2009-08-29 19:37:32 | ||
أطفال الشوارع... ضياع طفولة ومشكلة تستحق الحل...* |
||
يتكرر المشهد على أرصفة الأسواق، وعلى الإشارات المرورية كل يوم، وربما لم يعد ذلك يستحوذ على انتباهنا، فقد بات منظر الأطفال وهم يلتقطون رزقهم بطرق مختلفة اعتيادياً، لكنه يستحق الحل. وبرغم القوانين الصارمة التي تمنع هذه الظاهر إلا أنه لا توجد متابعة حقيقة تحد من انتشارها، فالعمالة تحرم الأطفال من طفولتهم والاستمتاع بها، وتعكس عليهم نتائج سلبية أخرى سواءً على سلوكهم الاجتماعي أو على مستقبلهم، عدى عن إمكانية تعرضهم للاستغلال بكافة أنواعه. ابراهيم ذو 11 عاماً... وأحلامه داخل الإناء البلاستيكي يدوّر إبراهيم ذو 11 عاماً فئرانه البلاستيكية المعروضة للبيع داخل حوض بلاستيكي جالساً على الأرض بين أقدام المارة، وفي زاوية منسية آخذاً منها مكاناً يحصل منه على رزقه. يدرس إبراهيم في الصف السادس، لكن ظروف عمله تكون قاسية في بعض الأحيان تمنعه عن المثابرة والجد في المدرسة رغم حبه لها وعدم رسوبه حسب قوله. وقال ابراهيم لسيريانيوز "أعمل مع إخوتي الأربعة في ذات المجال - وهو بيع الفئران البلاستيكية - حتى نستطيع أن نعيل والدنا المريض الذي يبلغ من العمر 50 عاماً بالإضافة لباقي العائلة" وتابع إبراهيم "أنا أصغر إخوتي ومع ذلك لم أشعر بفرحة العيد أو العطل الدراسية منذ فترة". لم يرفع إبراهيم رأسه من على الإناء البلاستيكي وهو يتحدث إلينا، وأخذ بالاسترسال في الحديث معنا عن عمله مع إخوته وأبناء عمه وعمه، وقال "يأخذنا عمي من مكان سكننا كل يوم ويوزعنا على حسب مناطق العمل التي تشمل مناطق متعددة حسب المناسبات". وتابع" يتفقدنا عمي كل فترة ليرى آلية البيع وكميتها". بائع المعروك ذو 12 عاماً.. أما بائع "المعروك" حسام 12 عاماً لم يكن وضعه بالأفضل، وقال لسيريانيوز "أعمل على (العرباية) من الثامنة صباحاً حتى السادسة مساءً" وحول وضعه في المدرسة، قال حسام "تركت المدرسة لمتابعة عملي ومساعدة عائلتي، أو على الأقل لأصرف على نفسي بنفسي، فوالدي غير قادر على الإنفاق على أطفاله الستة، فإخوتي الصغار مازالوا يتابعون تعليمهم". أما بلال صاحب بسطة "العلكة والبسكوت" في سوق الحمدية، الذي يعمل بعد الدوام في المدرسة، قال لسيريانيوز "لن أترك المدرسة، وسأتابع تعليمي إن استطعت" ولم يطلعنا عن ظروف عمله وسببها، معللاً تعليلاً بسيطاً بأن السبب هو "الفقر وعدم القدرة على الإنفاق على تعليمه من دون العمل". لا تزرع عمالة الأطفال روح المسؤولية.. وحول النتائج السلبية لعمالة الأطفال، التقت سيريانيوز مع الخبير الإجتماعي أسامة خليفة، الذي قال لسيريانيوز إن "لعمالة الأطفال نتائج سلبية على نموهم الانفعالي والعاطفي كما على نموهم الجسدي والمعرفي" وتابع "يخطئ البعض عندما يعتقدون أن عمل الأطفال ولو في أعمال معقولة، أنها تزرع روح المسؤولية في نفوس الأطفال أو تنمي قدراتهم في التعامل مع الناس أو تنمي الشعور بأهمية الكسب". وأكمل خليفة "لا تنمّي عمالة الأطفال روح التعاون ولا تصنع خبرة حياتية، ولا تعرف الطفل بحقيقة الحياة القاسية وهي ليست بداية مناسبة للتوجيه نحو عمل معين في المستقبل". وعن وجود ايجابيات لعمالة الأطفال قال خليفة "لا يمكن القول أن لعمالة الأطفال إيجابيات، ونتائجها قد تكون كارثية ارتباطا بثلاث عوامل (عمر الطفل - نوع المعاملة من قبل رب العمل - طبيعة العمل)". ما يزيد الآثار السلبية للعمالة... ووضع خليفة عدة أسباب تزيد من آثار عمالة الطفل السلبية، وقال إنه "كلما صغر سن الطفل العامل كلما تضاعفت الآثار السلبية، وكلما ساءت المعاملة (توبيخ أو شتم، عنف جسدي، اعتداء جنسي) أدى ذلك إلى شخصية غير سوية أو منحرفة" وأضاف "كلما كان العمل لا يليق بالطفولة البريئة أدى ذلك إلى شخصية رافضة لواقعها أو ناقمة على مجتمعها، أو في أدنى الحالات تؤدي إلى سوء توافق مع المحيط الاجتماعي". الحرمان من الطفولة يؤدي إلى شخصية مهزوزة.. وقد يحرم الطفل في سن التعليم الإلزامي من طفولته بعدة طرق، ما يؤدي إلى شخصية مهزوزة مستقبلا تعاني مما يسمى "النكوص الطفولي" حيث لم يعش هذه المرحلة على طبيعتها كطفل له احتياجات وحقوق على رأسها حقه في اللعب والتعليم. وحصر خليفة هذه الطرق بطريقتين، وقال "أول هذه الطرق هي في العطلة الصيفية أو بعد الدوام المدرسي حيث نجد بعض التلاميذ يعملون في المحلات التجارية المختلفة بذريعة ملء وقت الفراغ، فيوكل إليهم أعمال التنظيف وإحضار الماء وصنع الشاي وغسل الكاسات أو إحضار الطعام وأشياء أخرى ويصبح الطفل متلقيا لأوامر وطلبات لا تنتهي على نحو أشبه ما يكون بخادم". أما عن الطريقة الثانية فقال خليفة "إن حالات التسرب من المدرسة وإرسال الطفل للعمل (بغض النظر عن الأسباب) وحرمانه من حقه في التعليم، لا يعيق فقط نموه المعرفي على مقاعد الدراسة، بل يعيق نموه الاجتماعي من خلال حرمانه من التفاعل السليم مع أقرانه في مثل سنه، وهو الوضع الطبيعي لتكوين الخبرات الاجتماعية". يذكر ان المادة 113 من قانون العمل في سوريا تؤكد على منع تشغيل الأحداث من الذكور والإناث قبل إتمام مرحلة التعليم الأساسي أو إتمام سن الـ 16 من عمرهم، وتحظر الفقرة (أ) من المادة 114 تشغيل الحدث أكثر من ست ساعات يوميا على أن تتخللها فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة لا تقل في مجموعها عن ساعة كاملة وتحدد هذه الفترات بحيث لا يشتغل الحدث أكثر من ثلاث ساعات متواصلة. حازم عوض - سيريانيوز شباب * تقدر ظاهرة عمالة الأطفال في الوطن العربي بحوالي 9-10 ملايين طفل وتشكل نسبتهم 15% إلى مجموع الأطفال. وتشير التقديرات الأخيرة لمنظمة العمل الدولية إلى وجود حوالي 352 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5-17 سنة يعملون حالياً ومن بينهم 246 مليون طفل يعملون في مهن خطرة وغير مقبولة والتي تشكل تهديداً لصحة الطفل من الناحية الجسدية والعقلية والمعنوية. وذكر تقرير اليونيسف عن الطفولة عام 2005 أن حقوق الطفل بدأت تتعرض للانتكاس بسبب ثلاثة عوامل أساسية يأتي في مقدمتها الفقر.
|
||
Powered By Syria-news IT |