بسم الله الرحمن الرحيم
بعد غياب طويل ومضني قرر العودة من هجرته إلى مسقط رأسه . على أمل أن يجد شيئا قد
تغير عن الحال السابق قبل سفره كعادته نحو الجنوب .
سمع أن موكبا كبيرا ممن يرغبون بالعودة يتشكل .
وأن جميع المشتركين يرغبون بالعودة و بشوق كبير مثله تماما .
فقال في نفسه .. إن السفر مع بني جلدته وضمن جماعة أكثر أمانا . وأخف من جهة
التكاليف . فالحياة أصبحت صعبة والأمور ليست كما في السابق في جميع أنحاء الكرة
الأرضية .
كان الأمل يحدوه للعودة . وكان الخوف يتراقص في قلبه من أن يجد الوطن لم يتعافى
من بلائه بعد .
ليلتها وفي ساحة الانتظار سمع من المهاجرين المعمرين الذين سافروا على هذا
الطريق مرارا أن الأمور تغيرت وحجم الأخطار صار أكبر .
كان الخوف والأمل وخليط من المشاعر تعتمر في صدره الضيق فتزيده ضيقا وقلقا
ورعبا من المجهول الذي هو مقبل عليه .
وماذا يفعل بهذا القلب الذي يئن حنينا إلى الوطن ولو كان الثمن حياته . زوجته
وأطفاله كانوا مرغمين أيضا على السفر معه . فالحنين إلى العودة لم يكن قلقه
وآلمه وأمله وحده . بل كانت المشاعر تجتاح الجميع والحنين يمنع الجفون من
الإطباق قبل ركوب الجو لرحلة العودة نحو الأرض نحو الأم نحو نبع الحياة ومهد
الإنسانية .
كان السفر شاقا جدا ومتعبا جدا وخطرا جدا . ولكنه وصل مع أول خيوط الفجر إلى
مشارف أرضه وبيته ووطنه الأم . وليته لم يصل فلقد كانت السماء تهطل دموعا من
مقل المهاجرين العائدين جميعا حتى سالت على الأرض العطشى . فهم يرتدون بذات
رسمية وبكامل أناقتهم استعدادا للقاء . واحتفالا بالعودة .
في السماء وقبل الهبوط كان الجدال محتدما والأصوات تتعالى . واقترح بعضهم أن
يكملوا المسير إلى الأمام متجاوزين ( الوطن ) إلى وطن أخر قد يجدوه بديلا عن
هذا الوطن المدمر والمخيف . واقترح آخرون أن يعودوا من حيث أتوا جميعا إلى صقيع
الشتاء الذي فروا منه فهو خير من جحيم هذا الربيع الذي دمر البشر والحجر .
وبعد هيت ولأي اضطر الجميع للهبوط فلم يعد بمقدورهم المضي قدما فلقد انهارت
قواهم ووهنت عزيمتهم لما سمعوا أن هذا الوباء ينتشر أسرع من وسيلة تنقلهم وأنهم
لن يدركوا أبدا وطنا سالما يعمرونه بجدهم وتعبهم .
هكذا كان حال العزيز المهاجر ( السنونو ) حين عاد إلى الوطن هذا العام .
كل سنونو وأنتم بخير ..
دمشق في يوم الجمعة الموافق 27\\02\\2015 ميلادي الساعة 00\\02 عصرا ..
https://www.facebook.com/you.write.syrianews