2009-12-21 00:53:25
أبناء يهربون من البيت ويمقتون واجباتهم العائلية في أيام العطل والمناسبات

الأب "خروج أبنائي من البيت ولا مبالاتهم تشعرني بالضيق"

الابنة "البقاء في البيت وتقديم الضيافة يشعرني بالعبودية"

يتهرب الأبناء من واجباتهم اتجاه العائلة والأقارب أيام العطل والأعياد، ويرغبون في قضاء وقتهم كاملاً ببرامج ترفيهية مع أقرانهم، مما يخلق نوعا من الجدل مع الأهل يصل في أحيانا كثيرة إلى التمرد والصدام.


الأبناء يجدون في طقوس الزيارات العائلية، واجبات إلزامية مقيدة ومملة، بينما يعتبر الآباء أن رفض الأبناء لتلك الواجبات خذلاناً لهم وتهرباً من المسؤولية تشعرهم بالضيق والإهمال.

 

قيود وعبودية

وحول فكرة قضاء العطل بالمنزل أو مع الأصدقاء التقت سيريانيوز بعض الشباب للوقوف على آرائهم فقال خالد "هناك عدة أمور لا يستطيع الشاب فعلها ضمن العائلة، كما أن هناك بعض الأحاديث التي لا أستطيع مناقشة الأهل بها، منها الأمور العاطفية التي تواجهني والمشاكل الشبابية التي أجد الحديث بها مع الأهل ما زال من المحرمات، فأجد بين أصدقائي الجو المناسب لتداول الأحاديث المماثلة".

وأضاف خالد "جلوسي في البيت ضمن فترة العيد مقتصر على أمرين إما استقبال الضيوف أو الذهاب لزيارة الأقارب، وبكلا الحالتين أجد الموضوع ممل ومقيد".

 

وعن محاولات البقاء مع الأهل في العطل قالت مريم "عند بقائي بالمنزل أقضي وقتي كاملاً تقريباً في غرفتي بعيداً عن أهلي، لأني أشعر أن الجلوس معهم فرصة لتوجيه النقد لأصدقائي وطريقة لبسي وحياتي الجامعية".

وأضافت "عداك عن ذلك تقديم الضيافة في الأعياد طول النهار بعيداً عن أصدقائي يشعرني بالعبودية، فأنا لست أقل منهم حتى يقضوا وقتهم خارج المنزل وأبقى أسيرة البيت والخدمة".

 

وكشف أنس عن سبب خروجه من المنزل أيام العطل قائلاً "أعتقد أن وضعي مختلف عن باقي الشباب قليلاً كون والدتي توفيت من فترة بعيدة، ودائماً علاقتي متوترة مع الأهل، لذا لا أرتاح في المنزل خصوصاً بوجود العائلة كاملة".

وتابع أنس "أجد بين أصدقائي الراحة النفسية التي أطلبها بعيداً عن هموم البيت ومشاكله، ودائماً ما ألجأ إليهم في الشدات والمحن، فأجد بينهم متنفساً للترويح عن نفسي وتخفيف الضغط المحيط بي".

وختم أنس "أغتنم عطلة العيد للقاء أصدقائي بعيداً عن هموم الدراسة والعمل فالوقت متاح لتبادل الأحاديث ومتابعة النشاطات الرياضية، وأعتقد أن مقولة (رب أخ لكَ لم تلده أمك) تنطبق علي تماماً".

 

وحول فكرة تفضيل الأصدقاء على الأهل قالت ناديا "لا فرق لدي بقضاء العطل مع الأهل أو الأصدقاء ولكن غالباً أقضيها بين أصدقائي لأنها فرصة للتواصل معهم خصوصاً بعد تخرجي من الجامعة وانقطاعي عنهم" مضيفةً "كوني لا أستطيع فتح قلبي للأهل بكل ما يخالجني، أميل للخروج مع الأصدقاء في حال تهيأت الظروف المناسبة، كما أن هناك بعض الأمور نقوم بها مع الأصدقاء بعيداً عن الأهل كجلسات النرجيلة وحتى التدخين".

 

ورأت ناديا أن توافد الضيوف إلى المنزل أيام الأعياد تضيف مشقة على الشباب كون واجب الضيافة سيقع على عاتقهم وقالت "تعودنا منذ الصغر على هذا النمط ولم أعد اشعر بالضيق اتجاه هذه النقطة".

 

لا مبالاة وتسكع

ومن وجهة نظر الأهالي كانت الحاجة للشباب في المنزل ومتطلباته السبب الأبرز للإبقاء عليهم بالمنزل، والتقت سيريانيوز بعض الأهالي حيث قال أبو أحمد "كنت أجبر أطفالي على الذهاب لزيارة الأقارب وحتى المكوث في المنزل في صغرهم وخصوصاً في العيد، أما الآن فلا أستطيع ذلك كونهم أصبحوا شباب، ولكن أترك الأمر لذوقهم وإحساسهم، لا أخفي أني أحتاج لوقوفهم دائماً معي لمعالجة أي طارئ في المنزل، ولكن يصعب على الأب شرح ذلك لأبنائه وخصوصاً عندما يجد أبناءه أصبحوا شباب وهو بدأ يهرم".

 

وأضاف أبو أحمد "من الطبيعي أن ينشأ خلاف بين الشباب والأهل وخصوصاً أيام العطل كونها فرصة للتواصل مع الأهل، لكن الشباب همهم دائماً الأصدقاء والتسكع معهم، فأنا كنت شاباً يوم من الأيام وأعلم ما يجول بذهنهم، لكن التربية الصحيحة والحوار المبني على الثقة، يوفر على الأهل كثيراً من المشاكل مع أبنائهم، والتي تعترضهم فترة العيد".

 

من جهته قال أبو خلدون "يصعب على الأهل تربية الأطفال وتنشأتهم ليكبروا ويصبحوا شباب ومن ثم يتخلى الشباب عن الأهل، وهنا أتكلم بشكل عام، ولكن أن يترك أبنائي البيت أيام العطل بشكل خاص أشعر انه جزء من تخليهم عني، أحاول أحياناً الضغط عليهم ولكن بحذر، لأني اعلم في حال ضغطت أكثر على الشباب خصوصاً ستأتي النتائج عكسية، ومن الممكن أن أخسرهم".

 

وتابع أبو خلدون "في العيد تكثر متطلبات البيت، وتصبح الحاجة إلى الشباب أكبر، وكثيراً ما اضطر إلى جلب حاجات البيت بنفسي، اشعر بالضيق أحياناً لعدم مبالاة أبنائي الشباب لهذا الأمر، فأستعين بنقطة حوار حساسة استخدمها معهم دائماً، وهي أني لابد أني مفارقهم ولو بعد فترة، وان المسؤولية ستقع على عاتقهم لاشك، وأجدها فعالة جداً".

 

بدورها قالت أم فادي "توفي زوجي من سنتين تقريباً، وفي كل عطلة اصطدم مع أبنائي الشباب لتركهم البيت وإلقاء المسؤولية على عاتقي، ولكني لا استطيع أن أتابع في الصدام لأني بحاجة لهم فأحاول التوفيق بين رغباتهم وحاجات البيت".

 

وأضافت أم فادي "كنت أعتقد أن الدراسة الجامعية ستجعل الشباب على مستوى أعلى من الوعي لمسؤوليات الحياة، لكن بعد كل عطلة أو عيد أقول في نفسي لو أنهم لم يدرسوا واتجهوا نحو مجال العمل ربما كان وضعهم أفضل، بعيداً عن هذه الصداقات التي لا أجد منها جدوى".

 

الحل بالحوار المتآلف

وللموضوع تفسير من الناحية النفسية، وللوقوف على حيثياته التقت سيريانيوز الباحثة الاجتماعية أليسار فندي وقالت إنه "من الطبيعي أن يملك الأهل وجهة نظر مخالفة لرأي أبنائهم الشباب وخصوصاً في فترة العطل والأعياد، فالأهل ينتظرون هذه المناسبات ويعتبرونها فرصة للقاء أبنائهم بعيداً عن ضغوطات العمل والدراسة وما شابه، كما أنها مناسبة سعيدة لزيارة الأهل والأقارب، فيما يجدها الأبناء فرصة للقاء الأصدقاء والسهر معهم وممارسة بعض الهوايات أو حتى السفر".

 

وأضافت فندي "بعد الوصول لمرحلة الشباب تأخذ الحياة مسارات جديدة على الأهل تقبلها ولو لفترة بسيطة، لأن الشباب عاجلاً أو آجلاً سيصلون إلى مرحلة الاكتفاء من السهر والابتعاد عن بيئة العائلة".

 

وحول أسباب ابتعاد الشباب عن العائلة بشكل عام وفي العيد بشكل خاص قالت فندي "معيار الأصدقاء معيار أسهل، لا يخضع لسلطة الالتزام أو الخضوع وسمة هذه الجيل أنه يبتعد عن الالتزام"، مضيفةً أن "هنالك بعض العادات الممنوعة ضمن طقوس العائلة، يمارسها الشباب بعيداً عن رقابة الأهل كالنرجيلة مثلاً ويقاس على هذه الأمر عدة أمور أخرى".

 

ولتسهيل الأمور على الطرفين قالت فندي "حماية أبنائنا تتضح بأن نعيد إلى الشباب مفهوم العائلة، وغرس مفهوم سعادة الإنسان تقدر بسعادته ضمن العائلة، كما أن الحوار الهادف والبناء تحت مظلة العائلة عبارة عن وقاية ذاتية للشاب ضد الشدات شرط أن تكون بشكل متآلف وليس تحت أي  ضغوطات أو بشكل قسري".

 

حسام قدورة –  سيريانيوز شباب


Powered By Syria-news IT