عشوائية هي أفكاري إن أردت الحديث عن الجولان......
زرت مع زوجي الجولان مرارا وكم كنت أستمتع بهواه العليل وخضرته
النضرة ....
وكلما عدت إلى نفسي كنت أتألم لجرح هذه الرقعة السورية الصامدة وأتخيل دماء الشهداء
الذين سقطوا عليها أحراراً وأصلي في قراره نفسي أن تعود تلك الأرض إلى أهلها وأن
يعود الحق إلى نصابه....
الجولان......... أرض الخير والنضارة والخصوبة يئن مجروحا ...مؤمنا .... منتظرا يوم
ينكسر القيد الظالم .... وتزال الأسلاك الشائكة الحاقدة التي طالما خلفت ورائها
دموع أمهات يودعن أبنائهن نحو الجهة المقابلة ....
إن
صوره الجميلة ما تزل في ذاكرتي وفي قلبي وقد امتزجت بقصة حقيقية عن غزالة ولدت من
أم بقيت خلف السلك الشائك في الجهة المقابلة ....فلم تجد أما ترعاها أسوة بكل
الصغار وتعذر على الأم شم ابتها أو إرضاعها ..... وفصل بينهما السلك الشائك ....
قطعة من القلب هنا والأخرى في الجهة المقابلة .... الأم والصغيرة والسلك ... حكاية
الفصل والعنصرية التي امتدت تطال كل الكائنات والخلائق الماثلة على أرض طيبة تناشد
الحرية والسلام .....
واشتدت حدة الظلم ليتحول لدم وأشلاء حيث قتلت الأم بلغم مدفون تحت الأرض داسته
خطاها المتوترة والمشغولة على صغيرتها....
رات الغزالة اليتيمة إحدى الفلاحات الصغيرات المقيمات في المنطقة فأبصرت روحها
الحياة مجددا .... تلك الحياة التي هددها السلك الشائك والحقد المدفون تحت الأرض
الطيبة ....
كبرت الغزالة الصغيرة وعاشت تحت شمس الجولان الدافئة وشمت رائحة أرضه الطيبة وعشقت
ماؤه العذب .... تحدت الموت والقهر تماما كتلك الياسمينة التي نبتت بين أنقاض مدينة
القنيطرة المدمرة وكبساط العشب الأخضر الذي ينبت كل ربيع على أشلاءها متحديا الموت
والبربرية.....
دعت عائلة الطفلة المجموعة الأثرية العاملة في الموقع والتي كان أخي أحد أفرادها
لتنازل طعام الغداء تألم الجميع عندما خلع والد الفتاة قدمه الاصطناعية ووضع جانبا
محذرا ضيوفه من الألغام .....
وكبرت الصغيرة على جرحها الذي ضمدتها له ابنة
الوطن.....
