2007-12-03 18:20:29
ÇáãÓÇåãÇÊ Ýí åÐÇ ÇáÈÇÈ áÇÊÚÈÑ ÈÇáÖÑæÑÉ Úä ÑÃí ÇáãÑßÒ
أحياء دمشق وحاراتها ( أطلال اجتماعية ) 1

مع التغيير الكبير الحاصل في دمشق اليوم .. لابد وأن نسجل حقيقة دمشق كما عرفناها وسمعنا عنها وعشنا فيها ولو لمدة قصيرة قبل التغيير .. والتي لم نعد نعرفها اليوم .. ؟


وهذا الموضوع هو سرد سيأخذني بالتتابع .. من فكرة الى التي تليها ..وقد أعود الى سابقتها .. وأمضي في السرد بشكل يرتبط مع ما تبقى في الذاكرة .. عندي وعند من أعرفهم .. وعند من سيضيف من الأصدقاء الأعزاء ..

ولندخل معاً الى حارات الشام ..

أول ما يلفت النظر في حياة الأحياء القديمة في دمشق أن هذه الأحياء كانت شبه مغلقة على أهلها .. فالناس تعرف بعضها بعضاً .. ويعرفون الولد والصهر والحفيد والنسيب والغريب المار بالصدفة .. والدكاكين التي كانت على الأغلب في ( مصلبة ) الحي وكان أصحابها يعرفون الناس ومن مر منهم ومن تخلف عن الخروج .. ويستثنى من ذلك ما كان شارعاً عاماً و ( زقاقاً ) يوصل الى حي آخر ..

كانت بعض الطرقات الصغيرة التي لا منفذ لها تسمى ( الدخلة ) ولها باب ضخم من الخارج ويغلق ( الدخلة ) بكاملها .. وهذا الباب الكبير أو ( الرتاج  ) يسمى ( باب خوخة ) في اصطلاح الدماشقة .. مصنوع من الخشب وفي وسطه باب صغير يدخل منه الناس إذا كان الكبير مغلقاً لأمر ما .. وهذا ما استدعاه انعدام الأمن في عهود ماضية طويلة .. وما يزال بعض هذه الأبواب موجوداً حتى الآن كما في دخلة زقاق البرغل المتفرعة من سوق الصوف ..

شيئ آخر يلفت النظر في الأحياء القديمة وهو تعرج الأزقة وضيقها أحياناً وهو ما يستغربه المرء لاسيما أن أهل دمشق يملكون الفكر الهندسي ملكاً تاماً بدليل أن نظام المياه في دمشق عجيب و ( مدوزن ) بحيث تنساب المياه بسلاسة من بيت الى بيت ولولا ذلك لاختل التوزيع .. كما أن توجيه البيوت نحو القبلة كان يسمح للشمس بأن تدخل الى صدر الغرف شتاءً وذلك لأن مدارها في بلادنا يكون قريباً من الافق في الشتاء .. أما في الصيف فلا تدخل الغرف مطلقاً لأن مدارها يكون في سمت السماء وقلبها .. فمن يحسن توجيه البيوت و( دوزنة ) المياه لا يعسر عليه أن يجعل الأزقة مستقيمة لو شاء ..

لكنني عرفت السر من حديثي مع كبار السن في دمشق الذين قالوا لي : إن هذا أفضل لسببين ..

- الأول أمني .. فبذلك يسهل الدفاع عن الأزقة إذا هوجمت ولا يرى المهاجم الطريق حتى آخره ولا من يكمن له في المنعطف ..

- الثاني اجتماعي .. لأن النساء يخرجن في النهار من بيت الى بيت مجاور أو مقابل .. دون أن يراهنّ أحد لأن الأزقة متعرجة تحجب الرؤية من بعيد .. وكان من عادة أهل دمشق أن السائر في زقاق ضيق أو حارة يجب أن يعلن عن قدومه بأن يظل يقول بصوت عال : يا الله .. يا ستار .. فتحس به سيدات البيوت إن كن قرب الأبواب ويغلقنها ..

وقد جاء تفسير ذلك التزاحم واستغلال الطرقات في كتاب تاريخ الصالحية ( ابن طولون ) حيث قال أن غارات الصليبيين التي كانت في القرن السادس الهجري حملت سكان القرى والأرباض حول دمشق على الخوف والهرب الى داخل سور دمشق فصار عدد سكانها أضعاف ما كانوا عليه .. فضاقت الأزقة واختفت الرحبات وبرزت الغرف على الطرقات .. فلما جاء السلطان محمود بن زنكي الشهير بنور الدين الشهيد في عام 549 هجري.. تنفس الناس ارتياحاً وانفرجوا وعادوا يؤسسون خارج السور أحياء جديدة أولها على الاطلاق .. حي العقيبة .. وعاد الناس الى سكنى ( بيت لهيا ) و ( مقرى ) و ( النيرب ) و ( الربوة ) .. ثم تأسست الصالحية ..

ولذلك نرى أن البيوت الكبيرة داخل سور دمشق قليلة جداً وأكثر البيوت صغيرة نسبياً ومتلاصقة مما أظهر كل حارة أو حي كأن لها سقفاً واحداً .. هذا الذي أعطى دمشق القديمة طابعاً متميزاً فريداً للتعايش بين البشر في مساحة صغيرة وبتقاليد تحتم عليهم جميعاً استمرار ذلك التعايش الذي فرض نفسه قانوناً صارماً غير مكتوب ..

كان ( الحي ) وحدة اجتماعية متميزة ولا شك في أن هناك صفات مشتركة بين أبناء المدينة نفسها .. ولكن لكل حي صفات خاصة به وأحياناً لهجة خاصة ..

فالشاغوري نزق وفي لهجته حرارة .. وقد كانوا يفخمون الرقيق من الكلمات فيقولون ( الرصول بدلا من الرسول ) و ( قطعة صلاح بدلا من سلاح ) ..

والميداني كان يقال عنه ان اصبعه ( تخينة ) دليل أنه وازن ويعطي لنفسه ثقلاً مبالغاً فيه ..

والقيمرية كانت تسمى الهند الصغيرة ..

وسوق ساروجة اسطنبول الصغيرة وخاصة حارة قولي ..

والصالحية ينسبون إليهم الكلام الرخو مثل ( السمس بدل الشمس ) و ( الزوزة بدل الجوزة ) ..

واذا دخلت حارة المغاربة فالكلام الجزائري والمغربي يطل عليك بلهجته الحادة والسريعة النزقة فيخيل اليك أنك في شوارع فاس أو مكناس أو القصبة في الجزائر .. وليس ذلك في الكلام فقط وانما في الطباع الحادة السريعة النزقة .. والنكتة المشهورة عنهم في دمشق تقول :

ان رجلاً قال لمغاربي : انك منظوم وشهم وابن حلال لولا فيك هذه العلة ؟

قال له بحدة ونزق : وسنو هيه ؟؟

أجابه : هي هيه

ولهجة أهل القصاع وباب توما تختلف عن سائر المدينة ..

وفي المهاجرين كانت التركية غالبة على العربية لكثرة المهاجرين الأتراك والألبان والشركس فيها ..

أما الأكراد فحديثهم بالعربية مليئ بخفة الدم وهم يرققون المفخم من الكلام فيقولون ( ننبست بدل ننبسط ) و ( تلعه بدل طلعه ) .. وطباعهم فيها بساطة انسانية محببة وتستطيع أن تأمن الكردي بأنه لن يخاتل أو يخادع واذا صادم فبسذاجة وبساطة لا تنفيان الذكاء ..

والأرمني مثابر ومنتظم وصادق في كل أعماله .. يخطئ بإنتظام شديد في المذكر والمؤنث فكل مذكر يخاطبه بالتأنيث وكل مؤنث يخاطبه بالتذكير ( ولا يخطئ بهذا الخطأ ولا مرة واحدة أبدا ) لأن لغتهم خالية من المذكر والمؤنث .. وكان أكثر وجود الأرمن بحي ( الزبلطاني ) خارج السور وقريبا منه ..

كما كان اليهود ( يمطون ) آخر الكلمات بحيث يختفي آخر حرف من الكلمة بالتالي .. فيقولون ( لكااااا بدل لكان ) وهذا يعود الى خبث اليهودي المعروف بحيث يمكنه التهرب من الكلمة أو التفكير فيها أثناء اطلاقها بأن ( يمطها ) .. وقد انتشرت هذه اللهجة بشكل غريب مع قدوم أفواج جديدة وضخمة الى دمشق منذ منتصف الخمسينات 1955 ومحاولتهم الاندماج بالمجتمع الدمشقي ؟ والذي واكب هجرة الدمشقيين بشكل كثيف وحتى هذه اللحظة هربا من الضغوط المختلفة ..

أما الهجرات التي كان أكثرها عائلي فقد انتظمت بظاهرة التكتل في مهنة خاصة بهم تجمع أفرادها ..

ففي بعض مناطق الشيخ محي الدين نجد المخللاتية ( صانعي المخلل بأنواعه ) وكانوا من ضيع الساحل ..

والخبازون أكثرهم من معلولا ..

وسائقو السيارات الشاحنة وأصحابها من صيدنايا ..

والنحاتون والمعماريون من التل ومنين ..

وكان نجارو الموبيليا وصناع الأعواد الموسيقية أكثرهم من القصاع ..

وأكثر سكان حي الأمين والجورة يعملون في النسيج والنول ..

وأكثر الصاغة باب توما ..

وقد اشتهر اليهود بجمع الملابس القديمة وتجارتها وبمهنة ( القنياطي ) التي هي تنظيف حفر المياه الآسنة حيث لا توجد المجاري ولا بد أن الكلمة مشتقة من الأقنية وتنظيفها ..

وفي التجارة نجد تجارة الحبوب والأغنام في الميدان ..

وتجارة مال القبان ( مواد الطعام الأولية ) والتجارة عموماً .. في القيمرية ..

أما الحرير والجلود والصوف فكان في الشاغور ..

ونعود في الحديث الى الأحياء لنذكر أن مدينة دمشق قبل التقسيمات الإدارية كانت مقسمة الى ( أثمان ) ..وهذه الأثمان هي ..

سوق ساروجة - العمارة - مادنة الشحم - القنوات - باب سريجة - الميدان - حي اليهود - القصاع

واضيف اليها بفترة متأخرة ( ثمن ) تاسع .. وهو حي الصالحية ..

وبالطبع .. كل شيئ اختلف الآن ..

وقد كان لكل حي ( مختار ) و ( هيئة اختيارية ) ..

كانت ( هيئة اختيارية ) المحلة ذات نفوذ اجتماعي .. والوجهاء نفوذهم أكبر لأنه غير رسمي .. وكل من يقصد وجيه الحي في أمر يناله غالباً .. وان قصده في نزاع مع شخص دعا الوجيه الطرفين فحضرا اجبارياً وإلا تنكر لهما الحي بأسره .. وما يحكم به الوجيه ينفذ على الطرفين فوراً وكثيراً ما كان الوجيه يحل النزاع من ماله وهذا هو ثمن الوجاهة ..

فيما مضى وليس الآن ..

فالآن الوضع معكوس ..............

ومن المعروف في تلك الأيام أن الناس كانت تتهيب حلف الأيمان في المحاكم إذا دار النزاع حول الحق .. وكانت الكلمة الشائعة التي يستخدمونها هي ( نحن لا نحلف - لا صادقون ولا كاذبون ) .. احتياطاً إذا كان الحق فيه التباس ما ...


سورية من حي المغاربة 2008-11-20 15:46:56
ليش
ليش عم تحكي عالسوريين المغاربة هيك شو مامبيين عينيك لك يسلملي حي المغاربةوتسلملي الشام كلها
سوريا
شــ"شاغورية"ـاميـة 2007-12-05 16:37:43
مع الشكر الجزيل
و الله كلام جميل جداً أثلج صدري, لكن أريد أن أطلق صفارة الانذار وأعلن حالة الطوارئ السريع لايجادالحل الفوري لما يحدث لمدينتي و مربيتي و حبيبتي دمشق, الرجاءالحاراتخاذالتدابيراللازمة لانهاء ظاهرة المطاعم في دمشق القديمة, كفاناتدنيس لحاراتهاالقديمة والله عندما أدخل أزقتهاوأرى كثرةالمطاعم فيهاو ما يتبعه من انحلال أخلاقي أحس بأن القلعة تفقد عذريتها
سوريا
م.ياسر بكداش 2007-12-04 21:37:06
يتبع
ان اول مخطط تنظيمي لمدينة دمشق وضع عام 1936 م. من قبل المهندسين المعماريين الفرنسسيين دانجيه وايكوشار اما في العقود السابقه فلم يكن هناك مخطط عام يوضع للمدينه-master plan- ليحدد المناطق طبقا للنشاط والمحاور وخلافه فكان نمو المدينه تلقائي -عضوي-
سوريا
م.ياسر بكداش 2007-12-04 14:16:34
مساهمة مميزه
ان علم تخطيط المدن قد تطور في السنوات الاخيره بشكل كبير جدا وهو من اهم العلوم للمدن المعاصره وهناك عوامل كثيره ساعدت في تطويره من تقنيات حديثه ولاسيما الحاسوب وجمع البيانات وتحليلها وزيادة عدد السكان بشكل مضطرد والتطور في كافة النواحي ولاسيما المواصلات التي كان لها الاثر الكبير في تغيير معالم-الحاره-لشارع ليستوعب وسائل المواصلات
سوريا
mona 2007-12-04 11:01:51
شكر
شكرا على مواضيعك الرائعة ابن الشام وياريت توضح هل المواضيع المتعلقة كلها الك
-سوريا
دمشقي و ليس شامي 2007-12-04 08:22:36
و الله دمشق إسم جميل لماذا نهرب منه
أحيي السيد كاتب المقال على التشديد على ذكر دمشق في مقاله و الإبتعاد عن كلمة الشام كما يفعل العوام و لا أدري هل هي صدفة أم مقصودة لأن كلمة الشام تشمل سورية كلها أما كلمة دمشق فهي دمشق وحدها بروعتها و جمالها. أما المعلقين فقد أخذوا راحتهم في ذكر الشام و الإبتعاد عن ذكر دمشق و لأدري والله ماهو السبب.
-سوريا
قنواتي 2007-12-04 07:50:19
تسلملي عينك
لله يسلم ايديك بس ما حكيتلنا عن القنوات بتمنى عليك تحكي عنها بموضوع قادم و شاكر و مقدر لك
-سوريا
sama 2007-12-04 06:58:39
مغترب و الجمال
اجمل مافي الكون ياسمين شام ولكن اجمل مافي الغربة عزة النفس والاحترام وتقدير وحب الوطن
الكويت
وائل لبابيدي 2007-12-04 04:46:56
رائعة
اسلوب جميل في السرد و الوصف. نتمنى من الجميع تبني هذا الاسلوب في وصف الشام الغالية على قلوبنا. نريد ما يجمعنا ونبتعد عن الاسلوب الاستفذاذي : زاه ر س لول : على سبيل المثال.
-سوريا
SALA 2007-12-04 04:47:50
أحياء دمشق
حضرة الكاتب المحترم لماذا مررت على أحياء باب توما مرور الكرام نتمنى عليك أن تستفيض بالشرح لأحياء دمشق القديمة فحتى أطفالنا يهمها أن تفخر بماضيناوشكرا
-كندا
شامي 2007-12-04 00:41:33
زرفت دموعي
وأنااقرأ مقالتك الرائعة هذه فقد زرفت عيناي الدموع متخيّلاً دمشق وزقاقها بصورتها القديمة لا بصورتها الحديثة، صحيح أنّها الآن مازالت تحافظ على نفس رونقها وتاريخها العريق إلا أنّنا لم نعد نرى فيها نفس العادات والتقاليد وحب الجار لجاره، تلك العادات الرائعة ومكارم الأخلاق التي كانت سائدة في ذلك الوقت أحياناً أتمنى نفسي لو وُلدتُ في ذلك التاريخ
-سوريا
معاذ بن ابيه 2007-12-03 21:51:04
صح لسانك
شكرا لك على المعلومات القيمة التي ان دلت على شئ فهي تدل على محبة السوري لارضه وابن الشام لشامه وفقك الله
سوريا
مغترب من المزة 2007-12-03 19:11:40
ووين المزة
شو وين المزة يلي هلأ هيي أساس العاصمة دمشق ويلي فيها أرض كيوان يلي يتخانقو علييها التجار مين بدو يشتري قطعة فيها
سوريا
copy rights © syria-news 2010