ويصر أنصار هذا الفرع من التعليم الثانوي على جدواه المادية للطالب المنتسب إليه بعد المرحلة الإعدادية، إذ يغلب أن يتاح لخريجي هذا الفرع من التعليم، فرص عمل مقبولة، وبنسب عالية، سواء في اختصاصات التجاري، أو المهني الخاص بالذكور كنجارة الخشب والموبيليا، أو الفرع الصناعي، إلى جانب المعلوماتية، وفرع التعليم الفني للإناث.
ويعتقد بعض المتحمسين لهذه الاستراتيجية في التعليم أن الفرص المتاحة لخريجي الثانويات الفنية والمهنية، قد تكون أوفر حظاً، وأكثر جدوى، من تلك المتاحة للحاصلين على الثانوية العامة بفرعيها الأدبي والعلمي، الذين عادة ما يعانون لسنوات، في معالجة قضية اجتياز الثانوية العامة بمعدل مناسب يتيح لهم الانتساب إلى كلية أو معهد، مقبول من طرفهم، في ظل المعدلات المتصاعدة سنة تلو الأخرى في مجال القبول الجامعي في سوريا.
وفي إضافة إلى ما سبق، يذكِّر المتحمسين للتعليم الفني والمهني بالفائدة الاقتصادية – الاجتماعية العالية التي تنال المجتمع عموماً، عبر تأمين أيدي عاملة مدربة ومحترفة، وتتمتع بعقلية علمية مقبولة، لتغطية كافة المهن المطلوبة في السوق السورية.
لكن في مقابل كل ما سبق يتحدث بعض المختصين عن أن التعليم الفني والمهني عادة ما يخرِّج أشخاصاً معتلين نفسياًًًًًًًًً، وقد تكون أبرز سلبيات هذا التعليم هي تلك الخاصة بالجانب النفسي والاجتماعي، فالطالب الدارس في فروع التعليم الفني والمهني وخاصة منهم الذكور تحديداً، حسبما يلاحظ الكثير من المختصين والمدرسين العاملين في هذا المجال، يعانون بالإجمال، من النظرة الفوقية لمجتمعهم حيال المهن اليدوية، فحالما ينتسب طالب ما إلى التعليم الفني والمهني نتيجة معدله المنخفض في الشهادة الإعدادية، سرعان ما يبدأ الأثر السلبي للمجتمع ينعكس عليه، إذ يُنظر إليه على أنه فاشل، لذا دخل التعليم الفني والمهني، والمشكلة أن تلك النظرة عادة ما تنعكس على أهل الطالب فيعامل معظمهم ابنه على هذا الأساس، أي أنه فاشل، مما يولد الكثير من الآثار النفسية السيئة على شخصية الطالب، الذي يكون وقتها في أخطر مراحل عمره من ناحية التكوين النفسي والشخصي.
لذا يلاحظ الكثير من المختصين والعاملين في حقل التربية، أن طلاب هذا الفرع من التعليم، يغلب عليهم العنف والتمرد واللامبالاة وضعف الثقة بالنفس، حتى أن مدارس التعليم الفني والمهني، تعرف عادة بكثرة الشغب والمشكلات المتعلقة بتمرد الطلاب وباعتدائهم على بعضهم، وتكثر فيها حالات الانحراف النفسي والسلوكي.
والحصيلة أن هذا التعليم الفني والمهني، يخرِّج أجيالاً مريضة نفسياً في معظمها، ويندر منهم من يتمكن من الاستفادة من العلوم المهنية التي تلقاها في المدرسة، نظراً لأن الجانب السلبي يغلب على أجواء التعليم المهني ليضعف من حصيلة العملية التعليمية في مجملها، حسبما يرى الكثير من المختصين المعارضين لهذا الفرع من التعليم.
فما رأيك فيما سبق؟
كيف تقيِّم التعليم الفني والمهني في سوريا من حيث الجدوى الشخصية للدارس فيه، ومن حيث الجدوى الاجتماعية والاقتصادية لعموم المجتمع؟
وهل تعتقد بضرورة الاستغناء عن هذه الاستراتيجية التربوية في سوريا، أم أنه يمكن تجاوز سلبياتها، وتثمير إيجابياتها، عبر القيام بجملة إصلاحات في السلك التربوي المعني بهذا الفرع من التعليم؟
وهل يعاني دارس التعليم الفني والمهني في سوريا من نظرة اجتماعية سلبية، وهل يمكن معالجة آثارها، أم أن تلك النظرة تساهم حقاً في خلق شخصيات غير سوية نفسياً، عادة ما يعودون بالضرر على عموم المجتمع؟