المساهمات في هذا الباب لاتعبر بالضرورة عن رأي المركز
|
أشواق ضائعة ج 2 ... بقلم : غالية طرابيشي |
مساهمات القراء |
السلام عليكم
حقيقة الايمان نداء خفي وصراخ صمت لا بد أن يعود صداه يوما ما
هذه أنا من جديد, وكالعادة سأتحدث عن نفسي, فلا أحب أن أتحدث عن
أحد, وبصراحة ليس المهم عمن الحديث, بل المهم العبرة والوصول لها, لا أعرف ماذا
أخبركم, من المؤكد ستضحكون علي, لكن إن قلت إن الشك والظن كانا سبب في هلاكي ودماري
فصدقوني, وإن قلت سيتحول الجنون إلى هوس وسيتدفق الغباء كالشريان, فلا تؤاخذوني,
ليس لأني لم أثق بالله تعالى واكتفيت بمراقبته لي وهو خير رقيب, بل بسبب ما ملأ
عقلي وقلبي من سوء الظن حتى سيطر عليهما, وأصبح عقدة ترافقني كظلي, عندما كنت أشعر
في كل مرة, أن أحداً ما يراقبني, أو قد أرسل أحد ما ليفعل ذلك, وغاب عن بالي تماماً
أن الله هو الرقيب العليم, لذلك أردت معرفة هوية مخبري الخفي الذي يلاحقني, وخطرت
ببالي فكرة الله يجيرنا, وهي ليست من تأليفي بل من تأليف وسيناريو وإخراج الوسواس
الخناس الذي في صدري, ولكنها كانت من تمثيلي الشخصي, وفي البداية نزعت حجابي سترتي
وحشمتي ولم أجد أحد يعاتبني, ثم بدأت التدخين مع رفاق السوء ولم يكن أحد ليعاتبني,
فما الحل..؟
ثم تعرفت على شاب وخرجت معه كل مكان وعلى أعين الجميع, ولا حياة
لمن تنادي, وتطورت علاقتي بالشاب حتى جرفت نفسي معه لهاوية المخدرات, ولم يلاحظ أحد
شيء بعد, بل وراقت معي الأمور ورسمها الشر في عيني حلاوة وجمال, وقلت لنفسي هل
يعرفون ويبيتون لي نية, مما جعلني أكمل الرواية كي أجد خاتمة مثيرة ومعبرة لها, حتى
وصلت للحبكة اللذيذة وانتهت كلماتي في أحد بيوت الدعارة وليس بيوت الشعر, ولم يظن
أحد بي بعد بينما أنا ما زال الظن يحفر ظني, بأن أحد ما يراقبني, لكن أين ذهبت من
مراقبة الله تعالى, فتحدثت مع نفسي الشريرة بأني لم أعد أحتمل ذلك, يجب أن أعرف من
يطاردني فرأيت أني إن قتلت من كان معي تلك الليلة في البيت سأجذب النظر إلي وعندها
سيظهر المراقب السحري, ولم يظهر إلا رجال الشرطة الذين رموني في السجن بانتظار موعد
إعدامي, وصدقوني لا أعرف لماذا حتى الآن وأنا على حبل الإعدام, لما ما زلت أشعر أن
هناك أحد ما يراقبني, فما الحل ..؟ وسألني المشرف على إعدامي إن كنت أريد قول شيء
قبل موتي, فنظرت إليه وصرخت بأعلى صوتي وقلت, أريد أن أعرف من يراقبني, فصمتَ
قليلاً ونظر إلى وجوه من كان معه, ثم قال بصوت كئيب, لا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم, ربنا ثبت علينا العقل والدين يا رب, ثم ذهبت في وداع أبدي دون أن
أعرف من كان يراقبني ...!!؟؟؟ هذا غريب لماذا لم تضحكوا...!!!
تعرفون أن هذا الكلام ذكرني بصديقة لي لم أعد أراها منذ أيام
طويلة, منذ إعدامي الأخير, وهذه المرة سأتحدث عن صديقتي لماذا.؟؟ لأنها طلبت مني
ألا أتحدث عنها, وأنا وكما كانت تقول دائماً, أني لا أفعل إلا العكس, ولأن قصتها
أيضاً مضحكة, لكن آمل أن تضحكوا هذه المرة, فانا أحب أن أرى ضحكتكم, لكن أرجو أن لا
يأتي يوم وتضحكون على أنفسكم, لماذا ..؟؟ لأنكم تقولون أن الاستماع للأغاني حرام,
وأنتم أول من يستمع لها في السيارات وعلى أجهزة المحمول, وفي الطرقات تصدح وتعلو,
وأيضا الفتيات قرب شاشات الفضائيات يترقبن وبلهفة أخبار النجمات الأرضية التي تسير
على بساط من نار, لذلك قررت أم صديقتي أن تمنعها عن هذه القنوات وما تبثه من أفلام
وأغاني سيئة المعاني, وهذه التكنولوجيا التي تفتك بالدماغ لكنها لم تكن تعرف أن
الدماغ في رأس ابنتها كان معدوم تماماً, فقد كان كل همها المشاوير والحفلات وآخر
الموضات, كانت وحيدة بين خمسة شباب ورغم ذلك لم تكن مميزة كثيراً في عائلتها,
وأرادت الزواج فقط لتخرج وتدخل كما يحلو لها ظناً منها أن الزواج مجرد رحلة ونزهة
لتفعل ما تريده بمنطلق الحرية ومن دون أي رادع, ولا أعرف لما أصبحنا ننسى السبب
المهم الذي من الممكن أن يبعدنا عن الخطايا والسوء, ألا وهو الخوف من الله تعالى,
المهم تزوجت وبعد أسبوع واحد, واحد فقط عادت لأحضان غرفتها التي أدمعت جدرانها
لغيابها الطويل جداً, وعادت لتعيش حياتها بلا هدف, وما أصعب الحياة بلا هدف تسعى
وتحارب من أجله, ويكون عنوان وجودك وإنسانيتك, كانت كالطبل الذي يصدر ضجيج مرتفع
ولكنه فارغ من الداخل, فاقدة لكل أنواع الإحساس, وعندما يفقد المرء الإحساس يعني لا
تعليق ممكن أن يضاف, عندما لم يعد الإنسان يعرف نفسه وسبب وجوده في الحياة فضع نقطة
وأنهي كل شيء ...........
كانت توهم أمها بأنها الفتاة المثالية التي تسمع وتطيع الكلام,
ولا تعذب أمها أبداً وكانت كلما طلبتها في أمر تجدها على سجادة الصلاة, وتشكر الأم
الله تعالى على ذلك, بينما هي كانت لا تعرف قيمة الوقت حتى, وتضيعه في الملاهي
والأشياء التي لا تقدم ولا تؤخر, يعني مثل الشيء الذي وجوده مثل عدمه, وكان كل ظن
أمها أنها عند صديقتها تدرس معها, أو معه, كانا يدرسان من خلال الانترنت لكن
بالاستخدام الذي هي تريده, حتى زلت أخلاقها وخانها ضميرها, وانجرفت بكل وضوح وسهولة
لعالم لا تتمنى هي نفسها لأحد أن يدخله, ولقد كانت هذه المرة الأولى والأخيرة التي
تفتح لي فيها قلبها, لتخبرني بتجربتها السيئة مع النت منذ قابلتها آخر مرة, فقد كنا
معاً نسلك طريق الضلالة والفاحشة, ولو كانت كل واحدة منا في مكان, إن ذلك الذي
يسمونه التطور, لقد أخذ منها أغلى ما تملك, أخذ سمعتها ومالها وعقلها ووقتها
وأهلها,وقد وجدت أخيراً حجة أضل منها, لترمي فيها أخطائها, فلم يترجاها النت لتسيء
استخدامه في مآربها الفاسقة, وبصراحة لقد أمنتني بألا أخبر أحداً, لكن مع الأسف
طلعت قليلة الأمانة, بينما هي طلعت قليلة الذوق والأخلاق, عندما هدمت حياة كل من
حولها بطيشها واستهتارها, الأمر الذي دفعني للحديث عن نتيجة تجربتها المرة, واستمر
الوضع هكذا على أن صديقتي في نظر أمها الفتاة المطيعة الأمينة, إلى أن بدأت
الاتصالات الغريبة تأتي وتذهب, وتثير الشكوك والمخاوف, حتى جاء ذلك الاتصال الذي
أخرج الحقيقة من أكياس الظلام, صرخت الأم : لا..؟؟ مستحيل ابنتي لا تفعل ذلك, أكيد
هناك خطأ, قال لها قسم الشرطة وبكل وضوح واختصار, لقد وجدنا ابنتك ميتة في أحد بيوت
الدعارة, وبعد التحقيق وتشريح الجثة عرفنا أنها كانت حامل, وأنها قد انتحرت بجرعة
زائدة من المخدرات, لكنها ..!! وهذه نقطة لصالحها, يبدو أنها بعدما قامت بالانتحار
ندمت كثيراً, وحاولت أن تطلب المساعدة, لكن كان قد فات الأوان, ولن يأتي أحد
لمساعدتها فلم تترك لها محب ولا عدو, وهي تموت قالت لنفسها, فات وقت الندم فموتي
ببؤسك وندمك وقهرك وكوني عبرة لغيرك فهذه نهاية من يعصي الله تعالى عن قصد, لم تصدق
الأم المسكينة ما سمعته عن ابنتها, التي تدخل البيت عفيفة وتخرج منه الأمينة
الصادقة, وكانت لم تعلم بعد بالمصائب التي ارتكبتها العفيفة الصادقة عبر النت,
والتي ستكون خراب لبيوت كثيرة من الأقارب, الله يجيرنا ويحسن آخرتنا, ولكن لا أدري
هل هو خطأ صديقتي, أم خطأ أهلها, أم خطأ في طريقة التربية, أم هي ظروف حياتنا
الحالية المرة, أم هو خطأ في الصفحة, كثرة الأخطاء والموت واحد, وحقيقة يموت
الإنسان ولا يأخذ معه إلا عمله ولا يترك وراءه إلا عمله, وفي الحقيقية أيضاً..!! إن
شر البلية ما يضحك .....
|
|
2010-05-19 13:00:43 |
شاركنا على مواقع التواصل الاجتماعي:
|
|
|
|
شارك بالتعليق
|
|
|