الجرادة حشرة لطيفة جداً، ومقدمتها جذابة تشبه طائرات الهيليكوبتر، وعيناها الجميلتين تشبهان المصابيح الأمامية للسيارات الرياضية الحديثة.

في الصغر درسنا الجرادة على إنها حشرة ضارة جداً، تجتاح الزرع وتلتهم الأخضر لتحول ما بقي منه إلى  يابس إن بقي منه شيء، ورأيت هذه الحشرة لأول مرة على دالية العنب في جنينة بيت جدي، وخفت منها إلى  درجة الهلع، رأيت الدبابيس في قدميها فخشيت أن تغرسهم في يدي إن هي وقفت عليها، فصرخت ووصلت النجدة، وتم سحق هذه الحشرة، وندمت لأنها لم تؤذيني بالمطلق ولم يكن هناك داعٍ لأن أتسبب بموتها.

قالوا لي كل شيء عن الجرادة ولكنهم لم يقولوا لي أنها تؤكل، في أول محاولة لي لقراءة الكتاب المقدس قرأت أن أحد القديسين كان يأكل الجراد! فوقعت في حيرة من أمري وسألت نفسي مرة تلو الأخرى ... لماذا كان القديس يأكل الجراد ... ثم يئست من العثور على الجواب وتركت المسألة ونسيتها ومنذ سنين طويلة...  واليوم عرفت الجواب بعد أن وصلت فواتير بقالية الوسام التي تغطي استجرارنا من المواد الغذائية لمدة ازبوع واحد بس ، كما يقول أشقائنا في جمهورية مصر العربية  الذين رضخوا للأمر الواقع وفتحوا معبر رفح ...

 وصلت فواتير الوسام ومعها وسام يشير إلى  أن سوريا أصبحت من أغلى دول العالم فدمشق أضحت أغلى من باريز بسعر العقارات والآن بسعر الغذاء، وأغلى من طوكيو وأغلى من نامابورك التي فقدت أبراجها التجارية بفعل فاعل مجهول لم يتم التعرف عليه حتى اليوم مع انه معروف جيداً من قبلهم و بالتأكيد، وخلفه ضمير مستتر وتم إسناد التهمة إلى  فاعل تحول ولم يزل إلى  مفعول به، وعرفت الإجابة على السؤال الذي حيرني لسنين طويلة امتدت من عهد الطفولة وحتى اليوم، عرفته بالصدفة البحتة، عرفته اليوم.

سين سؤال: لماذا كان القديس يأكل الجراد؟

جيم جواب: كان القديس يأكل الجراد هرباً من فواتير بقالية الوسام.

واليكم نبذة عن محتويات هذه الفواتير مع الاعتذار بشكل مسبق لرداءة الخط من المصدر.

175 غوري ـ 200 كيلاني ـ 155 لأسا (غير ربك ما بيعرف شو هاي) ـ المجموع 530 ليرة سورية فقط لا غير

حاشية: لم يتم التعرف على المادة المسماة غوري ونستبعد أن تكون قانصو الغوري وكذلك كيلاني ونستبعد أن تتعلق هذه المادة برشيد الكيلاني، وقد جرت العادة أن تحمل الفاتورة مبلغ وأمامه كلمة الترك فتكون إحدى الاحتمالات الآتية هي الواردة:

حلّوم الترك، مغلية الترك، مشللة الترك، أو زيتون الترك.

30 سامي ـ 135 كاكاو ـ 50 نص مدعبلة ـ 100 بيض العجل ـ 100 بانشا ـ 90 أم عدنان  ـ  المجموع ـ 505 ليرة سورية فقط لا غير

لكي لا يحدث لبث فإن المدعبلة هي الفليفلة الحلوة الخضراء بواقع نصف كيلو تضاف على السلطة لإحتوائها على كمية لا تقدر من فيتاميث ثاء (ثاء وليس سي بحسب مقررات مجمع اللغة العربية مع انه ليس لنا أي فضل في اكتشاف هذا الفيتامين)، أما مسألة التشبيه ببيض العجل فهذه طباق وجناس وعلامة تجارية خاصة بنا وبأخلاقياتنا نحن السوريين وهناك مسمى آخر يتعلق بقرون الفليفلة الحارّة الحمراء وهو مسمى لا يخطر في بال إبليس، أما أم عدنان فهي لا تقدر بثمن ولا يمكن ان يكون ثمنها 90 ليرة لأنها تحفر لنا الكوسا والباذنجان وتنقي لنا الخبيزة والسلق والسبانخ لزوم باباي.

225 معرونة اجنبية ـ 90 بصل ـ 100 برغل ناعم ـ 210 مازوروسا ـ 50 كولترالا كبيرة ـ 90 لبن سعودي عدد2 ـ المجموع ـ 765 ليرة سورية فقط لا غير

مع ملاحظة ان معرونة هي قرية تشتهر بكبة ابو طنوس الحيلة وهي ليست أجنبية بالمطلق، أما مازوروسا فيخيل إلي أنها جزيرة سياحية في بحر اليونان وتعتبر ضمن هذا السعر رخيصة جداً، اما لبن السعودية الذي حافظ على سعره بجدارة فيمكن معرفة السر في ذلك بعد فتح العلبة ، افتح علبة اللبن بنفسك واكتشف بنفسك أن نصفها ماء... ماء ... ماء...والباقي لبن وماء.

285 آرباك ـ 157 دوندرة ـ 60 خيار ـ 150 بطرخاد ـ 165 مشمش ـ 215 كرز ـ 123 لمجوف ـ 200 كوسا أو كولا ؟ غير واضح ـ المجموع : ـ 1355 ليرة سورية فقط لا غير

مع ملاحظة انه تعذر فهم كلمة آرباك والدوندرة التي قد تكون رب البندورة دلتا والله أعلم! أما بطرخاد فيمكن أن تكون اسم لهضبة صغيرة في قرغيزستان والله أعلم.

48 ملقوث ـ 120 تنبرة ـ 650 زيت الولائم كبيرة ـ المجموع : 818 ليرة سورية فقط لا غير ، والشيء بالشيء يذكر فلقد تعذر فهم كلمة ملقوث ويرجح أنها مستحاثة لثمرة برية من العصر الجوراسي المتأخر ، وكذلك التنبرة ويرجح أنها منفضة سجائر مع العلم بأن التدخين ممنوع في دارنا العامرة وقبل قرار منع التدخين بـ 15 سنة دون الخجل من الأهل والأقارب.

60 كرمل... ـ 75 رز مصري ـ 120 بامبي كيلو ... تبين أنها بامية أو ثمرة البامة (برضو لعمى شو رخيصة والله برخص الطراب) ـ المجموع ـ 420 ليرة سورية فقط لا غير

المبلغ الإجمالي للفواتير هو (الله يعين الفقير فقط لا غير) ولأن القديس كان فقيراً ولم يعنه أحد فلقد وجد الحل وتحول إلى  أكل الجراد وهذا هو الجواب السهل للسؤال الصعب منذ عهد الطفولة وإلى  اليوم ونخشى أن يتم اعتماد هذا الحل ليصبح القاعدة بعد أن كان الاستثناء، فنجد عاشقين على كوبري الشريبيشات (لا علاقة له بالشات تبع الماسنجرالمعطل حالياً) وفي يد كل منهم قرن ورقي يحوي جراد محمصّ وعلى خصر كل واحد منهم أيضاً بقيناية تبع الـ عشر نيرات، والكل بمثابة وجبة غداء.

سين سؤال: لماذا كان القديس يأكل الجراد؟؟

جيم جواب: كان القديس يأكل الجراد هرباً من فواتير بقالية الوسام.