2010-07-20 13:00:44
ÇáãÓÇåãÇÊ Ýí åÐÇ ÇáÈÇÈ áÇÊÚÈÑ ÈÇáÖÑæÑÉ Úä ÑÃí ÇáãÑßÒ
عذرية أخي ... بقلم : حسان محمد محمود

شقيقي طالبٌ مجتهدٌ.

في شهره الأوّل في الجامعة لم يدّخر جهداً للحفاظ على عذريّته الدراسيّة، لم  يجد التسيّب الدراسيّ إلى سلوكه سبيلاً...وكم رفض دعوات زملائه كي يلعب معهم (التركس) .


 يسهر، يتعب، بل يشقى..كي ينهي  (دروسه).

ـ هذه ليست دروساً..أنت طالب جامعةٍ، اسمها محاضرات.

فيعيد ما تفرضه عليه عذريّته، ويسمّيها دروساً.

محظوظٌ أخي، لكن ليس كثيراً.

محظوظٌ، لأنّه وجد مأوىً، مكاناً يلمّ جسده بعد الدوام، في المدينة الجامعيّة، في حلب.

و لأنّ الدنيا هكذا، يومٌ لك ويومٌ عليك، عبس الحظّ في اليوم الذي كانت فيه عليه، فاجأه القدر، دهمته الصدفة، في عذريّته...الدراسيّة.

 

غصباً، بعد إلحاحٍ شبيهٍ بإلحاح أمّك كي تأكل، اضطرّ إلى لعب (حل تركس).

في تلك اللحظة، التي أمسك فيها الورق، لأوّل مرّةٍ طيلة الشهر الأوّل من حياته الجامعيّة، فُتح الباب، ودخل والدي، والده، ورآه متلبّساً باللعب.

أتى مسافراً مسافة ساعتين، للاطمئنان على عذريّة أخي... الدراسيّة.

والدي، لم يختر من مئات الساعات التي مرّت من ذلك الشهر؛ إلا ساعة الغياب المؤقّت، الاضطراريّ، لتلك العذريّة ...

العذريّة التي يصدم غيابها أيّ أبٍ فقيرٍ يحلم بابنه لا يكرّر مأساة فقره، يريده متعلّماً، ناجحاً، ومنكبّاً على لملمة الحروف و الكلمات، كي يبني صرح حياته.

العذريّة التي يخشى عليها من رفقة السوء، من إغواء الزميلات... ولاعبي (التركس) في المدينة الجامعيّة.

 

لم يأت والدي، حين كان أخي يُعلّم أقرانه، يشرح ما صعب عليهم فهمه، أو حين يقرأ، يكتب، يبتدع طرقاً لفهم الفكرة، يسهر تدقيقاً لجملةٍ قالها الأستاذ الجليل في المدرّج الكبير.

لم يره يتنكّب مئزره الأبيض، يتمعّن جمجمةً وعظاماً لحفظٍ ما في مادّة التشريح.

لم يدخل والدي، غرفة ابنه، أخي، وهو يطبخ طعاماً طلابيّاً، بسيطاً، أو حين يغسل صحنين احتويا وقوده، ذاك الوقود الذي سيذهب إلى المعدة، وإلى الدم، ومنه إلى الدماغ، حيث تقطن العذريّة... الدراسيّة.

 

شقيقي، بعد أن دهمه والدي، والده، مرتبكٌ، ماذا يفعل؟

أيّة قوّةٍ، ماديّةٍ، روحيّةٍ، تقنع أباً أنّ تلك لحظةٌ هاربةٌ، عارضةٌ، استثنائيّةٌ، أتت من عالم الخجل وجبر خواطر الزملاء، لأنهم افتقدوا اللاعب الرابع؟

أيّة اعتذراتٍ لأمله الجريح، تبريراتٍ، تعيد ما انكسر، إلى قبل ما انكسر؟

كم من الوقت سوف يمضي حتى يكتشف الأب أنّ ما رآه ليس دائماً، ليس ثابتاً، وأنّ الأصل في ابنه...العذريّة الدراسيّة؟

بعد الامتحان؟

بعد أن تعلن نتيجة الامتحان أصالة العذريّة، رسوخها؟

ذاك وقتٌ طويلٌ، جداً، لا تحتمل عذريّةٌ مشوبةٌ بسوء الفهم تأجيلاً لبراءتها إلى ذلك الحين.

الآن، فوراً، بأقصى سرعةٍ، ينبغي لملمة الأشلاء، تنظيف المكان من نثرات البلّور المختبئة كي لا تدمي أحداً.

الآن، يجب إبعاد الفضوليين عن مكان الحادث كي يسعف المصابون، إحضار الطبيب لذي ذبحةٍ، إنقاذ فتاةٍ تصرخ من مغتصبٍ مسلّحٍ، الأمر يقتضي اجتماعاً عاجلاً لملكات الفكر و النفس، و أغبى ما يفكّر فيه امرؤٌ ساعتها؛ انتظار نتائج الامتحان.

الآن، لأن ثمّة نزفٌ، لا يحتمل الجسد بقاءه. طفلٌ يبكي، امرأةٌ تضع، حريقٌ نشب.

ماذا لو ألغي الامتحان، أو أجّل، لزلزالٍ، لحربٍ، لاستدعاءٍ فجائيٌّ إلى العالم الآخر؟

الآن..وليس بعد حينٍ، لأنّ بعد فتحة الباب تلك؛ ارتجفت قلوبٌ، تحتاج من يعيد لها انتظام النبض. لأن ما بعد الحضور الفجائيّ لوالدٍ، غير ما قبله، تماماً كما العالم بعد 11 أيلول غير ما قبله.

 

غياب اللاعب الرابع، واستدعاء أخي لملء الشاغر، أحضر آباء الثلاثة الآخرين.

والدي، والد شقيقي، اللاعب الرابع، أضحى في تلك اللحظة والد الجميع، جميع اللاعبين.

 والدليل؟

رمى الجميع أوراقهم، أشهروا إفلاسهم، ارتعشوا..و انتهت اللعبة، ذوت المنافسة (التركسيّة) كبالونٍ خرجت منه ريحه.

أبي الآن يشغلُ ثلاثة شواغر أبويّة.

والدي الذي قال:

ـ أمن أجل هذا أرسلناكم؟ أمن أجل هذا تعيشون بعيداً عنا؟

مارس دوره الأبويّ، قام بمقتضيات أبوّته على الجميع، ثمّ انصرف.

 

للأسف؛ ثمّة قضايا تضطرّ للانتظار، لا تملك إلا أن تسلمها لسلطان الزمان، مهما اشتدّ إلحاحها، تخضع لبلادة التريّث، وضرورات الاستمهال، و إلا ما سبب استغراق الأمنيات وقتاً كي تتحقّق؟

للأسف؛ اضطرّت جميع الأطراف للرضوخ انتظاراً صدور نتائج الامتحان، عساها تعلن براءة العذريّة الدراسيّة للاعبين الأربعة...

وأعلنتها.


hazarba 2010-07-21 11:38:26
للأخ حسان مع التحية
بدأت أقرأ النص و قد تشكلت هيالات تعليقي في ذهني و لا أخفيك فكان أول ماخطر لي أن أبارك لك نجاح أخيك، و لكن عندما انتهيت من قراءة التعليقات رأيت أن هذا لم يعد ضرورياً، و لكن الضروري جداً و الذي لم يزل قائماً في ذاكرة تعليقي هو الاشادة بأسلوبك الجميل في ضم الكلمات لتصبح عقداً بديعاً. شكراً لك
-الإمارات
حسان محمد محمود 2010-07-21 00:17:39
ردود على الورود
تحيتي ومحبتي لكل من قرأ أو علق، البعض يحسب أن الحادثة واقعية، هي ليست إلا محاولة لتصوير لحظة وانفعالاتها،مودتي لكم جميعاً.
-سوريا
وليد الحنون 2010-07-20 23:06:24
خيال قصصي بارع
أخي حسان أنت تتمتع بخيال قصصي مبدع ، وأنا من متابعي كتاباتك المبدعة التي تعكس حسا ميلودراميا مرهفا....ثنائي وتقديري 
سوريا
محمد بسام مصطفى البني 2010-07-20 21:16:05
مميز
اسلوبك المميز دائما يحمل نكهة عبقة بين الحروف ، ليتك تكتب عن العذرية المفقودة هذه الأيام ، عذرية أخاك يا صديقي خفيفة الظل لكنها نظيفة و ستبقى نظيفة طالما أنه ترعرع في زمن لم تكن تجارة الأعراض فيه مسموحة .. لك كل التحية
سوريا
سنفور مشاكس 2010-07-20 20:32:43
الله على هديك الايام
الله على هديك الايام... ايام الجامعة والدراسات العليا ماكنت تحلى لعبة التركس الا ايام الامتحان... وبعدين طلعتلناهالبعثة التعيسة وهلق صرنا بالغربة. دور بهايدليبرغ على حدا يلعب معك اذا انت زلمة...وماراح تلاقي .
ألمانيا
سامح 2010-07-20 20:28:50
أخوك مو عايش يا زلمة
حرام عليكم .. خليه يفقد عذريته ( الدراسية طبعا ) شوي .. هو مالو بكالوريا حتى يقتل حاله بالدراسة ... والله الجامعة حلاوتها بالسهرات والطلعات والتركسات .. مو بالبصم وزق الكتب والمحاضرات
سوريا
طرطوسية 2010-07-20 18:57:29
شكرا
ياأخ حسان هي شغلة معروفة اللي متعود عالشقاوة والغلط ماحدا بيحس عليه شو ماعمل ودائما بينفد.. لكن العاقل والرزين من أول غلطة بتلاقيه وقع وانكشف وصارت فضيحة... بس أخوك كتير محبكا مو هيك؟؟ وأبوك كمان.. على كل حال مبروك نجاحهم وعذريتهم للشباب, وعقبال الأعلى
-سوريا
م.إياد الدرويش 2010-07-20 18:01:26
شكرا
أخ حسان طالما أن البراءة أعلنت في النهاية فهذا هو المطلوب شكرا لك تقبل تحيتي
السعودية
جهينة 2010-07-20 17:44:00
حلوة كتير ومهضومة
كتير عالم عم تنظلم على كتاف ناس تانيين يعني متل ماتفضلت حضرتك اخوك كل الوقت عم يدرس واتمنى ياخد ولو قسط بسيط من الراحة وصدفت والدك شافه مع رفقاته اللي عطول ملتهيين عن الدراسة وظنه متله متلهن والعين كتير احيان بتحكم متل مابتشوف وكمان متل ماتفضلت وقت احداث ايلول بسبب جريمة احدهم ظلمنا نحن العرب جميعا مع اننا لانريد ولاارادة لنا بكل ماحصل ...عنوان مناسب وله مغازي رائعة :ليست العذرية الحقيقية ماتراه بعينيك بل ماتختبره بعد التجربة والنتيجة فاما النجاح واما الفشل اما الاخلاص او خيانة
-سوريا
طبيب شرعي 2010-07-20 17:32:48
سؤال
يعني بقدر بفهم انو أخوك هلق فقد عذريته؟؟
-سوريا
haysamm 2010-07-20 15:28:33
التركس ظريفة
والله ياجماعة التركس ظريفة ... وخصوصا بالجامعة وبسهرات طلاب الجامعة ... ولوش الصبح يامعلم
-سوريا
ريم 2010-07-20 14:16:22
ظريفة
حلوة و ظريفة بتشد الواحد كتير لأن فعلا احيان بينحط الواحد بمواقف كل الظروف بتتجمع فيها و كل الصدف السيئة بتلتقي بترتيب معين و بيكون موقف ولا اسوأ
سوريا
copy rights © syria-news 2010