2016-03-26 00:08:46 | ||
تــدمـــر ... الصامدة بوجه الرومان تسقط أمام أعداء الحضارة |
||
عظمة الدول لاتقاس إلا بعظمة الحضارات المتعاقبة عليها دائماً ما كانت الحضارات القديمة التي كانت سائدة في دولةً ما هي المقياس الأدق لتمدن تلك الدولة ورقيها وتطورها. وسوريا الدولة الحافلة بالتاريخ والحضارة، تعتبر الشاهد الأكبر في العالم على ذلك، فمعظم الحضارات التاريخية إما نشأت في سوريا، وإما كان لها موطن قدمٍ فيها، وهاهي أبجدية أوغاريت الأبجدية الأولى في العالم التي اكتشفت في منطقة رأس شمرا السورية خير دليل على ذلك.
لقد كان الاهتمام بالحضارات والآثار والتاريخ الذي تمتعت به الدولة السورية، محط اهتمام لا السوريين فحسب بل العالم أجمع، وكتبت المقالات الكثيرة التي تتغنى بسوريا التاريخية التي رفدت العالم بحضارة ثمينة وغالية لازالت آثارها تشع في معظم دول العالم، إلا أنها باتت تخبو رويداً رويداً في وطنها الأم سوريا.
خلال السنوات الخمس الماضية تأكد للجميع أنه ليس الإنسان السوري وحده المستهدف مما يجري، بل سورية بالمجمل، تاريخها وحضارتها، فكان تدمير آثارها من جهة، وسرقتها ونهبها من جهة أخرى، جزء لا يتجزأ من الأحداث التي عصفت في سوريا.
ولعل ماحدث بمدينة تدمر السورية الأثرية خير مثال على ذلك الحقد الحضاري على مدينة سوريا العريقة، وكيف سقطت مدينة تاريخية قاومت الرومان لسنوات بهذه البساطة أمام أول غريب عنها، وما حدث بها لاحقاً على يد أعداء الحضارة، سيبقى سؤالاً لن يجيب عنه إلا التاريخ في السنوات اللاحقة ....
ولقد أحببنا التذكير بعراقة مدينة تدمر التاريخية، من خلال مقال نشرته مجلة الأسبوع العربي في العام 1951، تحدث عن هذه المدينة العريقة وأهميتها، جاء في المقال: " في قلب بادية الشام واحة جميلة ترتاح لها نفس من يصل إليها بعد اجتياز مئات الكيلو مترات بين الفيافي والقفار. تلك هي تدمر القرية الصغيرة القليلة السكان، القليلة الموارد إلّا ما تقدمه بساتين النخيل والزيتون وبعض الأنعام والحرث. وقد يأخذنا العجب إذا عرفنا بأنّ هذه القرية المتواضعة كانت يوماً مدينة عظيمة ذات تاريخ حافل. سكنها الإنسان منذ العصر الحجري وقد شوهدت آثاره في كهوف الجبال المحيطة بها وذكر اسمها في الوثائق التاريخية منذ ألفي سنة قبل الميلاد.
وفي أواخر الألف الثاني قبل الميلاد كان يقطنها الآراميون الذين تحضروا فيما بعد واستغلوا هذا الموقع الهام كمحطة في طريق القوافل التي تروح وتغدو بين بلاد الشام والأناضول وبين بلاد الصين والهند وفارس.
وزادت أهميتها بعد القضاء على دولة الأنباط واضمحلال عاصمتهم البتراء في القرن الثاني الميلادي. وعندئذ نشط التدمريون القدماء للاشتغال بالتجارة وتسيير القوافل التي تقوم بتبادل المنتجات بين بلدان الشرق والغرب.
ودرت عليهم هذه الأعمال الثروة والغنى، فتحسنت حياتهم الاجتماعية وعمروا مدينتهم ليضاهوا بها المدن الأخرى التي اشتهرت في العصر اليوناني الروماني.
واهّلتهم شجاعتهم وذكاؤهم للكفاح في سبيل استقلالهم وعدم الخضوع للمستعمرين اليونان ثمّ الرومان الذين احتلوا سورية 64/ق.م .
واضطرت الإمبراطورية الرومانية لأن تمنحهم استقلالاً لم يحظ به غيرهم من سكان الولايات الأخرى، ولم يكتف التدمريون بهذا بل استغلوا النزاع بين الدولتين الكبيرتين فارس والرومان، وتوسعوا في القرن الثالث فاحتلت جيوش أذينة وزوجته زنوبيا ( الزبّاء ) من بعده سورية و جزءاً من مصر والأناضول وبلغت تدمر في أواخر القرن الثالث أوج عظمتها كمدينة ذات حضارة وعمران.
ويدرك ذلك كل من يلقي نظرة على تماثيل الرجال والنساء التدمريين فالرجل يشاهد في ثيابه الفاخرة، وعليه سيماء النبل والأنفة. والمرأة تختال باللآلئ والمجوهرات التي تزيدها جمالاً وأناقةً لا نجدهما إلّا لدى شعبٍ اوتي حظاً من المدنية والرفاه.
وكما هي سنة الكون فقد دالت دولة التدامرة بسقوط زنوبيا أمام جيوش الرومان الجرارة في عهد الإمبراطور أورليان الذي أخذها أسيرةً إلى روما، ودمرت المدينة الجميلة من جراء حرائق الرومان وزلزال الطبيعة، وغدت أطلالاً يتحدث عنها الركبان.
وآثارها اليوم تحدث كلّ من زارها عمّا كان لعروس الصحراء من مجدٍ غابرٍ وعزٍ تليد.
ولئن فقدت المدينة شهرتها التي كانت لها منذ سبعة عشر قرناً، فإنّ أطلالها جعلت لها شهرةً واسعةً في مضمار الآثار والسياحة، ولهذا حجّ إليها السياح من جميع أنحاء العالم. وإذا تجولنا بين هذه الأطلال شاهدنا كل عناصر المدنية العظيمة. فهنالك المعابد الضخمة ذات العمد الهائلة الفخمة في بنيانها وزخارفها واكبرها معبد (بل).
وهناك الشوارع المستقيمة المتفرعة ذات الأروقة المسقوفة، وهناك المسرح المدرج والسوق العام ( الاغورا ) ومجلس الشيوخ والحمام. وهناك منازل السكن المرخمة المبلطة بلوحات الفسيفساء، وهناك المدافن ذات الأبراج العالية أو المنحوتة تحت الأرض المزدانة بأنواع النقش والزخرفة والتمثيل.
وكان للتدامرة لغة خاصة بهم قريبة من اللغة العربية. وتشاهد كتاباتهم على الجدران والتماثيل والألواح مقرونةً أحياناً بترجمةٍ يونانيةٍ لها.
ورغم ما أخذ من آثارها إلى المتاحف الأجنبية، وإلى متحف دمشق، فلا تزال فيها مجموعة من التماثيل والتحف القديمة، والتي ضمّها متحف المدينة الجديد".
تدمر ليست أول مدينة تقع بيد العابثين بالتاريخ، بعد أن تخلى عنها المعنيون بحمايتها، ولكن نتمنى أن تكون هذه المدينة هي المدينة الأخيرة التي تقع بيد الحاقدين على الحضارة السورية العريقة. |
||
Mr.Diamond 2016-04-03 11:04:43
تحليل منطقي
بلاشك تدمر تمثل حضارة عريقة ، واعتقد الذي يستحق لقب عدو الحضارة هو من سمح لداعش بالدخول لسوريا وسهل لهم الدخول وذلك لكسب تعاطف المجتمع الدولي من اجل البقاء في السلطة ، لايهمهم ان تهدم حضارة تدمر او يقتل من في سوريا بقدر ما يهمهم السلطةسوريا
JALAL 2016-03-30 18:05:46
بس ما عرفنا
بس ما عرفنا
هل أعداء الحضارة بشار أم البغدادي أم الأثنان وجهين لعملة واحدة بريطانيا
ابن العظمة 2016-03-27 15:07:53
عاشت سورية و يسقط النظام السوري و الاسد
والله اذا النظام بدو يستعمل عملية الانسحاب لمناطق مسيطر عليها لصالح داعش حتى يثبت للعام ان قذارتهم تفوق قذارته فالاثنين في قمة القذارة و الانحطاط الاخلاقي و الانساني لو من الاساس هذا النظام يملك ذرة شرف واحد لما ساهم بتقسيم الجيش بس للاسف نظام مستعد ان يضحي بكل سورية مقابل بقائه هذا هو الفرق بين الاسد و الشيشكلي سوريا
|
||
copy rights ©
syria-news 2010 |