البيانوني: الجماعة تنبذ العنف وتدعو إلى اقامة الدولة المدنية الحديثة وسيبقى ضابطنا رفض الاستقواء بالاجنبي

في سابقة هي الاولى من نوعها منذ ما يقارب الربع قرن، تحدث المرشد العام لحركة الاخوان المسلمين في سورية على صدر البيانوني الى رموز المعارضة والنشطاء السياسيين في البلاد، ولكن على لسان عضو مجلس ادارة منتدى جمال الاتاسي علي العبد الله، الذي فاجئ الحضور بتقدمه الى المنصة لالقاء مداخلة "الاخوان المسلمين"..

من بين 17 مداخلة للقوى والهيئات السياسية الناشطة داخل البلاد بمن فيها مداخلة حزب "البعث" الحاكم.

وجاء في كلمة البيانوني ان جماعة الاخوان المسلمين "اكدت على ضرورة نبذ العنف بكل صوره واشكاله، ودعت إلى اقامة الدولة المدنية الحديثة بآفاقها المعاصرة، وامطنا عن الاذهان شبح الدولة الدينية بمفهومها الثيوقراطي الذي توهمه كثيرون خطأ".

وقال ان "الدولة الحديثة التعاقدية والتعددية والتداولية والمؤسساتية هي المظلة التي ترتفع على اساس متين من الارادة الشعبية الحرة النزيهة وهي الشكل الامثل لبناء سورية الحديثة"، موضحا انه و"بعد خمس سنوات انقضت على العهد الجديد في سورية، نعتقد أن من حق القوى الوطنية بعد مضي هذه المدة أن تتحول من حالة المطالبة بالاصلاح، لتتولى بامكاناتها وادواتها ووسائلها المشروعة".

وفي اشارة منه الى عدم تلاقي مشروع الاخوان مع المشروع الاميركي لتغيير في سورية قال "سيبقى ضابطنا الاساسي لعملنا الوطني وحركتنا الاصلاحية، رفض الاستقواء بالاجنبي، والوقوف في وجه كل دعوة تسعى إلى تحويل سورية إلى ساحة حرب"، واضاف: "اننا لن نحاصر انفسنا بين الخيارين السيئين الاحتلال أو الاستبداد، اما المناخ الدولي وتقلباته وما نشأ من ضغوط خارجية، فالاولى به أن يكون دافعاً إلى المبادرة للتلاحم مع الشعب ومدخلاً إلى اللقاء الوطني الجامع بين القوى الوطنية المطالبة بالإصلاح والأيدي المخلصة المبسوطة بالخير وللخير منذ زمن طويل".

كلام البيانوي جاء في جلسة خصصها المنتدى تحت عنوان "حوار حول الاصلاح في سورية" وحضره اكثر من 400 ناشط، وتحدث خلاله معظم الهيئات السياسية والمدنية الناشطة في البلاد، وقال رئيس المنتدى حازم نهار لـ"سيريانيوز" ان "تخصيص هذه الامسية جاء نتيجة حاجة القوى للاقتراب من بعضها البعض في هذه الظروف الداخلية والخارجية الضاغطة"، معتبرا انها "شكلت محاولة من المنتدى لتشجيع قوى المعارضة للالتفاف حول برنامج اصلاحي".

وقال ان "المنتدى لم يتقدم للحصول على موافقات امنية من اجل تنظيم جلسة المعارضة، و ذلك عملا بمبادئنا التي تفرض عدم اخذ الموافقات المسبقة"، معتبرا ان "هناك احتمالا لاغلاق المنتدى، غير ان الواقع اكبر من هذا التخوف والبلد بحاجة الى الحوار".

واعتبر نهار ان "ما تم هو بمثابة خطوة على طريق بلورة مشروع مؤتمر للحوار الوطني الديموقراطي، وهو الامر الذي تم  التأكيد عليه من خلال مطالبة جميع المتحدثين، باستثناء ممثل حزب "البعث"، بعقد مؤتمر وطني للحوار، محملين السلطة الرسمية مسؤولية الدعوة له، واذا لم يتم ذلك فإن المعارضة سوف تدعوا الى هذا المؤتمر لتشكيل حالة معارضة منسجمة في سورية".

وادار الجلسة عضو لجان احياء المجتمع المدني الكاتب حسين عويدات، واثر كلمة البيانوني التي كانت السابعة في الترتيب، لم تصدر ردود فعل مستهجنة من الجمهور، كما لم يتخذ رجال الامن المتواجدين اي اجراءات، بل ظهر ترحيب شديد بالكملة، وشكر كل المتحدثين اللاحقين المنتدى لاتاحة هذه الفرصة باستثناء "البعث"، معتبرين انها كانت "مبادرة جريئة جدا، وانها المرة الاولى التي يسمع فيها صوت الاخوان علنا داخل البلاد".

وفي تصريحات خاصة لـ"سيريانيوز" تحدث علي العبد الله عن اسباب تكلفه بهذه المهمة وقال: "انا من الذين يناصرون فكرة اعطاء الاسلام مساحة في الحياة الوطنية، واعطاء "الاخوان المسلمين" دورا، حتى تستقر الحياة السياسية"، واضاف: "انا ناصري سابقا، وقومي عربي اسلامي لاحقا، ويتم تصنيفي في المخابرات على اني اسلامي (اخوان مسلمين) وهذا امر خاص به".

واكد ان الامن لم يتصل به كما لم يتعرض للمضايقة والمساءلة من احد "الى الان"، اما عن شعوره بعد القاء كلمة البيانوني، فقال: "اننا اخذنا المبادرة من زاوية طرح حالة وطنية مستقرة يشارك بها الجميع، وليس من زاوية معينة".

ولم يخف توجسه من امكان اعتقاله وقال: "هذه فاتورة نحن مستعدون لها ولا مشكلة لدينا"، موضحا انه اعتقل "لفترة قصيرة العام 1994 على خلفيات انتمائه الى منظمة التحرير الفلسطينية".

واستبعد ان يتم عقد المؤتمر الوطني الذي دعت اليه المعارضة السورية داخل البلاد وقال: "ان عقده في سورية هو امر صعب لان السلطة غير موافقة، وهي لم تستطع الى الان التعامل مع القانون 49 والغاءه واذا لم يتم ذلك فإن الاخوان المسلمين سيبقون في الخارج".

واذا ما بدأ العمل لعقد مثل هذا المؤتمر او بدأت الحوارات التمهيدية له قال: "ان ما حصل في منتدى الاتاسي هو بمثابة "بروفا"، وهناك "بروفا" اخرى صغيرة جرت في محافظة الحسكة منذ عدة ايام حيث اجتمع اطياف من اربعة محافظات مثلوا معارضة الداخل كما حضر اعضاء من التيار الاسلامي الناشط في البلاد، وليس من الاخوان طبعا".

وقال: "ان "البروفا" الثانية من المحتمل ان تتم في دير الزور خلال الشهر الجاري، وخلال هذه اللقاءات تقوم احزاب المعارضة بالتشاور من اجل اخراج البلد من المأزق الذي يعيشه، وهو جزء من الحوار الذي من المفترض ان يتم في المؤتمر الوطني".

وطالبت عدة قوى في الانتقال من مفهوم "الاصلاح" الى مفهوم "التغيير الديموقراطي"، كما اعلن مشاركون في الحوار عن تشكيل عدد من المنتديات في المحافظات السورية الاخرى، معيدين الى الاذهان الحالة التي شهدتها البلاد مع بداية عهد بشار الاسد والتي اطلق عليها اصطلاحا ربيع دمشق.

وكان الاستهجان الوحيد قد خرج من ممثلي حركة القوميين العرب، وليس على كلمة الاخوان المسلمين وانما للسماح بوجود قوى كردية بالاسم الصريح.

ولم تستقبل كلمة البعث بارتياح بين جمهور الحضور، وهو امر طبيعي على اعتبار انهم على المعظم محسوبين على المعارضة، وخصوصا ان محور الكلمة كان حول ماذا سيأتي به المؤتمر القطري القادم بداية الشهر المقبل، وانها سوقت لفكرة ان المؤتمر "لن يأتي الا باصلاحات طفيفة وجزئية".

وتحدث عضو مجلس الشعب الدكتور ناصر عبيد ناصر في مداخلته عن مضمون الوثيقة التي تمثل المنطلقات الفكرية لحزب البعث العربي الاشتراكي والتي ستعرض في المؤتمر القطري القادم لحزب البعث، اضافة الى العديد من القضايا الساخنة التي قال بأنه "سيتم مناقشتها والتي تتعلق بتعزيز النهج الديموقراطي، واحترام الرأي الآخر، واحترام حقوق الإنسان.

وأكد عبدالناضر بأن المؤتمر "سيعمد على إصدار توصية تتضمن صياغة قانون للأحزاب، وإصدار تشريعات تمكن أو تسهم في الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، و إطلاق يد السلطة الرابعة بالإضافة الى تقييد قانون الأحكام العرفية.

وختم الدكتور ناصر كلمته بالقول: "بسم الله الرحمن الرحيم ((وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون)) ولهذا حتى نكون مصلحين حقيقيين علينا أن نتعاون ونتكاتف جميعاً لأن بناء الوطن مسؤولية الجميع".

جانبلات شكاي - سيريانيوز