تحت عنوان " من أجل سورية ديمقراطية حديثة وعادلة، قادرة على التحول إلى دولة لجميع مواطنيها، وعلى حماية استقلالها " وجه حزب الشعب الديمقراطي السوري (الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي سابقا) دعوة إلى " عقد مصالحة تاريخية بين التيارات الأساسية لشعبنا , تقطع مع الاستبداد".

صدرت هذه الدعوة عن المؤتمر السادس للحزب الذي عقد في نيسان الماضي بسرية تامة , و أسفر عن تغيير اسم الحزب , و انتخاب أمين عام جديد له و هو عبد الله هوشه بدل زعيمه المناضل السابق رياض الترك , في توجه عده مختصون " ملمح أولي للتحرر من الأيديولوجية الشيوعية القديمة، وتعديل محتوى الاسم، للتأكيد على تركيز الحزب على أولوية المسألة الديمقراطية , وتمسكه بها كمدخل لمعالجة أزمات المجتمع ".

و وجهت الدعوة , و هي إحدى وثائق المؤتمر الذي وعد جورج صبرا عضو الأمانة المركزية في الحزب (سيريا نيوز) قبل يومين بإصدارها تباعا , وجهت إلى " المواطنين السوريين، وإلى جميع القوى السياسية التي ناضلت ضد الاستبداد ومن أجل الديمقراطية، وإلى القوى الأخرى القابلة بهذا الخيار، للعمل معا من أجل الوصول بالبلاد إلى وضع جديد، تقطع فيه مع الاستبداد، وتطوي صفحة الماضي القريب بكل آلامه ومآسيه، وتتلاقى على القواسم المشتركة لبناء سورية حديثة، ديمقراطية، قادرة على حماية استقلالها والنهوض بمجتمعها".

و دعا الحزب إلى " فتح صفحة جديدة في التاريخ السوري، صفحة ندشنها بحوار وطني شامل لصوغ عقد اجتماعي بديل، يجسده دستور ديمقراطي، يجعل المواطنة معياراً للانتماء، وتقره جمعية وطنية منتخبة في مناخ التوافق الوطني ".

و قال الحزب " نتوجه بهذا النداء إلى شعبنا الذي يعرفنا كطرف رئيسي من قواه التي طالها البطش والقمع. لقد أمضى أعضاء حزبنا ربع القرن الأخير من حيواتهم في السجون وفي أقبية التعذيب أو في التخفي وفي المنافي.. بيد أنهم يتحلّون بذات الشجاعة التي تحملوا بها وقاوموا ذلك الظلم، لكي يتوجهوا اليوم، بمبادرة مشروع الإصلاح والتغيير السياسي، لبناء دولة حديثة, يقوم نظامها السياسي على عقد اجتماعي جديد، يعتمد التعددية وتداول السلطة سلميا، دولة يتمتع جميع مواطنيها بذات الحقوق والواجبات " .

و انتقد الحزب " ديمقراطية التكوين لدى القوى الأساسية التي أثرت في الحياة السورية، ما بعد الاستقلال (باستثناء الليبرالية)" و رأى بأنها " لم تكن في الفكر كما في الممارسة، وفي علاقات أعضائها التنظيمية, كان لكل منها مشروعها العقائدي لتفرضه على الشعب وتستأثر بالسلطة وتقمع الآخر ".

و أقر الحزب بمسئوليته " كجزء من تلك التيارات، بالمساهمة في هيمنة الفكر الشمولي على الحياة العامة " و أكد " تمسكه بالعمل المستمر  لتجاوز ما سبق عبر تجديد وعينا، وإدانتنا لكل المشاريع الإقصائية التي تحملها القوى الأخرى " و دعا " القوى الأخرى القومية والدينية واليسارية، لمشاركتنا في بث روح نقدية، تتطلب من الذات قدر تطلبها من الآخر , و التطلع إلى المستقبل، بعيون أخرى، ناقدين، معا، رؤى الماضي وتجاربه الأليمة، في بلادنا وفي العالم كله ".

و رفض الحزب أحقية " أي حزب أو تيار الادعاء بدور استثنائي يمنحه الحق في قيادة الدولة والمجتمع " في إشارة إلى حزب البعث الحاكم دون أن يسميه بالاسم .

و حذر الحزب من " الانهيار و الفوضى في حال تعاظم الضغوط الدولية , و مجيء التغيير محمولا من الخارج " و دعا الشعب " ليأخذ مصيره بيديه ".  

و حفاظا على المستقبل  أكد الحزب " ضرورة العمل على وحدة الشعب، وعلى توافق المعارضة على برنامج مشترك، يضمن الحلول السلمية التي تصون وحدة و استقلال البلاد , اللذان لا يكفلهما سوى التغيير الوطني الديمقراطي , الذي يأتي محمولا على قوى الشعب ومن خلالها".

و شدد على أهمية " الحوار للوصول إلى برنامج مشترك لقوى المعارضة , يفتح الطريق أمام مؤتمر وطني، ويضع الأسس للتغيير الديمقراطي، ويدعو، من ثم، إلى جمعية وطنية تأسيسية تتمحور مهمتها على وضع دستور جديد للبلاد، ديمقراطي وعصري، يقطع الطريق على المغامرين الذين يمكن أن يعيدوا الاستبداد بأشكال جديدة ".

و أشار إلى وجود " عقبات كبرى تقف في وجه هذه المبادرة وتعمل على تأخيرها, منها : تشتت القوى المعارضة، وإصرار النظام على إغلاق الأبواب في وجه التغيير المطلوب، والعوامل الخارجية الضاغطة التي لا تأخذ في حسبانها مصالح الشعب والبلاد " و رأى بأن النجاح يتوقف على " ضمان  وحدة المعارضة ومن يقبل من أهل النظام بهذا المخرج للوصول بالبلاد إلى بر الأمان ".

و أكد على أن " التغيير الوطني الديمقراطي هو الوحيد القادر، بعد التجربة الطويلة، على تأسيس نظام وطني غير ملتبس الشرعية أو ضعيفها، قادر على استعادة أرضنا المحتلة في الجولان، و دعم الشعب الفلسطيني، ووضعنا على سكة العمل القومي المشترك " منوها " بأحقية شعبنا أن يعيش حياة مطمئنة بعيدة عن الخوف, من أجل حياة كهذه، نتوجه بهذه المبادرة، من أجل الحاضر والمستقبل، من أجل عودة سورية وطنا حرا لكل أبنائها، تردم هوة التخلف وتستعيد مكانتها التاريخية ".

بارعة ياغي - سيريانيوز