2009-11-10 02:00:08 | ||
تعاطي المراهقين للكحول.. لا من قانون رادع، والأكشاك تسهل الوصول إليها بشكل مخالف |
||
أحد المراهقين: بدأت تناول الكحول في 14 من عمري بعد "صدمة عاطفية" جهات رسمية: فكرة منع بيع المشروب للمراهقين لم تكن مطروحة من قبل "صدمة عاطفية، تقليد الأهالي، الشعور بالرجولة والتباهي أمام الأقران".. تعددت أسباب المراهقين الذين التقت بهم سيريانيوز في أماكن مختلفة وبأعمار متقاربة، ممن أقبلوا على تعاطي الكحول ومعظمهم لم يتجاوزوا الـ 18 عاماً، غير آبهين للمخاطر اللاحقة التي يمكن أن يتعرضوا لها من مشاكل صحية واجتماعية عديدة. لم يكن الأمر بالصعب لدى هؤلاء المراهقين تحت السن القانوني في الحصول على المشروبات الروحية، أولاً "في ظل غياب قانوني يردع ذلك" كما أفاد المعنيون، وثانياً لوجود الأكشاك الغير مرخصة والمنتشرة على أرصفة الشوارع لبيع المشروبات، عدا عن أسباب أخرى تتعلق بالتربية ومراقبة الأهالي. وانتشر بيع المشروبات الكحولية بأنواعها المختلفة في الأماكن العامة المعتادة كالمطاعم والحانات والفنادق, لكن الجديد هو توزع هذه المشروبات في أماكن تسهل من قرار شرائه وخاصة بين شريحة المراهقين كالسوبر ماركت أو "الأكشاك" ومحلات البقالة العادية، ما سهل عملية الحصول عليها لدى الكثيرين، والجدير بالذكر هو انتشار أنواع رخيصة وسهلة المنال دون وجود قوانين تردع من هم في أعمار صغيرة تحت السن القانوني من الحصول على المشروبات الكحولية في سورية، وفي المقابل، معظم الدول، لا تسمح بشراء الكحول إلى حد عمر معين كما هي الحالة مع التدخين، حيث يجب أن يكون عمر الشاري فوق 18 عاماً في أوروبا، و21 عاماً في الولايات المتحدة الأمريكية و20 عاماً في اليابان. انتشار بيع المشروب في الأكشاك, شجع بعض المراهقين على تناوله حاولت سيريانيوز الوصول لبعض الشباب المدمنين على الكحول بشكل يومي، وكانت أعمارهم تتراوح من 16 عاماً حتى 20عام، وقال عماد 16 عاماً "أشرب زجاجتي بيرة يومياً من دون أن أشعر "بالسكر" وأنا قادر على تناول أكثر من ذلك، فالبيرة هي مشروبي المفضل، وقد خصصت جزءاً من مصروفي للزجاجتين اللتان اعتدت على تناولهما يومياً". وعن شعوره بتعب أو أية أعراض جانبية أثناء تناوله للكحول، شرح عماد "في حال تناولت في اليوم الواحد أكثر من 5 زجاجات بيرة أو شربت البيرة مع نوع آخر "الفودكا"، اشعر بغثيان وضغط على عيوني، لكني حالياً عرفت الحد الذي يستحمله جسدي من الكحول، ولم أعد أتجاوزه، وفي حال حدث شيء من هذا القبيل أغتسل بالماء البارد عند العودة للمنزل". اعتاد عماد على تناول الكحول منذ سنتين، أي في عمر "الـ 14"، وكان ذلك نتيجة صدمة عاطفية حسبما قال. وحول الصعوبات التي يواجهها عند شرائه لعبوات الكحول أوضح عماد "لم يمنعني أصحاب المحلات من شراء الكحول رغم سني، عدا عن إمكانية شراءها من الأكشاك المتواجدة بكثرة في منطقة سكني، وهي بنظري مسموحة لأنها معروضة علناً، فأنا اشتري البيرة منذ سنتين دون أن يسألني أحد عن عمري". سهولة اقتنائه جعلت منه أمراً عادياً وغير مستهجناً ومن جهته وجد فارس 20 عام أن تناول الكحول من قبل الأطفال تحت السن القانوني جريمة كبيرة، رغم إدمانه على الكحول منذ 5 سنوات، وقال "من غير المعقول أن تمنع "النرجيلة" وبيع الدخان للأطفال تحت السن القانوني ولا تمنع الكحول، وهذا برأيي جريمة كبيرة، فمعظم دول العالم تمنع ذلك كونه يشجع الأطفال على الانحراف، ويشعرهم بأن هناك خطورة من تناول الكحول". وتابع فارس "أتناول الكحول بشكل يومي وبقدر غير مسكر، في الحدائق العامة أو الشوارع، وأحياناً أثناء قيادتي للسيارة، من دون أن أتعرض للمساءلة من قبل أي جهة، فالمشروبات تباع بشكل علني في الحانات والأكشاك، ما جعل تناول الكحول أمراً عادياً". وألقت نجلاء (17 عام) اللوم على أهلها والمجتمع المحيط بها للمرحلة التي وصلت لها من إدمان, الأمر الذي أدى بها "لمرحلة كره الذات، جرّاء "الشعور بالحاجة الدائمة لتناول نوع معين من المشروبات الروحية في كل أحوالي، كالفرح والحزن والملل" كما قالت. وعن الأسباب التي أدت إلى بدءها بتناول الكحول، قالت إن "اعتيادي على رؤية أبي يحتسي الكحول في المنزل منذ صغري، رسمت لي صورة عن المشروب بأنه شيء عادي من دون أن أفكر بتناوله، حتى جاء أحد أصدقائي الشباب وجعلني أتناول نوعاً من الكحول متوافر في كل الأكشاك بمنطقة سكني، وبدأت حينها بتناول الكحول". وتابعت "لم يقف الأمر علي أنا فقط، لأني جعلت صديقاتي يجربن ذات المشروب، كي نكون متماثلات في "الجو" حين نجلس سويةً، ومازلنا في هذه العادة حتى اليوم منذ سنة". صاحب أحد محلات المشروب: بيع الأطفال يرتبط بأخلاق البائع ولا يوجد قانون يمنعنا بدوره قال بائع المشروبات الروحية في منطقة مساكن برزة (أبو اسكندر) 35 عاماً رافضاً الإفصاح عن اسمه الحقيقي، إن "أغلب زبائن محلي من فئة الشباب 18 أو أقل حتى 20 عام، ومشروباتهم المفضلة هي البيرة والفودكا من 5% كحول حتى 20% وهناك ما يزيد عن ذلك، وكلها ذات أسعار زهيدة تتراوح ما بين 55 إلى 100 ليرة سورية". وتابع البائع "وبالنسبة لمن هم تحت السن القانوني، فلا أقوم ببيعهم إلا إذا طلبوا نوع واسم محدد للمشروب، وذلك دليل كاف على أنه مرسل من قبل والده أو من هو بمكانته، ,وبالمقابل لا يوجد قانون يمنعنا من البيع للأطفال، ويبقى الموضوع مرتبط بأخلاق صاحب المحل". لا قانون يمنع الأطفال من شراء المشروب، ولا تراخيص رسمية لمحلاتنا وليست فقط أعمار شاربي الكحول خارجة عن أي إطار قانوني، فلقد أشار أبو اسكندر إلى عدم وجود أي ترخيص رسمي لأي محل مشروبات ومنها محله، وتحدث عن ذلك بأنه "يقتصر الأمر على موافقة جيران المحل والإشراف من أحد الجهات المعنية من الدولة، ومن الشروط الواجب توافرها بصاحب المحل هو السمعة الجيدة بالحي وأن يكون من الديانة المسيحية، بالإضافة إلى بعد المحل عن الأماكن الدينية". وتابع إنه "من الضروري عدم السماح للزبائن بإشهار مشروبهم أو الشرب داخل أو جانب المحل، لأن ذلك يسبب استياء الجيران وبالنهاية إلى تقديم الشكوى على صاحب المحل ما يؤدي إلى إغلاقه، كإخلال بأحد الشروط الأساسية لفتح محل للمشروبات وهو عدم افتعال المشاكل". وتتراوح رغبات الشباب في تناول المشروبات الكحولية من زبائن أبو اسكندر، بين الانزعاج من شيء واغلبها "صدمات عاطفية"، أو الفرح والمناسبات أو بسب افتعال المشاكل وقال "لدي زبائن دائمين من الشباب المدمنين، يقبلون على أرخص المشروبات في المحل خاصة ذات التصنيع المحلي أو الأردني أو المصري، وفي المقابل لدي زبائن شباب تحت السن القانوني من الطبقة الراقية، يقبلون على المشروبات ذات السعر المرتفع الذي يصل لبعض الأحيان إلى 15 ألف ليرة سورية للزجاجة". عضو المكتب التنفيذي بمحافظة دمشق: فكرة منع بيع الكحول للمراهقين تحت السن القانوني ليست مطروحة, ويمكن دراستها بجدية. وتابعت سيريانيوز الموضوع في محافظة دمشق، حيث التقت عضو المكتب التنفيذي للرخص والمهن في المحافظة طارق نحاس، الذي تحدث فيما يتعلق بوجود قانون ينظم آلية بيع المشروبات ومنع أصحاب المحلات من بيع الأطفال والمراهقين تحت السن القانوني أسوة بقرار منع التدخين وبيع منتجاته لهذه الفئة العمرية، وقال النحاس إن "الفكرة غير مطروحة سابقاً, ويمكن دراستها بشكل جدي للتقليل من ظاهرة انتشار الكحوليات بين فئة الشباب المراهقين تحت السن القانوني". وتطرق نحاس إلى موضوع تراخيص محلات المشروبات الروحية وبيعها، وقال إنه "يتم إغلاق محلات المشروبات المخالفة والتي لا تملك ترخيصاً يسمح لها بمزاولة المهنة، إضافةً إلى إغلاق المحلات التي تستمر في البيع متجاوزةً الساعة المسموح فيها وهي الساعة (10 مساءً) في التوقيت الصيفي و(9 مساءً) في التوقيت الشتوي" مضيفاً" هناك دوريات شرطة تتجول في الشوارع، وتقوم بإغلاق المحلات التي تفتح لساعات متأخرة ليلاً، وينطبق ذلك على محلات بيع الكحول". وأضاف نحاس "ليس بالضرورة أن يكون صاحب ترخيص محل المشروبات تابع لديانة محددة، ولا يوجد قانون يمنع ذلك، بحيث تنحصر الشروط في أن يكون المحل يبعد عن دور العبادة والتعليم 100 متر على الأقل، وأن لا يكون في أماكن المخالفات الجماعية، وان يكون المحل تجارياً فقط". كما "تُعرض حالة أي شخص يريد افتتاح محل لبيع المشروبات الروحية، ولم تتوفر فيه الشروط السابقة كاملة، على المكتب التنفيذي في المحافظة للنظر بها من جديد". ويشار إلى انه "منذ 2007 حتى 2009 تم ترخيص 8 محلات لبيع المشروبات الروحية في دمشق". مدير شؤون الأملاك في محافظة دمشق: لا يوجد ترخيص لبيع الكحول في الأكشاك وعن وجود المشروبات الكحولية المعروضة بشكل علني للبيع في مناطق متعددة، ما يسهل للشباب والمراهقين تحت السن القانوني الوصول للمشروبات الكحولية، قال مدير شؤون الأملاك في محافظة دمشق، محمد مالو لسيريانيوز، "تمنع المحافظة بيع المشروبات الروحية في الأكشاك منعاً باتاً، وتوجد دوريات مستمرة تقوم بها شؤون الصحة والشرطة لضبط أي كشك مخالف وتقوم بختمه في حال مخالفته للشروط". لافتاً إلى أنه "تكثر مخالفات الأكشاك وبيعها للمشروبات الروحية في الأماكن التي تعرف باستهلاك هذه السلع، أما من جهتنا فلا نقوم بمنح أي ترخيص لبيع الكحول في الأكشاك، وتتم ملاحقتها عبر الدوريات، وتعريضها لعقوبة الإلغاء في حال ختمه 3 مرات". رئيس دائرة حماية المستهلك: منع بيع المشروبات لمن هم تحت السن القانوني مهمة الشرطة وتخرج دائرة حماية المستهلك من مسؤولية مراقبة عملية بيع المشروبات الكحولية للأعمار تحت 18 عاماً، حيث قال رئيس دائرة حماية المستهلك بمديرية التجارة الداخلية جورج بشارة أنه "يجب أن تلقى هذه المسؤولية على عاتق رجال الشرطة" مضيفاً أن "مسؤولية الدائرة محصورة داخل دمشق فقط".. وحول الإجراءات الصحية المتبعة لتنظيم استيراد وبيع المنتجات الكحولية قال رئيس دائرة حماية المستهلك بمديرية التجارة الداخلية جورج بشارة لسيريانيوز "تتعامل دائرة حماية المستهلك بدمشق مع المشروبات الكحولية كمادة غذائية بالدرجة الأولى، وتقوم بأخذ عينات وفحصها كل فترة للتأكد من مطابقتها مع المواصفات السورية وخلوها من السموم". وتابع "هناك دوريات من دائرة حماية المستهلك تقوم بفحص عينات من المشروبات الكحولية بشكل دوري للتأكد من خلوها من السموم أو الفطور التي تكون زائد عن الحد المسموح به في سوريا ما يسبب التسمم أحياناً". وأكمل بشارة بأنه "هناك عيارات للمشروبات الروحية يجب الالتزام بها، فكل فترة تقوم دورياتنا بالجولات على المطاعم التي تقدم الكحول، وتفحص عينات مما تقدمه ويتضمن ذلك المشروبات الوطنية الصنع" متابعاً "سبق وأن كشفت دوائر حماية المستهلك مادة سامة في محافظة طرطوس وذلك بمشروب العرق وطني الصنع، ما أدى إلى حالات عديدة من الوفيات، لذلك لا يمكننا إهمال المشروبات الكحولية بحيث نعتبرها مادة من المواد الغذائية". أخصائي قلبية: تأثير الكحول السلبي واحد على الأعمار، وما يختلف هو سرعة الإصابة وللتعرف على الضرر الصحي المترتب إثر تناول الكحول من قبل الشباب، التقت سيريانيوز أخصائي القلبية الدكتور محمد البرتاوي، وقال إن "التأثير السلبي للكحول واحد على كل الأعمار، أما سرعة الإصابة فإن الشاب يحتاج لوقت أكبر ليشعر بالآثار السلبية كونه أصح من الكبار في السن، وبالمقابل الأطفال والكبار في العمر أسرع تعرضاً لتشمع الكبد مثلاً وغيرها من الآثار الضارة". وأردف البرتاوي إن "المشروبات الروحية مضرة على المدى الطويل، وتأثيرها ليس آني، وبالأخص على الكبد فيسبب التهاب مناعي الذي تحول فيما بعد إلى تشمع ومن بعدها لسرطان خلية كبدية، بالإضافة إلى تسببه بالتهاب المعدة". وعن تأثير الكحول على القلب، قال البرتاوي" تعمل الكحول كموسعات وعائية، وإن كان القلب مصاب، أو كان المتعاطي للكحول يتناول حبوب الضغط أو الكولسترول فإن القلب سيتأثر سلباً". ونوه البرتاوي إلى انه "في كل نوع من المشروبات الروحية يختلف نوع الكحول المستعمل، فالكحول الميتيلي يختلف عن الإيتيلي بالضرر، وهذا ما لاحظناه العام الفائت من خلال حالات فقدان البصر إثر أنواع معينة من المشروبات الروحية". وعن الأعراض التي تصيب متعاطي الكحول، تحدث البرتاوي بأن "تأثير الكحول مباشر على الدماغ، حيث تعمل كمخدر وموسع وعائي، وبعد أن يقوم الكبد بعملية الاستقلاب (أي فصل الفضلات عن المواد المفيدة للجسم) تعود الأوعية للتقلص، ما يفسر شعور العديد بالصداع عند استيقاظ المخمور من النوم في اليوم التالي". حازم عوض، محمد سويد – سيريانيوز شباب |
||
Powered By Syria-news IT |