2016-07-11 02:12:49 | ||
عن أيّ إصلاح ديني نتحدّث ؟ |
||
مع كلّ عمليّة إرهابية تحدث في الغرب، يجد المسلمون أنفسهم في وضع حرج للغاية، وكان التضييق قد بدأ على المسلمين منذ أحداث أيلول في الولايات المتحدة... واستمر الأمر مع كل عمليّة كانت تقوم بها الجماعات المتطرّفة، إن كان في قلب الدول الغربية، أو من خلال ضرب مصالح الغرب خارج حدوده.
كانت العمليات قد أخذت طابعاً منظّماً مع توسّع نشاط تنظيم القاعدة، بعد هزيمة السوفييت وانسحابهم من أفغانستان. منذ ذلك الوقت باتت القاعدة محطّ أنظار الخلايا المتشدّدة في كافة أنحاء العالم. وبعد ما ينيف عن عقدين من الزمن، جاء ظهور تنظيم الدولة (داعش) كحلقة، قد لا تكون الأخيرة، ضمن سلسلة طويلة من العنف المتصاعد نتيجة الاحتقان المجتمعي، والاستعصاء السياسي، ومشاكل الثقافة والتربية، والسياسات التدخليّة الاستعمارية التي لم تترك للمنطقة فرصة التعافي من عيوبها الذاتية...
لكّن مسألة العنف لم تبدأ مع تنظيم القاعدة، ولن تنتهي مع تنظيم الدولة. فالعنف علّة أصيلة في التاريخ البشري، ويأخذ شكل ظاهرة حين تفشل السياسات وتغيب الحلول... مع تزايد الحرج الإسلامي العام أمام تفاقم الظاهرة، ومع ارتفاع وتيرة الضغط على الجاليات الإسلامية في الغرب، وتصاعد الحملات الإعلاميّة الممنهجة، التي عملت على الربط ما بين العنف كسلوك والإسلام كعقيدة، ظهرت دعوات لإعادة النظر في تراث الإسلام، وإجراء الإصلاحات الفكرية اللازمة فيه. وهي دعوات تحمل الكثير من الحق، ولكن بعضها يراد به الباطل أيضاً...
بتصوّري، لا يمكن فصل بعض دعوات الإصلاح عن الحملة العالميّة على الإرهاب، والتي أخذ منها الهجوم على الإسلام ككل حيّزاً لا يستهان به. فقد ركّز الإعلام الغربي، وتبعه في ذلك الإعلام الرسمي العربي، على الربط بين الإرهاب كظاهرة والإسلام كثقافة، وبالتالي كان تشخيص الظاهرة قد اعتمد مبكّراً جداً في أروقة السياسة الغربية، ثم جرى بّثه عبر حملات إعلامية من خلال حوارات علنيّة موسّعة؛ لقد قرّر بعضهم أنّ الإسلام هو أصل المشكلة، وبالتالي فلا حلّ إلّا بإصلاحٍ على هيئة الإصلاح الديني في أوروبا، أو بمعنى آخر: تحييد كامل للدين، ومن ثمّ التعامل مع كماضٍ غابر، وثقافة تنتمي إلى تاريخ، ولا رابط بينها وبين الواقع...
يجدر بنا التأكيد على مشروعيّة أي دعوة إصلاحيّة، وينبغي الإقرار بتأخّر عملية المراجعة عقوداً طويلة. فثمّة روايات واجتهادات عديدة بحاجة إلى إعادة القراءة وفق النصّ القرآني والواقع الراهن، وثمّة الكثير من البديهيات التراثية، والروايات المنسوبة إلى عصر السلف تحتاج إلى غربلة؛ سيّما الخاصّة بموضوع الردّة، والذي يتعارض مع بديهيات وعموميات النص القرآني والسلوك النبوي. كذلك الأمر في ما يخصّ مسائل الرجم، والتعامل مع الأسرى...
ومن الجدير التذكير به، أنّ التاريخ الإسلامي المتوسّط والحديث يسجّل لنا سيرة العديد من الحركات الإصلاحيّة، بعضها أصابه الجمود لاحقاً، في حين أنّ بعضها الآخر لم يفلح في إكمال مسيرته. نذكر هنا حركة محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية، ومن بعده اجتهادات رشيد رضا، و جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، وقد كانت حركات مختلفة فيما بينها، لكنها التزمت جميعها بفكرة التجديد "من داخل الإسلام"، بما يتناسب مع الحاجات المتجددة للأمّة.
وفي العصر الحديث، لم تخلُ كتابات كثير من المفكّرين الإسلاميين من حديث عن الإصلاح أو التجديد... مع اختلاف المعاني المقصودة بحسب التوجّه الفكري للقائل به. بعضهم قصد منه محاربة البدع والخرافات، بينما ذهب آخرون إلى ضرورة مواكبة الحداثة وضرورات العصر، دون تفريط بمقاصد النص. في حين أنّ فئة كانت لا ترى الإصلاح إلّا من خلال حثّ الأمّة على أداء الفريضة الغائبة، أي الجهاد، و هذا الغلو جعلها منها عبئاً جديداً على الأمّة.
إذن، لا جدال في أنّ الإصلاح، ونقد التراث، مطلب حيوي للنهوض بالمجتمعات الإسلاميّة. لكنّ الإصلاح المطلوب إصلاح يراعي ثقافة هذه المجتمعات، ويتفهّم احتياجاتها، وهو مختلف جذرياً عن الدعوات الاستعلائية التي ظهرت مؤخراً، بشكل متزامن مع الحملة المتصاعدة على الإسلام، حيث بات الحديث عن نقد الإسلام وتراثه، وكامل تجربته، الشغل الشاغل لفئة من التغريبيّين، الذين يريدون فرض حلول خارجية على مجتمعاتهم، بما يوافق وجهة نظر الآخرين عنها.
مؤخراً، شهدت تلك التيارات انتعاشاً أكثر ممّا مضى، وبات الكلام معلناً من قبل كثيرين حول العلاقة ما بين النصوص الدينيّة والسلوك الدموي المتطرف. وبالنسبة لكثيرين، لم يعد الكلام عن الإصلاح يعني إصلاح حال المسلمين من خلال إعادة قراءة النصوص قراءة معاصرة، بل ظهرت أصوات تحاكم النصّ كمسبّب للتطرّف، وبالتالي عوضاً عن أن يوضع السلوك المتطرف في قفص الاتهام، لسوء فهم أصحابه للنص، ولعدم قدرتهم على قراءته قراءة مناسبة لتغيرات الزمن، بات الإسلام نفسه موضوعاً في القفص، وباتت الأصابع تشير إليه كمصدر عقائدي للعنف والإرهاب!
هذه الدعوات، والتي يتم تقديمها على طبق الإصلاح، لا تندرج أصلاً تحت مسمى الإصلاح، بل الأصح أن يطلق عليها حركات "الهدم" وإن خرجت بلبوس الإصلاح، وقد أعطى جنون داعش وأخواتها دفعاً كبيراً لهذه الدعوات، فلقد مارست داعش فعلياً أبشع الجرائم ضد الإنسانيّة، ونسبت كل أفعالها إلى القرآن والروايات التاريخية. اعتمدت دعوات الهدم على ممارسات داعش بالدرجة الأولى، لتبرّر توجيه سهامها نحو القرآن بوصفه نصّاً يحرّض على العنف والكراهيّة. لم يعد النقاش مطروحاً حول تجديد فهم النصوص قطعيّة الدلالة والثبوت، بل بات الأمر عبارة عن مساواة بين داعش والإسلام، وبذلك اتفق أصحاب هذا الكلام مع الرأي القائل بأنّ ذلك التنظيم المشوّه يمثّل التطبيق الأمثل للإسلام.
من اللافت للنظر، ذلك التشابه في فهم النصوص بين المتطرفين الإسلاميين و دعاة الهدم، فكلاهما فهما القرآن فهما سطحياً، فخرجا بنتائج متطابقة. سيّما عند تناولهما لآيات القتال، وهي آيات تنقل توجيهات للمسلمين ضمن أجواء حربية قتاليّة. فالمتطرف اعتمد على النص لتبرير ميوله الإجرامية، في حين قام دعاة الهدم باعتماد النص لتبرير تحييده عن الحياة، بذريعة تحريضه على الكراهية والقتل. اتّفق الفريقان على عنف النص؛ وكلّ منهما استخدم النتيجة بما يخدم توجّههم المحدد... يحق لنا الشكّ بتوجّهات أي دعوة تدعو إلى الهدم، ويحق لنا وضعها في سياق الحملة العالمية على الإسلام في هذه الفترة بالذات. وإن كان التطرّف هو الإفراط الذي يهدّد أمن المجتمعات، فإنّ دعوات الهدم، التي لا تميّز ما بين الواهي والأصيل، هي التفريط الذي يهدّد هويّتها الثقافية.
د.عماد العبار |
||
سامر 2016-08-20 14:39:44
لماذا تتجاهل المجاهدين؟!
ابو علي. ليش تتجاهل دور المجاهدين الذين اتوا من كل البلاد و اتخذوا من بيوت و حارات المدنيين في سوريا مراكز جهاد لهم؟! -سوريا
abu Ali 2016-08-18 07:43:37
انجاز لبشار
شكرا سيادة الرئيس بشار حافظ الاسد لقد تفوقت على صدام لان كان 60 دولة شاركت بالحرب على العرق
اما انت فان كل دول العالم الصديقة والمعادية تقصف بسوريا وتشارك بقتل السوريين من جميع الاطراف
فعلا انجاز لم يحققه احد قبلك
يرجى النشر سيريا نيوز
سوريا
سامر 2016-08-10 13:03:48
عن اي إصلاح ديني تتحدث؟!
د. عبار، هل يمكن إلغاء ايات الجهاد او تحقير المرأة او التمييز العنصري على اساس الدين؟! هذه ايات واضحة لا لَبْس فيها و لايمكن تأويلها باي بهلوانيات كلامية فكيف يمكن ان تصلح الدين و هي اساسه؟! -سوريا
الأخ برهان 2016-08-07 14:56:14
عدنان ابراهيم مين؟
يا رجل؟؟؟ عدنان ابراهيم؟؟ الدكتور عماد يقول لك أن محمد عبد الوهاب صاحب حركة إصلاحية، وتقول لي عدنان ابراهيم؟ عدنان ابراهيم متهم لدى جماعة (عبد الوهاب) بالتشيع والكفر، وتريدهم أن يعتقدوا أن لديه (فكر تجديدي)؟
الفكر عندهم كفر.-سوريا
أبو مجد 2016-08-07 14:51:09
حركات إصلاحية؟
من اللافت أن الكاتب يعتبر حركة محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية من الحركات (الإصلاحية) التي يسجلها التاريخ الإسلامي المتوسط والحديث!
بالرغم من أنها أكملت سيرتها وانتهت بآل سعود الذين يحضرون علناً (باعتراف الطرفين) للسلام مع إسرائيل.
الحركة الإصلاحية التي لا تزال ترى أن قيادة المرأة للسيارة تندرج في إطار الممنوعات الدينية، بينما ترسل الدول الكافرة المارقة نساءها إلى الفضاء.
إن عزل الدين عن السياسة، واقتصاره على العلاقة التي تربط الفرد بربه ليس هدماً للدين يا دكتور!-سوريا
فاروق 2016-08-07 13:34:45
وكيف سيقرأ النص
في كل مرة نعود الى النص فهل هناك طريقه للقراءه الايجابيةواخرى سلبية, هل نعيد تعلم اللغه. سوريا
لنكن واقعيين 2016-08-02 13:12:57
الإهمال هو السبب
أعتقد بأن "التزمت" في الدين هو ما كان يؤدي إلى زيادة الجهل والتخلف و انتشار الكراهية والعنف في المجتمع الواحد في سوريا.
هنالك مقولة( ما قليله نافع كثيره مضر ).
في السنوات الأخيرة ازداد اعداد المتزمتين و أمام مرأى من الجميع حكومة و مجتمع و دون اي رادع من قبل المسؤول الذي كان يلهو في جمع المزيد من المال الفاسد. -سوريا
سامر 2016-07-24 11:06:24
الى إدارة سيريانيوز - حول تاثير الصورة
ارجو الأخذ بعين الاعتبار، عند اختيار الصور، التأثير الذي يمكن ان تتركه لدى البعض خاصة من الشباب المتحمس. مثلا يمكن للبعض ان يجد في "صورة المسلح على خلفية الغروب* جاذبية توحي بنوع من *الجمال* في العنف! و خاصة عندما يرتبط ب *الدين او الوطن*. أتمنى ان نتعاون جميعا في جعل *العنف والموت* قبيحا فاجعا في الثقافة الساىدة بدل ان نكرس خداع الناس بانه *جهاد و شهادة*! مع الشكر
-سوريا
برهان من دمشق 2016-07-19 14:22:24
توافق مع افكار عدنان ابراهيم
هذا المقال يتوافق كثيراً مع الطروحات و الافكار التجديدية التي يطرحها الدكتور عدنان ابراهيم بالعودة الى النص القرآني الاصلي و ليس الى احاديث الرسول التي اختلف الكثيرون فيها و وضعوا تناقضات هائلة بين النص القراني و الحديث النبوي واهمه ( صحيح مسلم و البخاري ) اتمن ان يكون صاحب المقال قد اضطلع على افكار د. عدنان ابراهيم لما فيها من فكر تجديدي لكل مفاهيم الاسلام التي تعلمناها منذ قرون و ثبت الان انها مغلوطة و دخيلة على الدين الحنيف تلك المفاهيم التي بدات منذ عهد معاوية ثم ابن تيمية و اخيراً الوهابية-سوريا
JALAL 2016-07-18 12:34:46
لقطات مضحكة
بعض الشبيحة في سورية ولبنان أشتروا الكثير من الحلويات والبقلاوة وجهزوا سياراتهم ذات الدفع الرباعي وهيأوا زماميرهم للتجول في شوارع دمشق والضاحية الجنوبية ولكن للأسف سحق الأنقلاب الفاشل أراد المشترون ترجيع ما اشتروه من البقلاوة والحلويات ولكن أصحاب المحلات رفضوا ذلك، فعلق أحدهم ساخراً: اشتباكات بالأيدي في الضاحية الجنوبية وفي العاصمة دمشق بين الشبيحة وأصحاب محلات الحلو على خلفية ممنوع ترجيع البقلاة.!!!.. بريطانيا
JALAL 2016-07-16 17:01:38
للبطل أردوغان
مغردون أتراك للبطل أردوغان
إنّ من تدعمه الجوامع لن تقهره المدافع
ولا عزاء للشبيحة
بريطانيا
JALAL 2016-07-16 12:35:40
الى السيد سامر
تركية دولة أسلامية وأكبر دليل فشل الأنقلاب العسكري بسبب التكبيرات التي خرجت من الجوامع // وفرحت الشبيحة ما وصلت لعرعتهم //
واللي عاجبوا عاجبوا واللي مو عاجبه ينطح رأسه بالحيط
ملاحظة صغيرة // يا خسارة الطلقات التي أطلقها الشبيحة فرحا بالأنقلاب الفاشل // بريطانيا
abu Ali 2016-07-14 10:09:00
خبرة خبير
نقلا عن جريدة موالية: قال السيد الرئيس بشار الأسد في المقابلة التي أجراها مع محطة NBC الأميركية ، رداً على سؤال .. لا يمتلك السيد ترامب خبرة في السياسة الخارجية. هل يقلقكم ذلك ؟ من كان يمتلك مثل تلك الخبرة من قبل؟ أوباما، أو جورج بوش، أو كلينتون من قبلهما؟ لم يكن أيٌ منهم يمتلك أي خبرة. هذه مشكلة الولايات المتحدة.
وأضاف الرئيس الأسد ينبغي أن تبحث عن رجل دولة يمتلك خبرة حقيقية في السياسة لسنوات، يعني يوم نصبوك رئيس ب 5 دقائق غيروا الدستورسوريا
سامر 2016-07-11 12:59:40
فصل الدين عن الدولة لا يعني الهدم
وانما وضعه في مكانه الصحيح: قلب المؤمن به لا يتعداه. من الطبيعي عندما يتدخل الدين، او اي منظومة عقائدية، في حياة الافراد و يحاول فرض وصايته على المجتمع، و هذا موجود في صلب الدين الاسلامي، ان يكون هناك ردة فعل تجاه هذا التدخل و الوصاية يتراوح بين النقد الى الرفض و المطالبة بهدمه. افضل مكان للدين هو قلب المؤمن به لايتحاوزه. من مصلحة الحميع ان نرفض وصاية العقاىد جميعها و ان نترك الفرد و المجتمع يطور قوانينه الوضعية بنفسه. -سوريا
سامر 2016-07-11 10:32:19
هذا اكثر من مصادفة
د عبار، انظر الى الغالبية العظمى لحوادث التفجير الانتحاري التي تقتل المدنيين في كل أنحاء العالم، هل يعقل انها مجرد مصادفة ان منفذيها مسلمين؟! -سوريا
سامر 2016-07-11 09:26:30
هذا اكثر من مصادفة
شكرا د عبار على المقالة. انظر الى خريطة العالم، الا تلاحظ التصاحب الجغرافي بين الدين والتخلف والعنف؟! اليس من الواضح ان هذا الترافق اكثر من مصادفة؟
(ملاحظة: تركيا و ماليزيا ليست دينية)
-سوريا
|
||
copy rights ©
syria-news 2010 |