مختص: للنساء فوق الأربعين الوشم راحة من عناء "المكياج" وللشابات تقليد
على الرغم من انتقاله بين العصور القديمة مرورا بالوسطى الى الحديثة فقد عرف الوشم كفن ورمز لكثير من المفاهيم واستخدم للعديد من الدلالات ذات المعاني عند الشعوب،
وعلى الرغم من انه ليس حكرا على بلد أو حضارة دون غيرها الا انه يبقى مرتبطا بشكل أو بآخر بثقافة المجتمع الخاصة به.
فقد ارتبط الوشم في البدء بالديانات القديمة التي اعتبرته كرمز لديانتها وآلهتها كما عرف كوسيلة لمحاربة الشيطان والقضاء على السحر الأسود.
أما القبائل الإفريقية فقد كان الوشم الطريقة الوحيدة للتمييز بين قبائلها، في حين كانوا في غينيا يلجأوون الى تلوين اجسادهم كتعبير عن حالة معينة أو ايصال رسالة تعبر عن شيء ما.
ولا نستطيع ان نتجاهل دور البحارة في نشر هذا التقليد، فالوشم كان بمثابة القوة التي تساعدهم على تخطي المصاعب ومخاطر الإبحار فمثلا رسم "الديك" على القدمين كان يحمي البحار من الغرق وكتابة عبارة "تمسك جيدا" تعطيه الدافع لمواجهة العواصف والتغلب عليها.
العرب استخدموا الوشم استخداما مختلفا تماما فهو زينة وصورة تعبيرية تزيد من حسن المرأة العربية وجمالها.
والى أيامنا هذه ما زال الوشم يتمتع بإقبال كبير ومتزايد. فقد انتشرت مؤخرا وبكثرة بين جيل الشباب هذه الظاهرة التي تسمى (الـ Tatoo).. حيث بات الأمر كسباق يحاول من خلاله كل واحد ان يختار الوشم الأجمل أو الأكبر أو الملفت للنظر أكثر، سواء كان رسما أو اسما، بعض الشباب يعتبر الوشم طريقة للتعبير عن الوفاء لشخص عزيز على قلبه والبعض الآخر يعتبره رمزا للرجولة.
فقد حدثنا عزيز، 38 عاما بأنه منذ اكثر من 15 عاما قرر ان يرسم صورة ذئب على ذراعه كرمز للذكاء والقوة وكنوع من التميز والاختلاف عن باقي الشباب. وعن اسم زوجته الموشوم على يده اليسرى فقد أراد ان يعبر لها بطريقة مختلفة ايضا عن حبه ووفاءه لها وكطريقة للتحدي في ظل مجتمع محافظ ينظر الى اشياء كهذه من المحرمات.
بالمقابل تعتبره بعض الفتيات طريقة من طرق كثيرة لإظهار الأنوثة والإغراء... سواء عن طريق رسومات صغيرة "كالفراشة أو الحصان" أو عن طريق تصحيح أو تجميل بعض الملامح في الوجه "كالحاجبين أو الشفتين".
على كتف ريم اليسرى رسما "لجوبيتير" بشكل رفيع ومنمق، ريم التي تبلغ من العمر 22 عاما من الفتيات المهتمات والمتابعات لخطوط الموضة الحديثة بكل جوانبها وقد عبرت عن رأيها بصراحة تامة "اعتبر التاتو طريقة اغراء غير مبتذلة واظهار لأنوثة الفتاة خاصة اذا كان على الكتف أو في أسفل الظهر".
لكن ماذا يفعل الشباب امام معارضة الاهل ورفضهم القاطع للأمر، فالسيد تحسين 37 عاما محامي ورب عائلة من المعارضين بشدة لهذه الظاهرة "الوشم يعطي قباحة أكثر من الجمالية المفترضة وهو تقليد أعمى وتشويه للجسد، يلجأ اليه البعض كطريقة للتعويض عن نقص ما من اجل الظهور والتميز عن البقية ولا يمت بأي صلة للرجولة" ويتابع بأنه لن يسمح لأولاده بأن يقوموا بأي خطوة في هذا المجال.
أما السيدة سميرة 40 عاما وتعمل موظفة وربة منزل لا تعارض ابدا الرسومات على الجسم انما ترفض الوشم على الوجه مثل "الحاجبين أو الشفتين" مثلا. وتقول "اذا كان الشخص وخاصة الفتاة ليست بحاجة الى تجميل وشكلها معقول فلماذا نلجأ الى هذه الوسائل التي ربما تكون خطرة صحيا بعض الأحيان".
وقد تكون على صواب فمن الناحية الطبية فقد يكون للوشم مخاطر صحية ربما قد تنجم عن عدم توفر النظافة أو التعقيم الكافي للأدوات المستخدمة. أو من جهة أخرى لادعاء بعض المتعديين على "المهنة" بأنهم أصحاب اختصاص وهم لا يتمتعون لديهم المؤهل الكافي.
مكسيم اخصائي تجميل يعمل في هذه المهنة منذ 16 عاما، فاجأنا لدى قوله أن أكثر النساء لجوءا للوشم على الوجه يبلغن من العمر فوق الأربعين وذلك بسبب أنه يريحهن من عناء وضع المكياج "كرسم الحاجبين وتصحيح الشفتين أو ربما رسم الكحلة فوق العين" أما عن الرسم على الجسم فالأكثر إقبالا هم الفتيات من عمر 18 وما فوق "يلجأون للوشم فقط كتقليد أعمى للغرب دون التفكير بمعناه أو سببه" ويتابع "تأتي الفتاة لتختار رسما معينا من "كتالوج" خاص على منطقة معينة من الجسم كالفراشة، الوردة والأبراج".
الوشم بالنسبة لمكسيم وربما الكثيرين هو تجسيد لفن الرسم، لكنه يعبر عنه بطريقته الخاصة سواء عن طريق تصحيح عيب ما في وجه إحداهن لينسى بعدها التعب حين يرى الرضا على وجهها، أو عن طريق رسم هذه الخطوط الرفيعة التي تحتاج الى دقة كبيرة وتركيز منهيا بذلك لوحته الجميلة ليبدأ بعدها بخط أول نقش للوحته الجديدة.
رانيا معلوف - سيريانيوز
