كل شعوب العالم تصقل حضارتها وتزينها بالغالي والنفيس لتجد مكان لها بين الأمم المتقدمة إلاّ نحن... حيث نخسف حضارتنا ونستهين بما تركه لنا الأجداد.

عندما احتل العرب اسبانيا بنوا القصور والمساجد والحمامات الملحقة وعندما سأل الأسبان عن سبب المبالغة في بناء الحمامات وإلحاقها بالقصور والمساجد ... كان الجواب هو التالي: هؤلاء أصحاب عبارة ( النظافة من الإيمان).

أما الذي يحدث الآن فهو داء مستشري وحالة معممة في كل المدن السورية ويستند فيها الفاعل الى طاقية الإخفاء بحيث .. إن لم تكن معروفاً فافعل ما شئت ولا بأس في أن تكون وسخاً وقذراً تحوّل المكان الذي تسكنه الى حاوية دون الخوف من أحد يعرفك فيكشفك ويفضحك لأنه لا أحد هنا يعرفك... والطاسة ضايعة...وبالتالي فكل مدننا تآخي تلال من القذارة.

كيس من الحجم الكبير موضوع في مدخل البناية تعوم فوقه قناني بقين البلاستيكية الفارغة وتحتها تفل عصير الجزر وقشر التفاح وتحته حفاضات أطفال والكل يستند برقة على الجدار في مدخل البناية... وهذا بالنسبة للفاعل هو كلمة صباح الخير لكل الجيران المغادرين إلى  أعمالهم في الصباح وأنا منهم وتمنيت لو أني أعرفه لأجبرته على التهام الكيس بما فيه... وذهبنا إلى  السيارة التي حظيت بحمام معتبر ليل الأمس لأننا سنستخدمها اليوم للذهاب إلى  دار الأوبرا ... والمفاجأة أن ملكة النظافة التي تقطن في الطابق الأول فوق المكان الذي تقف فيه السيارة والتي تنظف بلكونها من الأتربة والأقذار وبقايا الطيور بالشطف ورمي الزبائل على الشارع ... مارست هوايتها قبل وصولي بدقائق وألقت بكل الأوساخ فوق السيارة... وفي النهاية أتحفتني بهدية ألصقتها على البلور الأمامي وهي قليلاً من الشعر المتساقط وبقايا قش المكنسة وبعض أعقاب السكائر وقصاصات الورق... والكل مغلف بنواتج الشطف الطينية ومرمي بما يساير قانون الجاذبية ليلتصق على البلور الأمامي للسيارة ...ونظرت إلى  الأعلى فرأيت الماء تقطر من حافة البلكون أما السيدة الضبعة فلقد دخلت دارها وأغلقت الباب.