استقالة عريجي... وقانصو الأرجح لرئاسة <<القومي>>

... وأخيرا قبل المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي استقالة رئيس الحزب جبران عريجي، بعدما ظلت هذه الاستقالة محور أخذ ورد طويلين، فكان ان تم اختيار <<التوقيت الحزبي والوطني والقومي المناسب من اجل البت بها>>،

تفاديا لازمة كان يحتمل ان يشهدها الحزب في ضوء تداعيات ما بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والتي توجت بتطور سياسي غير مسبوق منذ العام 1990، تمثل في انتقال القوميين السوريين من موقع الموالاة الى موقع المعارضة، الامر الذي احدث صدمة ايجابية في قواعد الحزب اللبنانية، فيما بدأت الانظار تتجه الى الشام حيث بدا الامر معكوسا، بانتقال الحزب القومي في الآونة الاخيرة من موقع المعارضة الى موقع الموالاة، بانضمامه رسميا الى قيادة الجبهة الوطنية التقدمية وهو الامر الذي تسبب بتداعيات سياسية وتنظيمية هددت وحدة القوميين السوريين في سوريا.

فقد انعقد المجلس الاعلى للحزب القومي يوم الاربعاء الماضي برئاسة رئيسه نذير العظمة، وبحضور رئيس الحزب جبران عريجي ومعظم الاعضاء. وقد اصر عريجي على استقالته، داعيا الى تشريع ابواب الاصلاح الحزبي والى الاستفادة من المناخات السياسية الجديدة من اجل جعل القوميين يلعبون دورا اكبر في الحياة السياسية، مشددا على دقة المرحلة وخطورتها واهمية ان يصيغ القوميون السوريون خطة سياسية من اجل حماية خيارات لبنان الوطنية والقومية من جهة وكذلك السعي لوقف انفلات العصبيات الطائفية والمذهبية التي باتت تهدد النسيج الاجتماعي والسياسي من جهة ثانية.

وبعد نقاش مستفيض، حيث تبين انتفاء الاسباب التي منعت في السابق اية مقاربة جدية لمسألة استقالة رئيس الحزب، قررت قيادة المجلس الاعلى بالاكثرية قبول استقالة عريجي، وانتقل البحث تلقائيا الى من سيتولى رئاسة الحزب في المرحلة المقبلة.

وعلم ان هناك اتجاها لعقد جلسة انتخابية للمجلس الاعلى في مقر قيادة الحزب في الروشة يوم الثلاثاء المقبل، من اجل انتخاب بديل لعريجي. ويقول قياديون في المجلس الاعلى انه من المفترض ان يقدم المرشحون ترشيحاتهم قبل ثمان واربعين ساعة من موعد الانتخاب الذي يجري عادة بصورة سرية وان كانت هناك رغبة عند غالبية اعضاء المجلس الأعلى ان يكون الرئيس الجديد للحزب عنوانا توافقيا واجماعيا.

وتردد في هذا السياق، ان المرشح الاوفر حظا حتى الآن هو رئيس الحزب السابق علي قانصو، خاصة وانه يحظى بدعم كبير من الوزير السابق النائب اسعد حردان بما يمثله من ثقل هو الابرز في الهيئة الناخبة في المجلس الاعلى. وبين الذين تتردد اسماؤهم ايضا غسان الاشقر وانطوان خليل وتوفيق مهنا.

واذا لم يحصل تطور مفاجىء قبل موعد الانتخابات، فان العرف يقضي بان يبادر المنفذون والعمد، أي السلطة التنفيذية في الحزب، الى تقديم استقالاتهم إلى رئيس الحزب الجديد، لكي يبادر بدوره الى استخدام صلاحياته الدستورية في تغيير او ضخ دم جديد في الادارة الحزبية عبر تعيين منفذين وعمد جدد، علما ان بعض المصادر القيادية في الحزب تحدثت عن توجه اكيد لتغيير يطال نحو نصف منفذيات الحزب (14 من اصل 29)، واشارت في هذا السياق الى منفذيات تعاني من مشاكل اما بسبب ترهل حزبي او مشاكل تنظيمية الخ...

ولن يطال التغيير المجلس الاعلى الذي يستمر بأعماله حتى موعد انعقاد المؤتمر القومي، علما ان بعض اعضاء المجلس الاعلى تحدثوا <<عن اتجاه لتغيير يطال ليس الادارة الحزبية انما نهج الحزب السياسي في ضوء الوقائع المستجدة وطنيا وقوميا وان رئيس الحزب المستقيل كان حريصا ان تكون استقالته دافعا باتجاه المزيد من رص وحدة القوميين وتفادي اية خضة سياسية او تنظيمية، حتى يصار في المرحلة التالية الى ولوج ملف الازمة التي يعاني منها الحزب في قيادة الشام>>.

واضاف هؤلاء <<ان الحزب القومي تجاوز مرحلة الازمة وهناك توجه نحو صياغة خطة سياسية من موقع الحزب الاعتراضي ولا موانع حتى الآن امام احتمال اعادة فتح أبواب الحوار مع كل القوميين بما في ذلك <<التيار الديموقراطي>> في الحزب.

يذكر ان <<التيار الديموقراطي>> في الحزب كان قد عقد لقاء استثنائياً بعد قبول الاستقالة وأصدر بياناً دعا فيه إلى عقد مؤتمر عام للحزب، إذ رأى <<أن الأزمة المأزق التي يتخبط فيها الحزب منذ فترة غير قصيرة تحتاج إلى علاج يتعدى مسألة قبول استقالة رئيس الحزب أو عدم قبولها. فالأزمة لا يجوز حصرها في هذا الشأن وحده، بل المطلوب إعادة صياغة شاملة لدور الحزب ونهجه وبرنامجه النضالي، انطلاقاً من قراءة نقدية للممارسة والنهج والأداء القيادي في فترة ال15 سنة المنصرمة، وصولاً إلى انتخاب قيادة جديدة تعبر عن إرادة القوميين الاجتماعيين وعن توقهم لحزب فاعل في الأحداث وفي ورشة التغيير والإصلاح، ملتصق بهموم الشعب ومقاوم حقيقي للمخططات الأجنبية وللخطر الصهيوني المغتصب لحقنا القومي في فلسطين>>.

السفير