مساء الخير: ألا تعجبون أيها السيدات والسادة من حال مدارسنا التي بتنا مضطرين لرفدها بدورات لمحو الأمية كما نحن مضطرون لرفدها بدورات مناهج في المساء يجني منها المدرسون المحظوظون الآلاف المؤلفة ومن قبلها الدروس الخصوصية الموؤودة التي كانت لا أقول إنها كانت بقرة حلوبا بل دجاجة تبيض في الصباح والمساء بيضا من ذهب

وكانت تردنا الأنباء من حلب المدينة التي انطلقت منها شكوى الأستاذة عن المبالغ إلي يتقاضاها المدرسون الخصوصيون والعهدة على الرواة فنفغر أفواهنا دهشة نحن القابعون في هذه المدينة المسكينة ومن حلب نفسها وصلتنا على جناح الغرام بما في جيوبنا وبسرعة " نوطات" المناهج الجديدة للصفين السابع والعاشر فيها حلول للأسئلة جاهزة ولست أدري كيف استطاع أصحابها إخراجها بهذه السرعة .

مما يجهض خطة الوزارة في المناهج الجديدة بأن يقوم الطالب بعملية التعلم والبحث بنفسه تحت إشراف مدرسه فهل يرقى الجبل بحثا عن الينبوع من يجد الماء إلى جانبه وفي متناول يده وإذا كانت الوزارة قد اقتصرت في دوراتها على صفوف الشهادات تجنبا لهذه النتيجة فإن نقابة المعلمين ولدواع إنسانية بحتة ولا يظنن أحد أنها تجارية فإنه سيأثم لهذا الظن السيئ درست في دوراتها المناهج الجديدة ولم تعبأ بما كانت تتوخاه الوزارة لقد استبشرنا خيرا بمنع الدروس الخصوصية وظننا أنها ستعيد إلى المدارس دورها وألقها وإشراقها الذي كان لها وخبا بتأثير الدروس الخصوصية فإذا الوزارة تطوي تلك الدروس تحت جناحها بدورات مناهج في المساء وهذا اعتراف صريح بأن المدارس لاتقوم بدورها المطلوب منها فماذا يمكن لذات المدرس أن يضيف في المساء ما عجز عن إعطائه في الصباح.

وإن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان ولايجد إجابة لماذا تطفح مدارسنا بالأميين وأشباههم من الطلبة مع كل هذا الزخم الذي كان فيما مضى للدروس الخصوصية ( لصغار التلاميذ وكبارهم ) وبوجود تلك الأعداد الهائلة من المدارس وإذا جاز لي أن أجتهد في الإجابة على هذا السؤال فأقول : إنني لم أكن أود الحديث عن الدروس الخصوصية والدورات بأنواعها ولكن الإجابة اضطرتني فالمدارس أهمل دورها وآلية الدرس الخاص تقوم على التالي يعطي المدرس الحلول جاهزة لتلميذه ويطلب منه حفظها وتسميعها فهل يمكن أن نسمي هذا تعليما وماذا يمكن أن نتوخى من تعليم كهذا .

وإذا كان ينبغي لي أن أستشرف آفاق المستقبل فإنني أقول: لن تقوم لتعليمنا قائمة مادام الهدف من التعليم الشهادة لا العلم ومادام التعليم نفسه تجارة لارسالة أما من يشك في أن الهدف من التعليم الشهادة فيكفي أن أقول له: إن الصفوف الانتقالية مسقطة من حساب التلاميذ وأوليائهم وكم من ولي أمر طالبني بأن ينجح ابنه ليدبر نفسه في الشهادة وكم من طالب يؤنبني ضميري لأنني أبقيته في صفه الانتقالي ( علما أن درجاته لاتؤهله للانتقال إلى صف أعلى)واستطاع الأقل منه أن يحوز على شهادة بطريقة أو بأخرى . ولا أظن بعد كل ما تقدم وجود من يصر على مطالبتي بالدليل على أن تعليمنا تجارة لارسالة