syria-news.com
الصفحة الرئيسية
من نحن
اسرة الموقع
أكثر المواضيع قراءة
الإعلان في سيريانيوز
الإتصال بنا
المساهمات في هذا الباب لاتعبر بالضرورة عن رأي المركز
الشام في رمضان ... بقلم : ابن الشام
مساهمات القراء

من المعروف أن هذا الشهر الفضيل لم يقبل فيه عندنا حتى الآن الاثبات بالحسابات الفلكية مع أنها دقيقة .. وذلك عملاً بالحديث الشريف (( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته - يعني هلال رمضان وهلال شوال ))


وكان من يترقبون الهلال يذهبون عندما تقترب ولادته الى أماكن مرتفعة ليرقبوه عند الافق ( ويقال أن عائلة الشواف أخذت اسمها من اعتياد تلك الرؤية ) فإن رأوه .. ذهب من رآه الى المحكمة الشرعية .. فشهد .. وتقبل في ذلك شهادة الفرد.

 

وكان العامة من أهل دمشق يتضاحكون دائماً حول الاثبات الذي يأتي غالباً من حماه .. ويقال ان شخصاً بعين واحدة ( العين الثانية كريمة كما يقال ) هو الذي يراه دائماً .. وقد يكون ذلك صحيحاً لأنه يعني قدرته على التركيز وقد تكون العين الواحدة ( حديدية ) البصر وذلك تعويضاً عن الاثنتين .. كما كانوا يتضاحكون حول مصلحة تجار اللحوم ( وهم من حماه أيضاً ) في إثبات العيد .. وأنا في هذا لست في بادر السخرية من أحد .. وحاشا لله أن أفعل .. إنما اردد الأقوال الباسمة والشائعة بين الناس وهي جزء من فولكلور رمضان .

 

ربما كان من الأصح الأخذ بالحسابات الفلكية ويكون هذا بتفسير الرؤية بأنها لا تقتضي دائماً رؤية البصر وإنما يمكن أن تكون رؤية العقل واليقين والآلة .. على أنني لست أفتي وإنما أتمنى أن يوجد من يفتي بذلك ليتوحد الصوم والعيد في كل البلاد العربية .. والصديقة.

 

تكريزة رمضان

عندما ( يثبت ) الشهر تطلق المدافع ( مدافع رمضان الصوتية ) إيذاناً بذلك ويقبل الناس بعضهم على بعض يتباشرون ويهنئون .. ثم تبدأ الاستعدادات للصوم.

 

على أن من أغرب الاستعدادات للصوم ما يسميه الدمشقيون ( تكريزة رمضان ) وهي أن يسبقوه باحتفال يأكلون فيه ما يريدون .. وغالباً ما يكون ذلك بسيران أو سهرة حافلة .. وبعضهم ممن يحتسي الخمر في الأيام العادية يمتنع عنه تماماً في رمضان سراً أو علانية .. فتكون التكريزة مناسبة مهمة للاحتفال حتى التعتعة .

ثم بعد الانتهاء من الاحتفالات تغتسل الناس وتتوضأ لتنام على الوضوء وذلك تعبيراً منهم عن احترام ذلك الشهر الفضيل لدرجة التقديس.

 

وما أغرب وأعجب ( وأجمل ) ذلك التصرف ممن يحتسون الخمر من التزامهم بشهر الطاعة ذلك الشهر المحصور بين معصيتين إحداهما تسبقه والثانية تختمه وعن سابق تصور وتصميم ؟! ..

 

ان يوم الصوم يبدأ بلحظة الامساك عن الطعام قبل الفجر .. ولذلك فإن التقاويم التي تطبع ( وأشهرها الهاشمية على الاطلاق ) من أجل تعيين مواقيت رمضان تسمى ( الامساكية ) وكانت وما زالت جهات كثيرة تتبارى في طبعها وتوزيعها على الناس ليس كما يقال ( حسبة لوجه الله فقط ) وإنما كنوع من أنواع الدعاية التي تدخل قلوب الصائمين قبل عقولهم .. وهذه لا تنفي تلك .

 

أما السحور وهو الطعام الذي يأكله الصائم في آخر الليل حتى يحتمل ساعات الجوع والعطش الطويلة .. والناس يفيقون على طلقات المدافع ( الصوتية ) وبينهما ساعة من الزمن .. كما يوقظهم ( المسحر ) الذي يدور ويدق على طبلة وينادي : قوم يا نايم وحد الدايم قوم يا صايم وحد الله .. وغير ذلك من أنواع المناداة .. وقد يوصيه بعضهم أن يطرق عليه الباب أيضاً حتى يستوثق من أنهم أفاقوا لقاء مبلغ اضافي .. ويأخذ المسحر نوعين من الاكرام : العيدية في نهاية الشهر .. وشيء من الطعام خلال أيام شهر رمضان الفضيل .. وكثيراً ما كان يختلط الطعام بعضه ببعض إذا جاء من بيوت مختلفة .. ولذلك فإن تعبير ( صحن المسحر ) يدل على الفوضى أو على عدم الانتظام .. وهذا ما يذكرني بحفلات ( البوفيه المفتوح ) عندما أنظر الى الذين يسكبون صحناً ( مقوبعاً ) من كل الألوان بعضها فوق بعض .. والجشع قد ينزل بذوق الإنسان .. ولا أبرئ نفسي .. أحياناً .

 

أكثر الناس صاروا يتضايقون الآن من المسحر لأنه إذا كان سيبدأ من أول منطقة ما فإنه سيوقظ من في آخر المنطقة قرب موعد الامساك ووجود الساعة صار يغني عن ذلك .. هذا شيء .. والمسحر كان من أهالي المنطقة ( المعترين ) والمعروفين أما الآن فإن الغرباء هم من يقومون بذلك ولا يعرف أحد منبتهم ونواياهم ولا يرتاحون إليهم.

 

أظرف ما سمعت من مناداة المسحرين .. تلك العبارة الحلبية وبالإذن من أهل حلب حبايبي : قوم يا بو الحج قنبور قوم لحقلك مشداق مشداقين ( أي ما يملأ حنك حنكين ) الصبح بجيبي ورايح أدشو .... :)

 

كان رمضان شهر الخير والاحسان وليس شهر التنافس والتطاحن كما هو اليوم وليس شهراً استهلاكياً .. كانت الشام خلال يوم الصيام صورة واحدة لدى الجميع فلا أحد يأكل ولا يشرب علناً وذلك احتراماً لمشاعر اخوتهم الصائمين فكانوا اخوة حقاً رغم اختلاف مذاهبهم ودياناتهم وكان العرف يحتم على الجميع أن يكونوا يداً واحدة بالمساعدة والسؤال عن بعضهم في كل وقت وبالتعاضد سواء بين الأقارب أو بين أهل الحارة والمنطقة .. وتتجلى تلك الصورة بالـ ( مساكبة ) وهي ما تحدثت عنه سابقاً في موضوع أحياء دمشق وحاراتها واعيده هنا لأن الموضوع له صلة .. (( وكان هذا التعاضد يتجلى في ( المساكبة ) بين الجيران في الطعام ولاسيما في رمضان والمناسبات المماثلة .. فالأقربون والجيران عند المساء وقبل مدفع الإفطار كانوا يسكبون صحوناً من ( راس العرمة ) في طبختهم الجيدة ليرسلوها الى الأقارب والجيران ويتلقون منهم سكبات مماثلة فيكون الجود بالأجود وليس بالموجود فقط .. ويحس الناس بأنهم يسكنون بين الناس لا في ( الشول ) وهو أمر نفتقده - من حيث الاحساس به لا سواه - في الأحياء الجديدة وحتى القديمة التي اختلط فيها ( الحابل بالنابل ) فلم يعد الجار يتعرف على جاره )) ..

 

أما الآن ... فإن منظر دمشق في الساعات الأخيرة للصيام يثير الدهشة .. وربما الاستهجان ! .. الناس يتراكضون والميكروباصات مع التكاسي مع السيارات الخاصة والحكومية وحتى الاسعاف وهي كلها بالآلاف تكاد تأخذ بطريقها المارة من سرعتها وجنونها ؟ عدا عن الهواء الساخن والمعطر بالغبار والبنزين والمازوت وتلك الدراجات التي تتسلل بين مارة مستعجلين وكل واحد يحمل بين يديه غرضاً من السوق .. وقبل مدفع الافطار بقليل تسمع أجهزة ( الراديو والتلفزيونات ) على أعلى صوت لها تذيع بعضاً من آيات الذكر الحكيم التي لا يستمع إليها أحد ولا يفهمها أحد لانشغالهم بالركض .. ركض مجازي يضم كل ما نركض لأجله .. وفي البيوت تنهمك رباته بتضير أصناف الطعام ويساعدها كل من في البيت بتحضير المائدة وصف أصناف الطعام والشراب والحلويات و و و .. مما لا يؤكل منه سوى القليل ؟

وفجأة ... يعلن المذيعون والمذيعات بأصوات غير جائعة ولا عطشى ولا كهفية ولا تصدر من بطون خاوية : حان الآن موعد الإفطار ..

وينطلق المدفع والأذان .. وتنطلق أصوات الملاعق والشوك والسكاكين في شبه اوركسترا لو جمعت تلك الأصوات مع بعضها لطبق صليلها الآفاق ..

 

إلا ... عند عدد محدود ممن يعرف قيمة الصوم وحكمته ( أدعوا الله أن أصبح منهم ) وهؤلاء يقلون من الطعام ويبدؤون بلقيمات من التمر أو العجوة أو شراب محلى أو طبيعي من الفواكه أو العرقسوس أو التمر هندي أو غير ذلك .. ويجعلون من الشهر الفضيل شهر ضبط للنفس وشهر صدقات لا شهر اكتظاظ للمعدة بأطيب الأصناف واكتظاظ للخلق بأسوأ الطباع ؟

 

وأصبح من المعروف أن شهر رمضان الفضيل شهر استهلاكي كثيف .. خلافاً لما هو مرتقب .. اذ يكثر فيه الانفاق على الطعام وتطيب به الأصناف ولا يكتفى بلون أو اثنين ؟ ..

 

دعوت نفسي مرة لعند أحد الأصدقاء من الكرماء .. ورجوته أن لا يكثر من التحضير .. وذهبت على الميسور اليومي فكان ( المهيا ) كما نقول في دمشق أي قائمة الطعام المحضرة كما يلي :

تمر هندي .. وقناني شراب متنوعة من العرقسوس والتوت الشامي وغيره من الفواكه المعصورة

باذنجان مقلي مع سلطة ( ممتازة ) وبصل وثوم وبقدونس .. فتوش .. لوبيا بزيت

هذه كانت المقبلات

رز مفلفل .. ملوخية .. أرضي شوكي .. كبة لبنية .. بسماشكات ( لحم يحشى بالأرز واللحم أيضاً ويخيط كما تخاط القبوات ) ..

أما الحلوى فكانت نمورة بالقشطة ( من النوع الحقيقي مو هات ايدك والحقني ) .. وبكمية كبيرة

ونهايتها .. جاط فواكه تتدلى منه الفواكه و( مقوبع ) .. يعني منظر طيب لمحتوى أطيب

أكلت حتى كدت ( أنفزر ) وتحققت حكمة الصيام عند من يؤمنون بها وهي ( أن نأكل كثيراً بعد أن نجوع كثيراً ) !

 

ومن المألوف أن يكون على سفرة رمضان .. التسقية بالسمن .. والفول المدمس .. ونقوع قمر الدين .. والمشمش المجفف

وخاصة .. طبق الفتوش الذي هو خبز محمص مع خضار سلطة منوعة تتبل به مع الخل والنعنع والزيت .

 

أما الأطفال .. فيستقبلون رمضان بفرح مضاعف لأن السماح لهم بالصوم يعني دخولهم في حلقة الكبار .. وجرت العادة أن يبدأ الصغار بالصوم حتى ( درجات المادنة ) ففي أول يوم يصومون حتى الضحى ومن ثم حتى الظهر ومن ثم حتى العصر .. ومتى استطاع الصغير أن يصوم اليوم بكامله حمله أفراد العائلة على ظهورهم ومشوا به تكريماً واحتفالاً مع كثير من الأعطيات .

 

فيما مضى .. صمت أول يوم ( زوغلة ) فأكلت أثناء صيامي قطعة كيك وشربت قليل من الماء حتى أستطيع أن ( اضاين ) أي أصبر حتى المغرب .. ومع ذلك حُملت وهللوا لي مع أنني متأكد أن والدي كان يعلم ( بزوغلتي ) تلك ولكنه احتفل بي وأغضى حناناً منه ... رحمه الله .

 

من أنواع الحلوى في رمضان وأبرزها مما يعتنى به وخاصة في ذلك الشهر الفضيل :

النهش .. البرازق .. الجرادق ( الناعم ) وهو نوع من العجين ( ما بعرف شو هوه ) يقلى بالزيت وترش عليه رشات الدبس وكانوا ينادون عليه فيقولون ( يللي الهوا رماك يا ناعم ) ولذلك طغى اسم الناعم على اسم الجرادق .. كما يصنع الخبازون ( المعروك )  ويرش عليه السمسم وأصبحوا الآن يتفننون فيه ويضيفون عليه جوز الهند أو العجوة أو السكر أو الزبيب أو غير ذلك ..

 

في رمضان يكثر رواد المسجد لأداء صلاة التراويح .. ومن كان يصلي في بيته كل صلواته فإنه برمضان يخص صلاة الجمعة والتراويح فيصليهم بالمسجد .. وهنالك من يبيتون فيه الليل بأكمله في صلاة وتسبيح ..

 

ثم ان رمضان بطبيعته يقلب مجريات الحياة العادية لدى من يقدر على ذلك .. فما دام الجوع والعطش من الفجر الى الغروب .. فلماذا لا نسهر الليل وننام النهار؟ .. يفعل ذلك الكثيرات من السيدات والرجال ممن لا عمل لهم فيمضون ليلهم الآن في الخيم الرمضانية التي لا تستحق ذلك الاسم .. ولا اريد الحديث عنهم .. وأتركه لمن يرغب بذلك ..

 

في ليلة السابع والعشرين يسهر الكثيرون حتى الفجر .. عسى أن تكون ( ليلة القدر ) التي هي خير من ألف شهر من نصيبهم .. ويطوف رجال الأذكار في المساجد فيقيمون فيها حلقات الذكر ولا سيما في عدد من البيوت العريقة كبيت ( أبو الشامات ) ..

 

هنالك عادة حميدة في رمضان وهي ( موائد الرحمن ) وفيها تقام الولائم في الجوامع وعلى الأخص في الجامع الاموي ويكون مرتادوها من الفقراء وعابري السبيل .. ولا بأس أن ( يندحش بينهم ) ممن لم يصوم ولا يصلى من المسلمين .. وهي مفتوحة للمسيحيين أيضاً ضيوفاً كرماء على موائد الرحمن في رمضان .. إلا أن قراراً ( عحيباً غريباً ) من وزير الأوقاف صدر بإلغائه .. ولا عبرة في ذلك فنحن نعلم أن من سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها حتى قيام الساعة .. وأن من سنّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها حتى قيام الساعة .. فالأمر بينه وبين خالقه الآن .. وبين من ظلموا إن لم يكن قد رتب الأمر فلا ينقطع عن المحتاجين ما تعودوا عليه من اعانات رمضان الفضيل .

 

كل ما ذكرت كان خليطاً بين ما كان وما صار ..

وفي هذا الرمضان من عام 2008 كانت أول تهنئة تلقيتها من أخ عزيز يدعى جورج

ولم أكتب ذلك بغية النشر والتغني ولكن لأنها أسعدتني أكثر من كل التهاني

 

كل ماذكرت هو سرد .. أخذني معه وأنا منتشٍ من ذكريات راحت مع من راحوا

ووقائع أتت مع من أتوا ..

 

أرجو أن أقرأ الكثير مما لم أذكره

فإن لم تعلموا .. فاسألوا وانقلوا ودعونا ننشر و(نترنم)

وشكراً مقدماً لحسن القراءة .. وحسن التعليق


2008-09-13 13:00:38
شاركنا على مواقع التواصل الاجتماعي:



شارك بالتعليق
الاسكندر السوري2008-09-13 21:24:44
ايــــــه,شهيتني رمضان ايام زمان...
سلمت يداك يا حبيبنا فقد كفيت و وفيت الوصف و الرسم لذلك الشهر الفضيل...رمضان كريم اعاده الله علينا و عليكم بالصحة و العافية.
إسبانيا
مواطن عربي سوري2008-09-13 17:42:45
حلوة ولكن؟؟؟
ياعزيزي يا ابن الشام فنلاحظ هذه الجملة المذكورة في مساهمتك المحترمة(يعلن المذيعون والمذيعات بأصوات غير جائعة ولا عطشى ولا كهفية ولا تصدر من بطون خاوية : حان الآن موعد الإفطار) كيف حضرتك اعطيت نفسك الحق ونحن بشهر الحق الفضيل المبارك ان تجزم بأن المذيعون والمذيعات بطونهم غير خاوية؟؟ ان كنا نتحدث عن معاني شهر كريم وفضيل فالاحرى ان نتحرى قبل ان نشك بالاخرين وكأننا نحنا الملائكة المطهرة ولنا الحق في فرز الناس ,بصراحة معلم مو حلوة منك كانت وفي مقاطع فيها غمز لايتفق مع اخلاق المسلم في رمضان
-سوريا
شامي عتيق2008-09-13 14:33:44
مقال مسروق
شو المرحوم نجاة قصاب حسن طلع من قبره وصار يكتب بسيريانيوز؟؟يعني عم تحكي على رمضان وأخلاق رمضان طيب طبق هالشي على هالمقالة واكتب كنت من وين ناقلها؟مو تكتب انها بقلمك!!!وكتاب المرحوم نجاة بالسوق من زمان ويمكن لهيك فكرت انك انت بس يلي قاريه او بتعرفه
-سوريا
سكاراموش2008-09-13 13:34:11
نسيت المساكبة
ومما ذكره الاستاذ نجاة قصاب حسن في كتاب حديث دمشقي الجزء الاول ان الجيران يسكبون لبعضهم مما يطبخون فترى الموائد عامرة بصنوف الطعام وخاصة موائد الجيران الفقراء اما صوم اول يوم زوغله فكيف صارت معك ما بعرف ؟؟؟
-سوريا