2017-09-11 01:01:13
المبدع أبو سليمان الذي لقبه الغرب بمايكل انجلو العرب
كيف أبدع تصميم قبة البرلمان السوري وقصر بيت الدين ببيروت


ولماذا رفض أن يبيع للملك فاروق سريراً من صنعه ...!!؟؟؟

إبداعه لم يتطلب منه دراسة جامعية فهو شخص شبه أُمي، ولم يتطلب منه ثروة كبيرة فهو شخص عاش ببساطة ولم يرث عن أهله أية ثروة تمكنه من شراء مايشاء.


 

كل ما احتاجه في إبداعه هو بضعة أدوات بسيطة، أستطاع أن يذهل العالم بها، لأنه أيقن منذ البداية أن الإخلاص والتفاني بالعمل هو مفتاح النجاح، ومن هنا بدأ ....

 

اسمه محمد علي الخياط (أبو سليمان) وقد أخذ مهنة الحفر والتزيين على الأخشاب من أجداده وكان أجداده في هذه المهنة صناع مهرة أما هو فكان عبقرياً.

 

وقد نشرت مجلة بناة الوطن تقريراً خاصاً عن هذا المبدع، جاء فيه:

 

 

بدأ أبو سليمان عمله بهذا الفن سنة 1922، وفي لبنان أعاد حفر وتزيين القصر التاريخي المشهور (قصر بيت الدين) وقد أصبح هذا القصر بفضل أبي سليمان تحفة، وما من زائر زار مهرجانات قصر بيت الدين إلا وكان يسأل عن العبقري الذي قام بتزيين وحفر هذا القصر التاريخي.

 

وفي دمشق قام بترميم قصر العظم التاريخي، فأصبح آية من آيات الفن العربي الأصيل، ولم ينته أبو سليمان هنا، ففي دمشق أيضاً شيء باهر كأنه الهرم تلك هي قاعة البرلمان السوري التي استمر العمل بها منذ العام 1947 حتى سنة 1955 ....

 

قام أبو سليمان بتزيين الحوائط والسقوف بلوحات من الفن العربي الإسلامي الذي يتميز بالتجريد والعمق ... إنه فن رمزي يرمز إلى المعاني الكبيرة بهذا العالم، إلى عظمة الكون واتصال الأشياء ببعضها، ومثل هذه الرسوم (الأرابيسك) توحي بهذه المعاني الخفية الدقيقة والتي تدل النفس عليها ...

 

في إحدى المرات زار مهندس إيطالي شهير مدينة دمشق، وعندما شاهد أعمال أبو سليمان وقف مذهولاً، هل هناك عندكم في سوريا من يستطيع إبداع الفن هكذا ...!!؟؟؟

 

هذا ما قاله المهندس الإيطالي الشهير وهو يرى أعمال أبي سليمان بذهول وخاصة عندما علم أن أبي سليمان لم يتعلم هذا الفن بأي مدرسة بل تعلمه من آبائه ومن عبقريته الفريدة.

 

وعندما توقف هذا المهندس أمام قبة البرلمان التي أبدعها أبو سليمان قال: يا إلهي ... يستحق هذا الفنان السوري لقب مايكل انجلو العرب وبكل جدارة ...

 

وفي إحدى المرات تم تنظيم معرض من قبل وزارة الثقافة السورية لعرض أعمال أبي سليمان، وكان من بين المعروضات (سرير) صممه أبي سليمان بعناية ودقة فائقتين، فأعجب هذا السرير الملك فاروق وأراد شراءه بخمسة آلاف جنيه، ولكن أبي سليمان رفض هذا العرض السخي وأصر على عدم بيع السرير للملك فاروق ... ولا أحد يعلم إلى اليوم سبب رفضه هذا.

 

ويقول أبو سليمان عن فنه: إن الفن العربي قد تأثر بفنون أخرى، فخرج بصورته الأخيرة مزيجاً راقياً من فنون عريقة أصيلة، لقد أخذ الفن العربي من فارس والهند ومصر القديمة وقد انقرضت هذه الفنون ولم يعد لها وجود ملموس ... ولكن الفن العربي الذي أخذ منها مازال يتنفس ... إنه فن حي ... ويستطيع أن ينمو من جديد ... ويعيش طويلاً ..

 

قلت له: ماهي أمنيتك؟؟؟

 

قال: أنا في الثمانين من عمري وكانت أمنيتي دائماً هي فتح معهد لتدريس هذا الفن العربي قبل أن ينقرض ... وأرجو ألا أموت قبل أن أرى أمنيتي قد تحققت .....

 

بناة الوطن 1/7/1960

 

قصة أبو سليمان يشابهها مئات قصص من السوريين المبدعين، الذين ذهلوا العالم يوماً بعظيم أعمالهم وإنجازاتهم.

 

وإن كانت الحظوظ قد رافقت أبو سليمان وغيره من الشخصيات المبدعة أنها نمت في زمنٍ كان يحترم به الإبداع في سوريا ويتم تبنيه لتنميته والاستفادة منه، فنحن اليوم أمام نزيف غير مسبوق لمبدعينا الذين خرجوا من سوريا مرغمين، فمنهم من ظهرت إبداعاته ومنهم من ينتظر .....


copy rights © syria-news 2010