2009-08-22 01:28:13 | ||
الزواج العرفي بين الشباب.. وهم?.. باطل?.. أم واقع تفرضه الظروف |
||
بدأت تنتشر في المجتمع السوري ظاهرة الزواج العرفي حيث يرى البعض أن هذا النوع من الزواج قد يكون حلا لبعض المشكلات التي تواجه الشباب فيما يرى البعض الآخر إن هذا النوع من الزواج يؤدي إلى وجود مشاكل اجتماعية وإنسانية ونفسية عدة أدت إلى إصابة المتزوجات وفق هذا النمط باكتئاب, من جهتهم يقول رجال الدين إن هذا النوع من الزواج باطل, ويعتبر زنا. مزق عقد الزواج العرفي وطردني من المنزل وضمن إطار الزواج العرفي تروي السيدة "ل" لسيريانيوز قصة زواجها السري من الرجل الذي أحبته والذي يبلغ من العمر 38 عاما. وتقول "لم أتوقع أن يتم ابتزازي من قبل الشخص الذي أحببته وأعطيته أغلى ما أملك", لافتة إلى أنهما "عاشا سوية عاما كاملا كانت بمثابة شهر عسل لهما". وأضافت انه "وبعد ذلك بدأ ينفر منها ولم يعد يأتِ إلى المنزل الذي كانا يتواعدان به", مشيرة إلى أنها "وبمجرد أن أخبرته بحقيقة حملها ظهرت نواياه الحقيقية حيث بدأ بتهديدها بإخبار أهلها بقصتهما واتهمها بقلة الشرف وطلب منها أن تجهض". وأشارت "ل" إلى أنه "عندما فعلت ما يريد, قام بتمزيق عقد الزواج وطردها من المنزل وذهب إلى أصدقائها واخبرهم بموضوع زواجهم", لافتة إلى أنها "لا تستطيع أن تخبر أهلها بالأمر خوفا من عواقب الموضوع".
طلقها بعد 5 أشهر.. ولم يعترف بأنها حامل منه قصة ريما تبدو ايضا مشابهة لـ "ل" حيث قالت لنا "كنت اعمل سكرتيرة عند رجل متزوج", مضيفة انه "بعد مباشرتها عملها بدأ يسمعها كلمات الحب والغزل وسرعان ما أحببته وبدأنا بالخروج سويا, وسيطر على حياتها وتعودت عليه". وأضافت انه "طلب منها الزواج عرفيا, وإنها وافقت بسرعة على هذا الموضوع", لافتة إلى انه "وعدها بتثبيت زواجهما بعد أن تهدأ الأوضاع بينه وبين زوجته". وأوضحت ريما انه "بعد 5 أشهر على زواجهما بدأ يسمعها الكلمات البذيئة وافتعال المشاجرات معها إلى أن جاء يوم ومزق عقد الزواج العرفي الذي بينهما, وقدم لها مبلغ من المال وطلب منها تقديم استقالتها". وتابعت ريما أنها "الآن حامل والزوج لا يريد أن يعترف بأنها حامل منه, ولكنها ستثبت حقها وحتى لو عاقبها القانون, وستثبت زواجها منه عن طريق المحاكم الشرعية".
ورقة الزواج العرفي لا تهمني وعلى الرغم من أن الزواج العرفي تسبب في مشاكل كثيرة, إلا أن البعض يوافق على هذا الموضوع ويعتبره حلا لمشكلات تواجههم. وتقول إسراء طالبة جامعية 24 سنة متزوجة من زميلها طارق في نفس الكلية التي تدرس بها "لماذا ننتظر حتى نتخرج كي نتزوج ونحن نحب بعضنا, لافتة إلى أن "أهلها قد يرفضون طارق إذا تقدم لهم طالبا الزواج منها, خاصة انه لم يتخرج بعد". وأضافت إسراء أننا "بزواجنا العرفي اختصرنا الوقت وبعد التخرج نسجل زواجنا بالمحكمة ونضع أهلنا أمام الأمر الواقع". بدوره, عبر طارق (الزوج) عن "عدم اكتراثه بالعادات والتقاليد", مضيفا انه "يريد أن يعيش حياته حسب هذا العصر وإذا كان الأمر يتطلب ورقة زواج عرفي فانه كتبها وهي لا تعنيه أبدا طالما أنه يعيش مع الفتاة التي أحبها".
بعد رفض أهلها.. تزوجته عرفيا قصة فدوى مختلفة قليلا وهي تأتي لحل مشكلة مستعصية في مجتمعنا الذي يعتمد على الزواج الديني ، قال فدوى لنا بأنه "جمعتها علاقة حب استمرت سبع سنوات مع شخص من طائفة أخرى, وحين قررنا إعلان حبنا تقدم لطلب يدي من أهلي الذين رفضوه", لافتة إلى أن "أهلها وبنتيجة ذلك قاموا باحتجازها في المنزل كي لا تعرضهم للعار, بحسب قولهم". وأضافت فدوى أنها "استطاعت بعد الحيلة أن تخرج من المنزل لتذهب إلى حبيبها الذي اقترح عليها الزواج عرفيا في نفس اليوم, وفعلا ذهبا إلى شيخ كتب العقد", مشيرة إلى أنها "بعد ذلك اتصلت بأهلها, وأخبرتهم بأنها تزوجته عرفيا, وأنهم إذا قبلوا سيذهبون إلى المحكمة لتثبيت زواجهم وإلا ستلحق بهم فضيحة أكبر من التي توقعوها". وتابعت "ذهبنا بعد فترة إلى المحكمة وهناك كان أهلها بانتظارها وتم زواجهم حسب الشرع والقانون", لافتة إلى أن "الزواج العرفي هو أنسب الحلول لدى رفض الأهل".
كيف ينظر الشباب إلى الزواج العرفي تتباين النظرة عند الشباب إلى موضوع الزواج العرفي حيث يرى البعض إن هذا الزواج نتيجة لجهل البعض في الأمور الشرعية والحياتية, فيما يرى آخرون انه في الظروف الاقتصادية الحالية وانفتاح المجتمع وكثرة القيم الوافدة إليه, تجعل من هذا الزواج وسيلة لمواجهة المشكلات الاجتماعية. وتقول مها خريجة حقوق إن "العديد من الشباب والشابات يجهلون حقيقة الكثير من الأمور الشرعية والحياتية", لافتة إلى أن "الفتيات تسرقهن الأوهام الكاذبة من خلال قصص حب غير واقعية وغير منطقية". وتوافقها هبا طالبة علم اجتماع وتشدد على ضرورة الحفاظ على المجتمع, مضيفة انه "لا بد من توخي الحذر في العديد من الأمور أهمها تسليط الضوء على مثل هذه الظواهر من خلال وسائل الإعلام, بتوعية الأهل بضرورة تسهيل أمور الزواج لأن العديد من الأشخاص يجدون الملاذ بارتكاب الخطأ وبهذا يكون المجتمع قد أسهم في انتشار هذه الأمور". بالمقابل, قال أيهم خريج هندسة إنه "في ظل الظروف الاقتصادية التي نعيشها وفي ظل انفتاح المجتمع على قيم كثيرة وافدة يصبح هذا النمط من الزواج وسيلة ضرورية يجب أن تكون متاحة ومحمية لتفادي الكثير من الأمراض والمشكلات الاجتماعية", لافتا في الوقت نفسه إلى انه "قد يكون الإقبال على هذا النمط من الزواج هو عدم رغبة الشاب في تحمل المسؤولية التي يتطلبها الزواج التقليدي وقد يكون محاولة التسلية من قبل البعض الآخر".
رجال دين: الزواج العرفي باطل شرعا ويعتبر زنا وحول هذه الظاهرة سألنا الشيخ محمد عبد الله الأحمد الذي اعتبر بأن "الزواج العرفي ظاهرة اجتماعية ظهرت مؤخرا في عدد من الدول الإسلامية بنسب انتشار متفاوتة", مشيرا إلى أن "أكثر أماكن انتشارا هذه الظاهرة هي الجامعات". وعن حكم الزواج العرفي في الشرع, قال الأحمد إن "الزواج العرفي الغير مستوفي الشروط الشرعية يعد باطلا شرعا, بل إن البعض يعتبره زنا وما ترتب عليه من أبناء غير شرعيين وهو الرأي المتفق عليه عند جميع الفقهاء". من جهته, قال الأب أنطون شهدا إن "المسيحية لا تعترف مطلقا بوثيقة الزواج العرفي وتعتبره زنا لأن الزواج بالمفهوم المسيحي هو شركة يجمعها الله بين رجل واحد بامرأة واحدة, ليس مجرد عقد ورقي". وأضاف الأب شهدا أن "الكنيسة ترفض هذا الزواج لأنه لا يتم حسب كلام الإنجيل ولا يخضع للصلاة ولا حتى قراءات من هذا الكتاب المقدس, بالتالي هذا ليس زواجا مسيحيا لأنه لا يعتمد على عمل الهي ويتم دون إشراك الأسرتين به".
أخصائية اجتماعية: فقدان الحوار العائلي والأوضاع المادية أسباب لهذه الظاهرة ترجع الباحثة الاجتماعية رئيفة الحلبوني أسباب هذه الظاهرة إلى "معارضة الأهل لفكرة الزواج إما للاختلاف الثقافي أو للاختلاف في العادات والتقاليد, إضافة إلى رغبة الأهل بتزويج أبنائهم من أقاربهم", مضيفة ان "الزواج العرفي قد يكون رغبة شخصية من الطرفين فيتم الاتفاق بينهما بشكل سري وغير معلن لإشباع حاجات بيولوجية وسيكولوجية دون أن يتحملا مسؤوليات الزواج وتبعاته".. ولفتت الحلبوني إلى أن "هؤلاء الشباب يعانون من اختلال في العلاقات الأسرية وافتقادها للثقافة والوعي والحوار العائلي مما يجعل الأسرة مشتتة ومن ثم تصبح قرارات الأبناء منفردة نتيجة فشل الأبوين في التربية", موضحة أن "هذا الأمر يؤدي إلى انهيار المكون المعنوي للشاب أو الفتاة ويميل كلاهما إلى الانحراف والجموح إلى النزوات وتفريغ الكبت الداخلي". كما لفتت الباحثة الاجتماعية إلى أن "الزواج العرفي قد يحدث لأسباب مادية تتعلق بترتيبات الزواج من مهر مرتفع وسكن مستقل الأمر الذي يدفع الشباب إلى الاقتران السري". وعن أسباب وجود لجوء المتزوجين إلى الزواج العرفي, قالت الحلبوني إن "الخلافات الزوجية المتكررة الناجمة عن عدم التفاهم والهروب من المنزل وقضاء معظم الأوقات في أماكن التسلية ذات الأجواء المثيرة الأمر الذي يدفعهم إلى هذا النوع من الزواج".
طبيب نفسي: حالات اكتئاب وتفكير بالانتحار نتيجة للزواج العرفي وللوقوف على العوامل النفسية التي تدفع بالافراد الى اللجوء للزواج العرفي قال الطبيب النفسي مناف نداف العموري لسيريانيوز إن هذه الظاهرة "موجودة عند الشباب والفتيات وذلك للحاجة لإقامة علاقة بين الجنسين", مضيفا انه ولكون بعض هذه العلاقات غير مقبولة ولا بد أن تكون شرعية بشكل أو بأخر يقدم الشباب على الزواج العرفي الذي هو لا يخضع لأصول شرعية أو قانونية".. وأضاف العموري أن "المبدأ الأساسي لوجود هذا النمط من الزواج هو حاجة المرأة والرجل للعلاقة الجنسية وهذه مشكلة خطيرة", لافتا إلى ان هذا النمط من الزواج يبنى على الكثير من الوهم". وعن بعض الحالات التي واجهت العموري, قال انه "صادفت فتيات أصبن بحالات اكتئاب شديدة وبعضهن فكر بالانتحار بعد تجربة مريرة في الزواج العرفي", مشيرا إلى "وجود خمس حالات عمل على معالجتها هذه السنة وتتراوح أعمارهن بين 25-35 يواجهن اكتئاب شديد بسبب ابتزازهن من قبل شباب قاموا بتهديدهن بطرق بشعة". ميس بركات- سيريانيوز شباب |
||
Powered By Syria-news IT |