2007-05-08 14:17:02
الألم العضلي المتعدد الروماتيزمي والتهاب الشريان الصدغي

تصيب الميالجيا المتعددة أو الألم العضلي المتعدد الروماتيزمي والتهاب الشريان الصدغي polymyalgia rheumatica كبار السن ممن تجاوزوا عمر الخمسة وخمسين عاما بمعدل شخص من كل مائتي شخص دون سبب واضح، ومع ذلك يمكن حدوثهما في فترة عمرية أقل.


وهي حالة مرضية يشتكي المصاب بها من ألم وتيبس في عضلات الكتفين والعضدين والرقبة وأسفل الظهر والوركين والفخذين، وتشتد هذه الأعراض في الصباح الباكر لدى الاستيقاظ من النوم. وتستمر الأعراض لفترة تتراوح بين ثلاثين دقيقة الي عدة ساعات ثم تأخذ في التحسن تدريجيا، ويتم تشخيصها عن طريق سرد التاريخ المرضي للأعراض.

ثمة نسبة قليلة تتراوح بين 5% الى 15% من مرضى الميالجيا المتعددة الروماتيزمية يصابون بنوع من التهاب الأوعية الدموية الذي يصيب شرايين الدم الكبيرة والمتوسطة والتي تعرف بالتهاب الشريان الصدغي (temporal arteritis) ولدى الإصابة بهذا الالتهاب، تزداد سماكة الشريان ويصبح ضيقا مما يقلل كمية الدم المتدفقة في الشرايين السباتية بما فيها الشريان الصدغي الذي يقع على جانبي الوجه ويمد عضلات الوجه واللسان والفك وشبكية العينين بالأوكسجين.

* أعراض المرض غالبا ما يصاب مرضى الميالجيا المتعددة الروماتيزمية بأعراض أخرى عامة، كالإحساس بالتوعك وفقدان الشهية ونقصان الوزن، وارتفاع درجة الحرارة والحمى وزيادة العرق أثناء الليل والاكتئاب، ويشعر المريض بأن جميع جسده يئن من الألم والوجع مع بلوغ أوج شدة الألم في الأماكن المعنية كالكتفين والرقبة وأسفل الظهر والوركين مما سبق ذكره. وبالإضافة الى هذه الأعراض يصاب مرضى التهاب الشريان الصدغي بصداع شديد خافق في أحد جانبي الرأس أو كليهما، وعادة ما يكون ألم الصداع فوق مستوى الأذنين وأمامهما مباشرة، وقد يشعر المريض بالألم بمجرد لمس فروة الرأس، وقد يكون الألم شديدا حتى يصل الي الفك واللسان وخاصة عند المضغ، وجود الم وانتفاخ (في واحد أو أكثر) الشرايين الصدغية.

ومن أخطر أثار التهاب الشريان الصدغي، إصابة الشريان المغذي للعين مما قد يؤدي الى فقدان للبصر فجائي وقتي أو دائم بدون الإحساس بأي ألم أو أي أعراض بصرية أخري، أو إصابة المريض بجلطة دماغية، يمكن تلافي حدوث هذه المضاعفات في جميع الأحوال بالتشخيص والعلاج المبكر. ونظرا لوجود قابلية لحدوث فقدان دائم للنظر، فإن على كل شخص (خاصة من تجاوزوا سن الخامسة والخمسين) لديه الشعور بالسقم أو ملاحظة إصابته بنوع جديد أو غير معتاد عليه من الصداع مع الشعور بآلام عضلية في الكتفين أو العضدين أو الوركين التوجه الي الطبيب على الفور لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة لتشخيص المرض.

* التشخيص والعلاج يعتمد تشخيص المرض بتناول التاريخ المرضي للحالة، فلا يتم التشخيص بالفحص الاكلينيكي ولا يوجد فحص طبي مخصص لتشخيص المرض ولكن لدى إجراء فحص سرعة ترسب الخلايا الحمراء الـ«إي إس آر» (esr) وبروتين سي التفاعلي (c-reactive protein) وهي المؤشرات المخبرية على وجود التهاب بالجسم، سنجدها مرتفعة وخاصة سرعة ترسب الخلايا الحمراء مع الأخذ بعين الاعتبار أن الارتفاع الطفيف في نسبة الـ«إي إس آر» قد يكون طبيعيا لدى كبار السن.

يتم علاج الميالجيا مباشرة بعلاج الالتهاب باستخدام مضادات الالتهاب اللاستيرودية كالأسبرين والبروفين، وقد يستجيب البعض الآخر لجرعات ضئيلة من الستيرويد (الكورتيزون) والتي يجب تناولها تحت إشراف طبي كي يتم تخفيض الجرعة تدريجيا مع مراقبة زوال الأعراض وانخفاض نسبة الـ«أي إس آر» في الدم.

والعكس صحيح فعلى الرغم من أن أعراض التهاب الشريان الصدغي غالبا ما تكون كافية لتشخيص المرض، على الطبيب تأكيد شكوكه في تشخيص الحالة عن طريق أخذ خزعة (عينة) من الشريان الصدغي بعملية جراحية صغيرة لا تستدعي النوم في المستشفي، وفحص هذه العينة تحت المجهر للكشف عن علامات الالتهاب الشرياني، كما ويتم فحص سرعة ترسب الخلايا الحمراء الـ«إي إس آر» والذي عادة ما يكون مرتفع جدا.

يهدف علاج التهاب الشريان الصدغي الي التخلص التام من الالتهاب لما فيه من خطورة على البصر، ويتم ذلك بإعطاء المريض جرعات كبيرة من الكورتيزون (عكس الميالجيا) والتي يجب تناولها في بداية فترة العلاج بصورة يومية، وبعد فترة قد ينصح الطبيب حسب تحسن الحالة بتناولها يوما بعد يوم لتقليل حدوث الآثار الجانبية للكورتيزون، كهشاشة العظام والتي ينصح لتجنب حدوثها تناول فيتامين د والكالسيوم أثناء فترة العلاج، وزيادة الوزن والعرق، ظهور الكدمات على الجسم، انتفاخ الوجه، ولكن خطر هذه الآثار الجانبية يمكن تبريره ليس بما يحققه هذا العلاج من تحسين لحالة المرضى فحسب، بل بما يحققه هذا العلاج من منع لحدوث فقدان البصر والإصابة بالعمي.

إن أغلب مرضى الميالجيا أو التهاب الشريان الصدغي يتحسنون كثيرا لدى إتباعهم العلاج الموصي به، ولكن من الملاحظ أن بعض الأطباء وكذلك بعض المرضى يصبحون مقيدين باختبار الدم لسرعة ترسب خلايا الدم الحمراء الذي يستخدم من بعد التشخيص لمعرفة مدى فاعلية العلاج، فعند عمل هذا الاختبار، ينتج رقما يشير الي نسبة سرعة الترسب، لكن في بعض الأحيان قد تظهر نتيجة لا تعود الى النتيجة الطبيعية المرجوة أو المتوقعة من قبل الطبيب، فيبدأ الطبيب أو المريض بالقلق لهذا الأمر، بالرغم من تحسن أعراض المريض بدرجة كبيرة جدا، وقد يحاول الطبيب برفع جرعة الدواء في بعض الأحيان كي يدفع نسبة سرعة الترسب للانخفاض والعودة الى المستوى الطبيعي، وهذا خطأ لأن سرعة ترسب الدم قد ترتفع عن الحد الطبيعي لكبار السن، الأمر الذي نعتبره طبيعيا كجزء من عملية الشيخوخة الطبيعية، وهذا المستوى المرتفع قد لا يعكس شيئا أكثر من تلك الحقيقة البسيطة، لذا يجب علينا علاج الأعراض وليس نتيجة فحص الدم.

ومع التقييم الدوري لحالة المريض قد يكون العلاج ضروريا لعدة شهور أو حتى لسنوات، وقد تحدث انتكاسات لكلا الميالجيا المتعددة الروماتيزمية والالتهاب الشرياني الصدغي، ولكن معظم المصابين بكلا المرضين يتحسنون تماما بعد تناول العلاج. ولقد أثبتت الأبحاث الأخيرة أن تناول الأسبرين من قبل مرضى التهاب الشريان الصدغي قد يقي من خطر الإصابة بجلطات الدماغ.

 

المصدر : الشرق الاوسط


copy rights © syria-news 2010