2015-03-11 21:44:15 | ||
من يستفيد من انهيار حركة "حزم" السورية؟.. صحيفة الحياة اللندنية |
||
حسين عبد العزيز شكل انهيار حركة «حزم» على يد «جبهة النصرة» ضربة قوية لجهود الولايات المتحدة و «الائتلاف الوطني السوري» و «الجيش الحر» على السواء في ترسيخ قوة عسكرية على الأرض شبيهة بـ «صحوات» العراق التي أقيمت في محافظة الأنبار لمحاربة تنظيم «القاعدة» بعد عجز القوات الأميركية وحدها عن القضاء على التنظيم.
تشكلت الحركة في مطلع العام الماضي بمباركة رئيس أركان «الجيش الحر» اللواء سليم إدريس، وسرعان ما تلقت الحركة دعماً عسكرياً لا سيما صواريخ «تاو» الأميركية، لكن لم تمض بضعة أشهر حتى بدأت حركة «حزم» تتعرض لهجمات من هنا وهناك، حيث تقلص عددها خلال الأشهر الأربعة الماضية. انهيار الحركة أعاد إلى الأذهان المصير المماثل لـ «جبهة ثوار سورية» بقيادة جمال معروف في تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي أيضاً على يد «جبهة النصرة»، وقبلها السيطرة على مخازن أسلحة «حركة ثوار الشام» في أعزاز، وقبلها حادثة استيلاء «الجبهة الإسلامية» على مخازن الأسلحة الأميركية التابعة لهيئة أركان «الجيش الحر» شمالي سورية نهاية عام 2013 والتي حُمّل اللواء سليم إدريس مسؤوليتها، وعلى أثرها أوقفت الإدارة الأميركية تسليح «الجيش الحر» بالأسلحة، التي كانت خفيفة أصلاً. ثمة أسئلة كثيرة لا أجوبة واضحة عليها حول استهداف أي قوة عسكرية ذات أجندة سورية خارج الثلاثي الحاكم على الأرض (النظام، «داعش»، «النصرة»)، لماذا قضت «النصرة» على حركة «حزم»، وهما اللتان تشاركتا في عدة عمليات عسكرية في الشيخ سعيد وخزانات خان شيخون ومعارك صد رتل مورك؟ هل تصفية «النصرة» لحركة «حزم» تعود إلى قتل الحركة أحد «أمراء النصرة» واحتجازها نحو عشرين مقاتلاً من الجبهة؟ أم أن ما جرى هو محاولة لتصفية أي تواجد أميركي على الأرض؟ لماذا يستهدف كل كيان يعلن عن أجندة سورية خالصة؟ ولماذا «جبهة النصرة» هي التي قامت بعملية تصفية «جبهة ثوار سورية» وحركة «حزم»؟ هل يتعلق الأمر بمنافسات على الأرض هنا وهناك؟ أم أن المنافسة تتعدى ذلك إلى المستوى الإستراتيجي؟ وكيف يمكن تفسير الهجمات المتصاعدة فجأة ضد «النصرة» من قبل التحالف الدولي والنظام السوري على السواء؟ بدأت الغارة الأهم في 27 شباط (فبراير) الماضي باستهداف سبع شخصيات من قادة الجبهة في إدلب، أي قبل يوم واحد من الهجوم على حركة «حزم»، ما يوحي بأن العملية مجرد انتقام قامت به الجبهة ضد الولايات المتحدة ممثلة بحليفها (حزم)، لكن الأمور تبدو أعمق من ذلك، حيث تعرضت قيادات «النصرة» بعدها لهجوم جنوب سورية قتل على أثره أحد أهم قادتها أبو عمر الأردني القائد العسكري في الجنوب، ثم الهجوم الذي استهدف مقراً لـ «النصرة» في 5 آذار (مارس) في قرية أبو طلحة بريف بلدة سلقين بإدلب، قتلت على أثره قيادات من الجبهة بينها القائد السوري العام للجبهة المعروف باسم أبو همام السوري الذي توازي أهميته أهمية أبو محمد الجولاني زعيم الجبهة، ثم الهجوم الذي شنه التحالف في 8 آذار على معسكر لـ «النصرة» قرب بلدة أطمة بإدلب على الحدود التركية قتل على أثره تسعة من «النصرة» بينهم مقاتلون أجانب. في الواقع، لا يمكن ربط الهجمات التي تعرضت لها الجبهة مؤخراً بالصراع مع حركة «حزم». المسألة أكبر من ذلك. إنها مرتبطة بمصير «جبهة النصرة» نفسها. يتعلق الأمر بإمكانية انفصال الجبهة عن تنظيم «القاعدة» الأم وتغيير اسمها وأجندتها لتتفرغ لمقاتلة تنظيم «داعش» أولاً ثم النظام السوري ثانياً، وهي المهمة التي تتبناها دول إقليمية وتحاول تسويقها في واشنطن، مقابل رفع الأخيرة اسم الجبهة من لائحة الإرهاب الأميركية وحصولها على دعم عسكري. إن استهداف قادة الجبهة لا سيما أبو همام السوري وأبو مصعب الفلسطيني وأبو عمر الكردي أحد مؤسسي الجبهة وأبو البراء الأنصاري، يشبه تلك العملية الاستخباراتية التي نفذت ضد خمسين قيادياً من حركة «أحرار الشام» منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي عندما كانوا مجتمعين في قبو أحد المنازل في بلدة رام حمدان بريف إدلب عندما استهدفهم الانفجار. من له مصلحة في تصفية هؤلاء القادة تحديداً؟ هنا يظهر التشويش. البعض ذهب إلى أن هؤلاء القادة يمثلون التيار المنفتح على المخطط الخليجي - الأميركي الموافق على انفصال الجبهة عن تنظيم «القاعدة»، وهنا تبرز مصلحة النظام في تصفيتهم لدعم الخط المتشدد الرافض لانفصال الجبهة عن «القاعدة»، لكنّ آخرين وصفوا هؤلاء القادة بالمتشددين الرافضين لأي انفصال عن «القاعدة»، وهنا تبدو المصلحة الأميركية واضحة في تصفيتهم دعماً للتيار المنفتح. هذا التضارب هو ربما ما يفسر التضارب الآخر حول من تبنى العملية الاستخباراتية. النظام يعلن أنه وراء العملية والمعارضة السورية وبعض قياديي «النصرة» يؤكدون أن التحالف وراءها، غير أن الأسابيع المقبلة ربما هي وحدها التي ستفسر حقيقة ما يجري، لكن السؤال الرئيسي هو لماذا «النصرة»؟ ثمة أربعة أسباب: - معظم أعضاء وقيادات «النصرة» من السوريين، ولا يشكل العنصر الخارجي إلا القليل. - تتلاقى الجبهة مع بعض الفصائل في محاربة النظام، حيث إن أهم العمليات نفذت من قبلها. - تتقارب الجبهة أيديولوجياً مع الفصائل الإسلامية الأخرى خصوصاً مع «جيش الإسلام» و «أحرار الشام». - تملك الجبهة خبرة قتالية عالية وتنظيماً محكماً، ومن دون «النصرة» لا يمكن هزيمة «داعش».
* كاتب وإعلامي سوري |
||
copy rights ©
syria-news 2010 |