syria-news.com
الصفحة الرئيسية
من نحن
اسرة الموقع
أكثر المواضيع قراءة
الإعلان في سيريانيوز
الإتصال بنا
المساهمات في هذا الباب لاتعبر بالضرورة عن رأي المركز
كرة القدم وفن تصغير الرؤوس بقلم مازن شاويش
مساهمات القراء

اللعب بالتاريخ وتشتيت الفكر

تبدأ حكايتي مع كرة القدم حينما سألني سائق التاكسي بالفرنسية عن البرنامج الذي شاركت فيه في تليفزيون فرنسا 24 بضاحية باريسية.


أجبته كنا نتحاور في محاولة تشويه سمعة الممثل الكبير نور الشريف في صحيفة مصرية مجهولة الهوية وعن حرية الصحافة وضرورة عدم التعرض للحياة الخاصة للمواطنين. قال بلهجة مصرية :أنا مصري من قرية ... بقرب الفيوم..

 قلت لا اعرفها ولكنك أكيد ولدت بفرنسا لأن للغتك المصرية لكنة خاصة. ضحك قائلا: كشفتني أنا جزائري أعشق مصر وذهبت لها العديد من المرات ولي بها أصدقاء كثيرون.

ثم راح يدافع عن نور الشريف الفنان والرجل صاحب المواقف الوطنية. وعدد الأفلام التي شاهدها والأغاني التي يعرفها فغني مقاطع لعبد الحليم حافظ وأم كلثوم ونجاة.. لم اندهش فطوال 34 سنة كان كل لقاء مع أخ من المغرب العربي كانت ردود الفعل هي ذاتها يسبقها العبارة التقليدية مصر أم الدنيا.

وسألني عادل، سائق التاكسي، في تصورك من سيكسب في مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر المقبلة وكان ذلك في 24 سبتمبر. قلت لم أشاهد منذ نكسة 67 إلا مباراة كأس العالم 98 مضطرا إبان زيارتي لمصر إذ أراد أطفال الأسرة أن أري زيدان الذي لم أسمع به طوال حياتي في فرنسا.

استمر السائق في شرح طبيعة الصراع الكروي بين البلدين طوال ربع الساعة وأنصت تأدبا دون أن افهم. ثم نسيت الأمر إلي أن شاهدت في التليفزيون الفرنسي الاعتداء علي الأتوبيس الذي اقل اللاعبين الجزائريين بالقاهرة فتذكرت عادل الذي قال إنه سيذهب للقاهرة خصيصا لتشجيع فريق بلده.

ومن حينها شغلني يوميا البحث لمعرفة حقيقة المعلومات بقراءة الجرائد المصرية والجزائرية ومشاهدة القنوات التليفزيونية ومواقع انترنت. والخلاصة هي أن ما كتب من الجانبين طوال الأيام الأخيرة يصيب بالهلع.

فالنقاش لم يحصر في اللعب وإنما تجاوز وبشكل سمج وضحل إلي اللعب في التاريخ وفي هوية الإنسان في وقت لم يكن هو وقته ولا موضوعه.

إذ شكك بعض المصريين في المليون شهيد في حرب تحرير الجزائر وعتب علي الجزائريين نكران جميل للعون الذي قدمته مصر للثورة الجزائرية وأنه حان الوقت للتخلي عن أننا من العرب ويجب الهجوم علي الجزائريين في مصر وطردهم وأن الجزائريين يهاجرون ليعملوا كمساحي أحذية في الغرب...الخ.

الوطنية الكروية

ومن صحف الجزائر جاء الهجوم ليقول: إن العون من الرئيس جمال عبد الناصر إبان حرب التحرير لم يكن للثوريين الفعليين، بل سبب حربا أهلية ولقد ردت الجزائر الجميل بإرسال آلاف الجنود للمشاركة في حرب 73 وتوسطت لدي الاتحاد السوفيتي لمعاودة إمداد الأسلحة اللازمة لمصر برغم طرد الرئيس السادات للخبراء السوفييت....

ثم عن حوادث الاعتداء علي الفريق الجزائري في القاهرة كانت عناوين الجرائد: ماذا كنا ننتظر من أناس تفرقهم العصا ويجمعهم المزمار؟ والمصريون هم الشعب الوحيد في العالم الذي يسكن القبور والشعب المصري أكبر شعب مستهلك لحبوب (الفياجرا) نتيجة حالة الإحباط التي يعيش فيها وتمنعه من تحقيق رجولته.. ثم الخروج إلي السياسة الخارجية بالقول بأن المصريين : سلبوا من السودان منطقة حلايب بعد حادثة الاعتداء علي الرئيس مبارك في أديس أبابافي 1995 والقول بأن عناصر سودانية هي التي قامت بالمحاولة.. وقامت مصر بإعلان جبل علبة السوداني كمحمية سياحية مصرية منذ 2000.

فما يلوح هو أن أجهزة الإعلام المهيمنة في البلدين قامت بعملية فبركة ماهرة للجموع من الشعوب التي تمت عليها عملية تصغير لرؤوسها.

علاوة علي أن هؤلاء المسئولين أنفسهم تم سابقا تصغير رؤوسهم مرتين فأصبحوا يتمتعون بقدرات خارقة في تأثيرهم لاستبدال الروح الأصلية للشعوب بروح حداثية كروية فقط أو وطنية الكروية وتعميم انعدام الرشادة.

والنتيجة أنهم يحاولون صنع جماهير تجد ذاتها وهويتها متجسدة في لاعب أو فريق محلي أو فريق عرقي أو قومي.. جماهير منصهرة من جميع الملل والنحل والأجناس يوحدها واحد أحد: الكرة.. جماهير ترفع أعلاما محرمة عليها في كل وقت أخر وتتجمع بالآلاف في زمن معلوم في حين لا يحق لها ذلك في الأيام الأخرى إلا من خلف الأسوار في الجامعات والمصانع. جماهير تهتف في حين إن الصمت هو القاعدة المطلقة المفروضة عليها في حياتها اليومية ولو من اجل الدفاع عن بقائها.

 فهذه الروح الكروية الجديدة مبرمجة بفترة زمنية محددة قبل المباراة وأثنائها وبعدها بقليل ويسمح لها أن تهتف وتقذف وتسيل الدماء.

فهذه الكائنات هي نفسها التي تقع في معسكر التناقض مع السلطات السياسية التي تحرمها الماء النقي والعلاج والعمل والحرية والديمقراطية.. جماهير حبسوا روحها واستبدلوها بروح مُسيرة عن بعد دون وعي ولأجل محدد وبعدها تنسي تلك الحرية المطلقة وترتدي قيودها وتدخل قفص الحياة اليومية بسلامها الاجتماعي دون احتجاجات ولا مظاهرات ولا اعتصام ولا مطالبة بتغيير للدستور ليساوي بين المواطنين من كل ملة وبوطن للجميع دون تجريم.

تلك هي الجماهير نفسها التي لا يحق لها المطالبة بحرية انتخابات أو نزاهتها ولا بحق كل مواطن للترشيح لرئاسة الجمهورية لفترة محددة وليس حتي الرمق الأخير.

وهي ذات الجماهير التي يتم منعها من حرية تشكيل الأحزاب وإصدار الصحف وحرية التعبير


2010-09-29 00:50:02
شاركنا على مواقع التواصل الاجتماعي:



شارك بالتعليق
سامح2010-09-29 16:55:58
العرب على حقيقتهم
هدول "الأمة العربية" على حقيقتها، متل الأخوة الأعداء، شاطرين بس على بعض، قال تاريخ واحد ولغة وحدة والله واحد ... 
سوريا
haysamm2010-09-29 11:43:32
للأسف هذا حال شعبنا
فرغم أننا نعرف مشاكلنا إلا أن قبليتنا تظهر عند كل مناسبة فنحن عرب من أصول بدوية مهما ملكنا من مال ومن حضارة
-سوريا