أفرجت السلطات السورية اليوم عن أعضاء مجلس إدارة منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي , عشية اعتصام كانت عدة هيئات و تجمعات حقوقية تحشد له مساء اليوم الاثنين في ساحة يوسف العظمة بدمشق احتجاجا على الاعتقال .

و في أول تصريح له قال الصحافي المخضرم حسين العودات ( المشرف على ندوات المنتدى) ل (سيريا نيوز) بأنه " طوال فترة الاعتقال استمر الموضوع على التحقيق معنا فقط , دون تحويله إلى قضية أو محكمة محددة " مؤكدا بان " تعامل الأجهزة الأمنية معنا كان جيدا , ودودا , و معنويا كان ممتاز ".

و أوضح العوادت " كنا الرجال محتجزين معا في نفس المكان بنظارة الأمن السياسي , و كذلك السيدات , و لم يقوموا بفصلنا كل واحد على حدا , و قد دارت أغلب الأسئلة التي وجهت لنا حول الندوة الأخيرة التي عقدت في منتدى الأتاسي (الإصلاح في سورية من وجهة نظر القوى و الهيئات الوطنية في سورية) و التي شارك فيها 15 تنظيم سياسي و حقوقي و ثقافي سوري , و كان التركيز الأساسي على كيفية إشراك الأخوان المسلمين في تلك الندوة , و هو حزب محظور في سورية , و عن أسبابنا في ذلك ؟ ".

و قال العوادت " أخبرناهم بأننا نعمل تحت سقف القانون , و نحن لم نقدم ورقة الأخوان المسلمين أو أشركناهم في الندوة لنستفز أو لنتحدى القانون على اعتبارهم حزب محظور , و إنما لأن وجهة نظرهم المقدمة كانت معتدلة , لذا افترضنا بأنه نوع من الحوار , بل هو تراجع من حركة الأخوان التي كانت متشددة سابقا في مواقفها و آراءها ".

و أكد العودات بأن " السلطات الأمنية السورية لم تشترط على أي من أعضاء مجلس الإدارة بأي شرط كان بمقابل الإفراج , و لكننا أوضحنا بأن المنتدى سيستمر كما كان منبرا لا يستغل أبدا من قبل أحد الأحزاب المتطرفة , و يعمل تحت سقف القانون ".

السيدة سهير الأتاسي رئيسة المنتدى أفادت في تصريحات خاصة ب (سيريا نيوز) بأن " الاعتقال كان لتبليغ رسالة من السلطات السورية , بأن حركة الأخوان المسلمين مازالت محظورة حسب القوانين السورية " مشيرة إلى أن السلطات الأمنية " لمحت لنا بأنه صدرت أوامر بإغلاق المنتدى , و أننا سنحال إلى محكمة أمن الدولة للنظر بقضيتنا ".

و بينت لتلك السلطات , تتابع الأتاسي بأن " المنتدى له هيئة هي التي تجتمع و تقرر موضوع إغلاقه , و لكنهم و أثناء الإفراج عنا اليوم لم يخبرونا بأي إغلاق أو منع إقامة ندوات , لذلك سيعقد المنتدى في موعده المحدد في أول سبت من كل شهر , كما هو معتاد ".

و نقلت الأتاسي " عن السلطات الأمنية السورية نفيهم بالقيام بأي حوار مع الأخوان المسلمين , و أكدوا بأن جميع من سمحت دمشق بعودتهم من الأخوان هم من التائبين المنسحبين من حركة الأخوان , و أنهم ييسرون لهم العودة إلى الوطن للتأكد من توبتهم و انسحابهم ".

و عن زميلهم السابع في مجلس الإدارة و الذي اعتقل قبلهم بأسبوع , بسبب قراءته لمداخلة الأخوان في المنتدى , أفادت الأتاسي بأن " العبد الله كان معتقلا في سجن عدرا , و يم اعتقالنا تم إحضاره إلى الأمن السياسي , حيث تم توقيفنا , و لكننا لم نجتمع به إلا بعد ثلاثة أيام , و لمدة نصف طمأناه فيها عن عائلته , و عندها أخبرنا بأنه حول إلى محكمة أمن الدولة العليا بتهم : إذاعة أنباء توهن نفسية الأمة , و إثارة النعرات الطائفية ".

و حاولت الأتاسي كما تقول " الاستيضاح من السلطات الأمنية أثناء التحقيق , معرفة أسباب و معاني هذه التهم التي وجهت إلى العبد الله , فكان الجواب : أن الأخوان المسلمين طائفيين , و بالتالي قراءة خطاب لهم يثير النعرات الطائفية و يسبب بوهن لنفسية الأمة " كما اعتبروا " قراءته لورقتهم في المنتدى تبني منه للأفكار التي وردت فيها " .

و لفتت الأتاسي إلى أنها حاولت " التوضيح للسلطات الأمنية بأن قضيتهم و قضية العبد الله واحدة , إلا أن النتيجة لم تظهر اقتناعهم بذلك " .

و قالت الأتاسي " طالبنا اليوم بعلي العبد الله عند الإفراج عنا , كما طالبنا بالمحامي حبيب عيسى الناطق باسم المنتدى الذي حكمته محكمة أمن الدولة بخمس سنوات أثناء اعتقالها لربيع دمشق , و أوضحنا بأن التهم ا تلي وجهت له و لزملائه من المعتقلين كانت مشابهة للتهم التي وجهت للنائبين مأمون الحمصي و رياض سيف , فلماذا النائبين حولا إلى محكمة مدنية بينما معتقلي ربيع دمشق إلى محكمة استثنائية ؟ ".

و ردت السلطات الأمنية " بإمكانية تقديم المحامي حبيب عيسى و غيره , طلب للإفراج عنه على اعتبار أنه قضى ثلاثة أرباع مدة الحكم , و بناء على سلوكهم في السجن سينظر في الطلب ".

و كانت السلطات الأمنية السورية قد اعتقلت أعضاء مجلس إدارة منتدى الأتاسي للحوار الديمقراطي يوم 22 من شهر حزيران الحالي , على خلفية اتصالهم بحركة الأخوان المسلمين المحظورة في سورية , و إشراكهم بطريقة غير مباشرة في ندوتهم الشهرية , مما اعتبر تحدي للسلطة و كسر لخطوطها الحمر بالقفز فوق القانون , على اعتبر أن المادة 49 منه , للعام 1980 تقضي بإعدام كل من ينتمي إلى جماعة الأخوان المسلمين , و بالتالي تحظر على التعامل معهم .

كما قامت السلطات الأمنية لسورية و لنفس السبب باعتقال علي العبد الله العضو أيضا في مجلس إدارة المنتدى قبلها بأسبوع في 15/5 لقراءته مداخلة علي صدر الدين البيانوني المراقب العام للاخوان المسلمين , بعد تكليفه من هيئة المنتدى بذلك .

و قد أثار اعتقال أعضاء مجلس إدارة المنتدى ردود أفعال كثيرة و على كافة المستويات لمنظمات و هيئات حقوقية و عاملة في مجال حقوق الإنسان , على المستوى المحلي و العربي و الدولي , وصلت إلى حد توجه بعضهم للرئيس السوري بشار الأسد  و طلب منه التدخل شخصيا للإفراج عنهم .

و عد المراقبون " توقيت التوقيف كان سيئا , على اعتبار أن البلاد تنتظر الآن موعد انعقاد المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث , الذي يشاع بأنه سيحمل قفزة نوعية بالنسبة للتغيير في سورية , و كذلك فإن دمشق على أبواب توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي , المقرر قريبا , و التي تنص على ضرورة احترام مواضيع حقوق الإنسان في سورية .

بارعة ياغي - سيريانيوز