات الكثيفة للمراكز الامتحانية, إضافة إلى وجود سيارة إسعاف متجولة على كل المراكز وطبيب مخصص في كل مركز لمعالجة الحالات الطارئة التي تواجه الطلاب".
وأشار سائق سيارة الإسعاف محمد الشهري إلى "وجود الكثير من حالات الإغماء وفقدان الوعي التي تواجه الطلاب وخاصة في اليوم الأول من الامتحان".
وجود شخصين لحمل الطلاب المعاقين غير كاف
أما الشخص القائم على مساعدة الطلاب المعاقين عن طريق حملهم من الباص إلى المركز الامتحاني (أحمد مريمة) فقد قال أن "وجود مساعدين فقط لكل الطلاب أمر غير كافي ورأى ضرورة توفير أكثر من مساعد للطلاب وذلك حرصا على السرعة وعدم تأخير الطالب عن موعد امتحانه".
ويقترح مريمة "ضرورة أن يكون الدرج الخاص بالمركز أوتوماتيكي تسهيلا لمهمة توصيل الطالب إلى القاعة الامتحانية بيسر ونظام".
من جهتها العضو في لجنة الاستكتاب والمراقبة في المركز الامتحاني الصحي بسمة بريدي شرحت لنا وضع الطلاب داخل القاعات الامتحانية وطبيعة الخدمات المقدمة لهم حيث قالت أن: "هناك مقاعد تناسب كل حالة مثل الكسور بالورك والحوض إضافة إلى وجود فرشات صحية للحالات الصعبة فضلا عن وجود أربع أسرة للطلاب الذين تستوجب ظروفهم ضرورة الاستلقاء على الظهر".
وأشارت بريدي إلى إمكانية السير للطالب المريض الذي يعاني من حالة خاصة تستوجب المشي بين فترة وأخرى إضافة إلى "اصطحاب أي طالب إلى التواليت عند الحاجة".
ضرورة وجود حملات توعوية للتعريف بوجود المركز
أحد العاملين في المركز الصحي ويدعى هيثم جبري سلط الضوء على نقطة هامة وهي أن هناك بعض الطلاب والأهالي "لا يعلمون بوجود مثل هذا المركز لاستقبال الحالات الطارئة".
ويرى جبري أن "هذا الأمر ناتج عن عدم التوعية الكافية من قبل المدارس ووزارة التربية أو قد يكون ناجم أحيانا عن الجهل وقلة الوعي من قبل الأهالي".
ويقترح جبري "ضرورة وجود حملات إعلامية وتوعوية تعرف الناس بوجود هذا المركز الصحي لكي لا يحرم أي طالب من تأدية امتحانه لأي سبب من الأسباب".
يعود الطالب لمركزه الامتحاني الأصلي بعد أن يتعافى
وكان مدير تربية دمشق هزوان الوز قال في وقت سابق لصحيفة الثورة المحلية أنه "قد تم فرز عدد من الأطباء والمساعدات الصحيات للمراكز الاحتياطية للامتحانات العامة لمعالجة حالات الإسعاف الطارئة في مركز الامتحان.
إضافة إلى الرعاية الطبية أثناء الامتحانات العامة حيث يتهيأ أطباء الصحة المدرسية وممرضوها طوال فترة الامتحانات.
وأضاف الوز "تم تشكيل لجنة طبية مؤلفة من مدير التربية رئيساً وطبيبين من الصحة المدرسية لفحص الطلاب المتقدمين للامتحانات وتزويد المركز الصحي والمراكز الاحتياطية بحقائب إسعاف تحوي المواد الطبية اللازمة".
"كما تم فحص الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة طبياً, وتم تأمين لجان استكتاب لهم مؤلفة من اثنين أحدهما مدرس, وتبدل هذه اللجنة يومياً, ويحظر فيها تكليف مدرس اختصاصي في امتحان مادة اختصاصه".
وأشار الوز إلى أن "الحالات الطارئة التي يتعرض لها الطالب السليم خلال أيام الامتحان يتم تحويلها إلى المركز الامتحاني الصحي حتى يتعافى الطالب ويعود بعد ذلك لمركزه الأصلي".
أروى الباشا – سيريانيوز شباب