عند ذكر مدينة اللاذقية في حقبة ما بعد سبعينات القرن الماضي وحتى اليوم, لن يخطر
في البال "أول أثر لإنسان قديم خارج أفريقيا يرجع بتاريخه لما قبل مليون سنة" ولا
"أبجدية أوغاريت الأولى في العالم" ولا "رأس الأميرة الأوغاريتية" (الموجودة على
الطبعة الأسبق للنقود السورية من فئة 500ل.س), فكل ما سبق ليس مهما, حالياً مقارنةً
"بصورة لسيارة داكنة الزجاج يخرج سائقها السلاح من النافذة".
فـ "الشبيح" (سائق السيارة الداكنة الزجاج كما يسميه السوريون المؤيدون قبل
المعارضون) أصبح بالنسبة للكثير من أبناء مدينة اللاذقية مصدر إزعاج وقلق ومصيبة قد
تقع, جراء حالة الفلتان الأمني المقصودة او الخارجة عن نطاق السيطرة, بحسب ما رصدنا
من شكاوى لهم على مواقع التواصل الإجتماعي ومواقع إلكترونية مؤيدة ومعارضة.
وقال أحد الأشخاص "هل نسينا ايضا نمر السيارات السوداء التي لايعرف من يقودها ويشكل
هو و اصحاب الفيمه رعبا حقيقيا خلال القيادة وعند الوقوف على الاشارات.. وكله بحجة
الدفاع عن الوطن", مضيفاً "ولكن حسب معرفتي فان الدفاع عنه يكون في كل جبهات القتال
مع المسلحين وليس في المدينة".
أحد المواقع الإلكترونية المؤيدة اعتبر "الشبيحة" في اللاذقية أنهم "مشبوهين
اختبؤوا تحت عباءة البزات المموهة (اللباس العسكري)", مشيراً إلى أنهم يعتبرون
السيارات الداكنة ترفعهم إلى رتبة "مهمين" والمشاة بالشارع تخفضهم إلى "معتدى عليهم
محتملين", لافتاً إلى أنهم متعالين عن القانون حتى بإزالة نمر سياراتهم "المفيمة".
و"التشبيح" لم يقتصر على السيارات في اللاذقية, بل وصل حتى إلى لقمة الخبر, حسام
علق على موضوع السيارات قائلاً "هناك مشاكل اكبر من ذلك بكثير
في اللاذقية نتيجة غياب القانون والتشبيح الذي لم يعد يتوقف على ابناء المتنفذين بل
اصبح كل شاب يحمل سلاح او ازعر يمارس البلطجية على المواطنين العاديين ولا وجود
لدوريات الامن في الشوارع والاماكن العامة لوضع حد لتلك الممارسات واخص بالذكر فرن
دمسرخو الالي حيث لايوجد فيه اي عنصر امن لمنع حدوث اي مشاكل بين المواطنين وبعض
الزعران وخصوصا عندما يطالبهم المواطن بالالتزام بالدور فيكون ردهم ضرب وتعنيف
المواطن المحتج".
"التشبيح" يطال النازحين ويتسبب بسقوط قتلى في اللاذقية...
من أبرز الحوادث التي تفاقمت خلال الأحداث التي شهدتها البلاد
في مدينة اللاذقية, بحسب معلومات متطابقة من مصادر عدة, قيام أحد الشبيحة في
المدينة بإيقاف نازح من مدينة حلب بمنطقة مروج دمسرخو على طريق الشاطئ الأزرق وضربه
"دون سبب", ما دفع أحد شبان منطقة دمسرخو للتدخل لتخليص المعتدى عليه من الشبيح ما
دفع الأخير لضربه على رأسه بكعب السلاح ما تسبب بوفاته إثر ذلك.
الأمر لم يتوقف هنا.. فأهل الضحية هاجموا منزل الشبيح واشتبكوا
معه ومع افراد عائلته ما تسبب بمقتل 4 أشخاص بينهم امرأة وانفجار مستودع يحوي أسلحة
وذخائر بعد رمي قنبلة بداخله.
والنازحون إلى اللاذقية, إضطروا إلى ترك منازلهم من المحافظات
المجاورة وخاصةً حلب وإدلب بعد تحولها إلى مناطق ساخنة, حيث قدرت آخر إحصائيات
للأمم المتحدة عدد النازحين إلى محافظتي اللاذقية وطرطوس بأكثر من مليون شخص, ما
تسبب بزيادة عدد السكان بنسبة 50%.
نشأة "الشبيحة" وتطورهم...
"الشبيحة", مجموعة نشات بسبعينات القرن الماضي، على خلفية دخول القوات السورية إلى
لبنان, وعملوا بالتهريب إبتداءً بالسجائر والأدوات المنزلية وإنتهاءً بالسلاح
والمخدرات عن طريق موانئ غير شرعية, بحسب تقارير اعلامية، وبرز هذا المصطلح مؤخرا
في الازمة السورية، ولعبوا دورا في دعم السلطات السورية.
ممارسات "الشبيحة" في اللاذقية أخذت أبعادا جديدة مع تواصل الأحداث في سوريا، فحتى
المؤيدين للنظام باتوا يعبرون بصوت عال عن رفضهم لها، مطالبين حملة السلاح الموالين
أيا كان مكان تواجدهم بأن يوجهوا هذا السلاح لمحاربة "الإرهابيين"، وليس لمنفعتهم
الخاصة.
م.ع
سيريانيوز
|