بوش يتهم الأسد
بعرقلة مسير الصلح
كان للأزمة السياسية
المتدهورة في لبنان أن تحبط من مسير العلاقات السورية-الأمريكية والتي كانت في تحسن
ضمن إطار أعم للولايات المتحدة بمبادرة سلام تشمل الشرق الأوسط. فقد فشلت القوى
السياسية في لبنان وللمرة العاشرة من التوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية. وهذا ما
دعا إلى انتشار المخاوف حول احتمال نشوب نزاع أهلي في لبنان إذا ما بقيت سدة
الرئاسة خالية.
وكانت كتلة لبنانية مؤيدة
للغرب والفئة المعارضة لها, والتي يدعمها الإيرانيون والسوريون بزعامة حزب الله, قد
وافقتا على مرشح للرئاسة. إلا أنهما الآن مختلفتان على
صيغة الحكومة الجديدة والفريق الذي سيتولى مهمة أمن البلاد.
ويبقى العديد من السياسيين
اللبنانيين يخشون بقاء بلدهم دون رئيس لعدة أشهر الشيء الذي قد يهدد ويجعل مؤسسات
الدولة في خطر كبير. وهنالك أيضا خوف كبير من وقوع البلاد في مشكلة نزاع أهلي وخاصة
وأن لبنان يضم فئات وطوائف متعددة سياسية ودينية واجتماعية. يقول وليد جنبلاط, وهو
زعيم سياسي بارز في الكتلة الحاكمة والمعروفة بتجمع 14 آذار: "يمكننا قضاء عام 2008
دون رئيس للدولة؛" ويردف: "إلا أن حكومة كهذه قد تواجه مصاعب حقيقية دون وجود رئيس
لها."
هذا ويؤدي النزاع في لبنان
إلى وجود مشادات كلامية بين سوريا والولايات المتحدة وهما اللتان قد بدا عليهما
أنهما يتصالحان وأن العلاقات بينهما بدأت بالتحسن. فقد أشادت الولايات المتحدة
بحليف دمشق الأول في المنطقة, إيران, وبجهودها في المساعدة على توطيد الأمن في
العراق. فقد قال رايان كروكير سفير أمريكا لدى العراق: "أشار الإيرانيون إلى دورهم
في المساعدة في توطيد أمن العراق ووقف العنف فيه؛" "وإن كان هذا الشيء صحيحا فهو
جيد."
وقد حفز حضور سوريا مؤتمر
أنابولس آمال الكثيرين لتعاون دمشق وواشنطن لترسيخ الاستقرار في المنطقة. كما قام
دبلوماسيون أمريكيون بالحديث عن مباحثات سورية-إسرائيلية حول مرتفعات الجولان. إلا
أن الرئيس بوش قام الأسبوع الماضي بانتقاد الرئيس السوري بشار الأسد واتهمه بتقويض
مساعي المصالحة بين الفئات اللبنانية المتنازعة؛ مما دفع العديد من الدبلوماسيين
الأمريكيين للحديث عن إعادة النظر برفع العقوبات عن دمشق.
هذا وقد اتصل الرئيس
الفرنسي نيكولا ساركوزي بالرئيس الأسد الأسبوع الفائت ليكسب مساندته للتوصل إلى
مصالحة في بيروت. إلا أن بوش كان قد قال أنه لن يكون هنالك أية اتصالات مشابهة بين
واشنطن ودمشق. فقد قال بوش: "نفذ صبري مع الرئيس الأسد منذ زمن بعيد, والسبب هو
استضافته للفصائل الفلسطينية ودعمه حزب الله وتمريره لانتحاريين إلى العراق
والمساهمة في زعزعة الوضع في لبنان." وتحدث بوش أن واشنطن الآن تدعم حق تجمع 14
آذار في انتخاب رئيس أوحد. وهو ما يمكن الحصول عليه من خلال جلسة انتخاب لأقلية 14
آذار خلافا لما كان مطلوبا من إجماع الثلثين.
وقد رفض القادة السوريون
وقادة حزب الله اقتراح بوش لرئيس يختاره طرف واحد بحجة أن هذا الشيء قد يؤدي إلى
نشوب خلاف داخلي. فقال قاسم نعيم, النائب عن حزب الله: "لن نستجيب لطلباتك يا بوش
ونحن نرفض توصياتك؛ فلبنان لَيس مزرعتك التي يمكنك فعل ما تشاء فيها."
وقال جنبلاط وباقي القادة
في 14 آذار أن هذا قد يؤدي إلى نزاع أهلي وأنهم ملتزمون برئيس توافقي يقبل به
الجميع وهو اللواء ميشيل سليمان. إلا أنهم رفضوا مطلب المعارضة بمنحهم عددا من
المقاعد في الوزارات اللبنانية وتولي مهمة أمن لبنان.
وكان لاغتيال اللواء
فرنسوا الحاج دورا في تعكير صفو لبنان السياسي. والحاج الذي كان قد عمل بالتعاون مع
الولايات المتحدة على القضاء على المناوءة الإسلامية لفتح الإسلام شمالي لبنان
مطلع العام. ويعتقد بعض الأمريكيون بأن دمشق كان لها دور في اغتيال الحاج بشكل خاص
إذ كان من المفترض ترقيته لمنصب القائد العام للجيش اللبناني. مما يهدد مصالح
سوريا. وقال محققون عسكريون لبنانيون أنهم يظنون أن لفتح الإسلام دور في ذلك أيضا.
وكان الرئيس الأسد قد أنهى
سيطرة سوريا على لبنان عام 2005 بعيد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري؛ وهو
الشيء الذي كان قد دفع الأمم المتحدة للشك بأن سوريا كان لها دور في هذا الاغتيال.
إلا أن دمشق قامت بنفي هذه التهم عنها وكذلك أية علاقة لها بأي اغتيال آخر.
هذا وقد تحدث مسؤولون
أمريكيون رفيعوا المستوى أن الأزمة اللبنانية من شأنها أن تؤثر على مساعي السلام
بين العرب وإسرائيل. فسوريا تؤيد الجماعات والفصائل الفلسطينية والتي تعتبرها
إسرائيل مخربة لعملية السلم. وبقول الأمريكيون أنهم دعوا دمشق إلى أنابولس
لاستمالتها وكسبها في خطة سلام أشمل وأوسع.
وتقوم الآن إدارة بوش
بدراسة جدوى استراتيجيته. بينما ينشر الرئيس الروسي فلاديمير بوتن فكرة مؤتمر سلام
في موسكو. خلال الأشهر القليلة القادمة حيث ستتمكن سوريا وإسرائيل من بحث أمور
السلام على طاولة روسية. إلا أن المسؤولين الأمريكيين يتحدثون عن الدعم الدولي
القليل الذي قد تحظاه هذه الفكرة وخاصة أن دمشق تساهم سلبا في زعزعة لبنان.
فقد قال أحد كبار
المسؤولين الأمريكيين: "لقد عول الكثير من الناس على مؤتمر أنابولس بأنه سيتمكن من
جلب بعض التغيير على الجانب السوري... إلا أن هذا ما قد حدث."
بقلم جاي سولومن -
وول ستريت جرنل
ترجمة طريف الحوري -
سيريانيوز