2007-05-27 23:59:02
حرب بلا نهاية

غير آبه بمدى التدهور الذي وصلت إليه حربه التي شنها على العراق، يتبختر الرئيس الأمريكي جورج بوش وكأنه جنرال منتصر في تلك الحرب. كل ذلك لأنه تمكن من إخافة ذلك التحالف الديمقراطي المذبذب وجعله يتخلى عن محاولته لوضع موعد محدد لإنهاء بليته الكارثية.


ومع نهاية الأسبوع الماضي كان السيد بوش يتصرف وكأن بعض أعضاء البرلمان الأقوياء قد سمحوا له بتجاهل ليس فقط الديمقراطيين بل الغالبية العظمى من الأمريكيين اللذين يريدون منه التوقف عن مطاردته لأوهام النصر والمجد والتركيز على كيفية إيقاف المذابح التي تطال أرواح الأمريكيين الشبان. ولكن يبدو أن وفاءه الأبدي لأوهامه يجعل السيد بوش مصراً على أنه الوحيد الذي يفهم تماماً من هو العدو الحقيقي.

وفي حديث له أمام طلاب أكاديمية خفر السواحل صرح السيد بوش أن القاعدة هي "عدو الشعب رقم (1)" في العراق وأن هدف "الإرهابيين" في العراق هو تغذية إشعال العنف الطائفي و وقطع الدعم المقدم من أمريكيا للحرب. وفي اليوم التالي التفت بوش إلى أحد الصحفيين، الذي دفعه تهوره إلى التساؤل عن انحدار مصداقية السيد بوش مع شعبه، وصرح أن القاعدة هي "الخطر الذي يحيق بالأبناء" واتهمه بتجاهل الخطر بشكل ساذج.

من المحبط جداً أن السيد بوش يعتقد بأن العنف في العراق ينتظر تغذية لاشتعاله، ومن المؤسف أنه لا يدرك بأن الدعم الأمريكي للحرب قد أرهق حمامات من الدماء خلال الأشهر القليلة الماضية. ولكننا أصبحنا معتادين على هذا الرئيس الذي ينأى بنفسه عن الواقع وعلى عاده في الاعتماد على رجال ضعفاء أمثال أولئك الأمريكيين اللذين لا يعيرون أدنى اهتمام للإرهاب لأنهم يشكون بسوء إدارته للحرب أو أنهم غير قلقين على ما ستؤول إليه الحال بعد انسحاب قوات الولايات المتحدة كنتيجة حتمية.

إن أكثر ما يزعج بتصريحات السيد بوش هي تصويره للحرب في العراق كما هي عليه تماماً عدا ذلك القتال الشرس بين الولايات المتحدة والديمقراطية العراقية الحديثة الولادة من جهة وبين القاعدة من جهة أخرى.

هناك فشل في الاعتراف بأن الحكومة التي تسيطر الطائفة الشيعية على غالبيتها في العراق هي حكومة غير ديمقراطية وأنها في حالة حرب مع العديد من طوائف شعبها.

ليس هناك أدنى شك بأن تلك المنظمة الإسلامية التي تدعى بالقاعدة تشكل تهديداً رهيباً ولكن أيضاً ليس هناك أدنى شك بأن الإرهابيين دخلوا إلى العراق بعد بدء الحرب.

نحن نؤمن أيضاً بأن العراق يجب أن يسير باتجاه الاستقرار كي تتمكن الولايات المتحدة من سحب قواتها منه دون إطلاق العنان لمزيد من الفوضى والتدمير. ولكن السيد بوش لا يدفع بهذا الاتجاه وجميع خطواته على أرض الواقع تجعل من هذا الاحتمال مستبعداً تماماً. والحل الوحيد يقع بيد القادة العراقيين الذين يتوجب عليهم إيقاف النزاع الطائفي الدامي والقيام بمحاولة حقيقية لتشكيل حكومة متحدة. إن هذه هي فرصتهم الوحيدة لإرساء الاستقرار في البلاد وخلق فرصة لانسحاب القوات الأمريكية، بل ولمحاربة القاعدة أيضاً.

أن الديمقراطيين اللذين دعوا إلى خطوات داعمة للتطور العملية السياسية في العراق مترافقة مع وجود جدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية كانوا يحاولون البدء بهذه العملية. ومن المخزي أنهم لم يتمكنوا من حشد الإرادة والتراصف للمضي قدماً في ذلك، ولكن نحن نأمل أنهم لن يتخلوا عن ذلك. وعلى الرغم من التفكك الذي اعترى الديمقراطيين إلا أن منهجهم يبدو أكثر واقعية بكثير من منهج بوش الذي ينكر تلك الحرب الأهلية الناشبة في العراق وحربه التي تبدو دون نهاية ضد الإرهاب.

افتتاحية نيويورك تايمز

ترجمة هدى شبطا - سيريانيوز


copy rights © syria-news 2010