2009-07-09 02:29:31
الطالبات المتزوجات بين التزامات الجامعة والمنزل والأطفال.. وسباق لا ينتهي

هو ليس مجرد فستان أبيض وطرحة وزغاريد نساء.. إنه رباط مقدس وواجبات ومسؤوليات كبيرة

وبالطبع فإن هذه الالتزامات تكبر وتتضاعف إن كانت الفتاة لا تزال تواصل دراستها في الجامعة إلى جانب كونها متزوجة حيث يكون من الصعب بمكان تحقيق التوازن بين البيت والجامعة لتصبح الحياة أشبه بمضمار سباق دائري لا ينتهي.


وقد تندفع الطالبة للزواج خوفا من أن يهرب العريس وتضيع "الفرصة" من يدها وخاصة إن كان من تقدم لطلب يدها يتمتع بمواصفات مغرية أي "عريس لقطة".

ويزداد الوضع تعقيدا في بعض المجتمعات التي تركز عاداتها على تزويج الفتاة قبل أن تبلغ سن العشرين وإلا أصبحت كبيرة وقلت فرصها بالارتباط ويكون الزواج هنا الحل الأمثل للتخلص من شبح العنوسة الذي يرافق الفتاة منذ بلوغها ولا يتركها إلا بعد أن تؤمن على نفسها وتتزوج.

سيريانيوز التقت مجموعة من الطالبات المتزوجات وتعرفت على بقية الأسباب التي دفعتهن لاستعجال قرار الزواج قبل الحصول على شهادة التخرج وعلى المصاعب والعقبات التي تواجههن.

حلم التخرج

تقول دلال حبال /قسم الإعلام س4 أنها تعاني كثيرا من كونها "متزوجة وتدرس بالجامعة في نفس الوقت", فإلى "جانب الأعباء المنزلية التي لا تنتهي وحقوق زوجها" لديها طفل رضيع "يتوجب عليها العناية به" وعندما تريد الذهاب للجامعة فإنها تضطر لوضعه عند حماتها رغم أنها "تجد في ذلك بعض الإحراج".

ووجدت حبال فرقا كبيرا في تحصيلها العلمي قبل الزواج وبعده حيث قالت بحسرة إنها "نادمة حقا على اتخاذها قرار الزواج  قبل التخرج من الجامعة"، فهي لم تكن تتوقع أن الزواج يتطلب "كل هذا الالتزام والمسؤولية" وقالت دلال "عندما تزوجت فكرت فقط في البدلة البيضاء وزغاريد العرس ولم أتخيل أن وضعي الدراسي وتحصيلي العلمي سوف يتراجع بهذا القدر من السوء".

واضافت حبال "اعتبر نفسي مقصرة بدراستي ومنزلي في نفس الوقت, مع أن زوجي متفهم لأمور دراستي كونه مثقف لكني لا تستطيع الالتزام بالدوام مثل بقية الطالبات".

وتتمنى دلال كما اخبرتنا لو أنها "بقيت مخطوبة وأجلت زواجها إلى ما بعد التخرج الذي أصبح حلما صعب المنال بالنسبة لها".

الخطورة تكمن عند الإنجاب

و ليست دلال وحدها من تعاني من عدم القدرة على التوفيق بين الجامعة والمنزل حيث تتفق معها زميلتها هديل قناطري بالرأي ولا تنصح أي فتاة بالزواج أثناء الدراسة فالزواج برأيها يؤدي لا محالة إلى الفشل في الدراسة.

والزواج من دون إنجاب بالنسبة لها يبدو أمرا معقولا نوعا ما, أما الخطورة فتكمن عند الإنجاب مثلما حصل معها فتصبح هناك مسؤولية العناية بالطفل ورعايته إلى جانب الواجبات المنزلية والزوجية إضافة إلى الدراسة والدوام في الجامعة.

حيث تضطر هديل إلى "التغيب عن محاضراتها للجلوس مع طفلها إن لم تجد أحد تضعه عنده"، وهذا بدوره جعلها تحرم من أكثر من مرة من بعض المقررات التي تتضمن موادا عملية تتطلب ضرورة حضور الطالب فيها.

أما السبب الذي دفع هديل للزواج فهو قصة الحب الطويلة التي عاشتها مع زوجها قبل ارتباطهما إضافة إلى اعتقادها أن "طول  فترة الخطبة يؤدي إلى الكثير من المشاكل".

وتضم سامية "أدب انكليزي" صوتها لصوت هديل وتقول لنا "لا انصح أي فتاة مهما كانت ظروفها بالزواج أثناء الدراسة" وتحدثنا عن تجربتها "الفاشلة" بالزواج وتقول "أنا من أكثر الناس المتضررين من زواج الدراسة فقد تزوجت في السنة الثانية من الجامعة وزوجي كان يدرس الدراسات العليا وبصراحة لم أكن أرغب بالزواج في تلك الفترة لكن مرغم أخاك لا بطل وتم الزواج".

وتضيف سامية "أسوء سنة مرت بحياتي وأكثرها تعاسة هي تلك السنة التي تزوجت فيها فلم نكن نتوقف أنا وطليقي عن الشجار وكانت حياتنا عبارة عن حلبة مصارعة وانتهى زواجنا بالطلاق ولم أستفد منه إلا الذكريات الأليمة وكلمة "مطلقة".

حذاء طفلها بدلا من دفترها

تزوجت مجدولين طباع في السنة الثالثة من الجامعة خوفا من هاجس العنوسة الذي ترسخه تقاليد مجتمعها علها تلحق بقطار الزواج قبل أن يفوتها.

وتقول طباع "عندما تقدم زوجي لطلب يدي وجدته أسرتي مناسبا لي ولم أعترض بدوري عليه فمواصفاته كانت مقبولة جدا وقبلت الزواج منه خوفا من أن تضيع الفرصة من يدي وخاصة أن أمي شجعتني كثيرا على الارتباط به".

وللزواج أثناء فترة الدراسة سلبيات كثيرة أشارت إليها مجدولين فبعد "أن كانت الأولى على دفعتها أصبحت الأخيرة" على حد تعبير صديقتها فضلا عن خوفها الدائم من الرسوب وعدم التخرج.

ولمجدولين طفل "تحتار أين تضعه عند ذهابها إلى الجامعة" وتضطر إلى "التوسل لأمها أو حماتها أو شقيقاتها لقبول وضع الطفل عند إحداهن ريثما تعود من الجامعة".

وتضيف مجدولين بسخرية أنها "غالبا ما تنسى لوازم طفلها في حقيبة يدها"، وبالفعل عندما أجرينا معها هذا الحوار أخرجت حذاء الطفل بدلا من إخراج دفترها.

زواج + دراسة = فشل

نور قسم التاريخ "مخطوبة" رفضت بشكل قاطع فكرة الزواج والدراسة في الوقت نفسه وهي لا تجد نفسها مضطرة إلى الارتباط في الوقت الحالي وتقول أنها اشترطت على خطيبها عدم مطالبته لها بالزواج قبل التخرج.

وتضيف "من المستحيل أن يجتمع الزواج والجامعة في نفس الوقت كون الزواج لا يتطلب فقط أعمالا منزلية و"طبخ ونفخ" بل هناك أيضا الزيارات والمجاملات وغيرها الكثير من البروتوكولات الاجتماعية المرتبطة بالزواج".

وتتابع نور "الفتاة في حالة الخطبة تنشغل عن دراستها و تفكر كثيرا بأمور مستقبلها فما بالك بالفتاة المتزوجة؟, وبرأيي الخطبة مرحلة حلوة وهكذا سوف ينهضم حقها نتيجة التسرع باتخاذ قرار الزواج".

خسارة للطرفين

الزواج وقت الدراسة بالنسبة لدعاء صادق (أدب فرنسي) له عدة أوجه فمثلا إن كانت فترة التخصص الذي دخلته الفتاة يأخذ وقتا طويلا مثل الطب البشري فهي تعتقد أن "الزواج هنا يكون مهم لأن الفتاة ريثما تتخرج تصبح كبيرة وعانس ولن يرضى بها احد" أما في حالة الدراسة الثانوية أو الجامعية فهي تعتقد أن "تأخير الارتباط إلى ما بعد التخرج  يكون أفضل".

أما صديقتها مروة تقول أن الزواج خلال فترة الدراسة فيه "خسارة للطرفين فالفتاة لن تستطيع أن تؤدي ما عليها من واجبات اتجاه الزوج والأسرة على أكمل وجه وبالنسبة للرجل فهي تظن أنه لن يستطيع أن يتحمل المسؤولية الكاملة لوحده".

وتقول مروة اني "غير مستعدة حتى للتفكير في موضوع الزواج قبل أن أتخرج فليس لدي استعداد لتحمل مسؤوليات الزواج المرهقة فأنا لا أحب أن أستبق الأمور وأحب أن اعيش حياتي بكل مراحلها", وتضيف مروة "فالحياة الجامعية تتطلب تفرغا كبيرا فضلا عن وجود الصداقات التي لا تستطيع التخلي عنها فالخروج مع الشلة سيقل بشكل كبير جدا هذا إن لم يلغ هذا الأمر من حياة الفتاة نهائيا".

تتخلى عن أي شيء إلا دراستها

شيرين من قسم الاقتصاد والتجارة تتمنى أنت تتزوج وهي في الجامعة من طالب جامعي من نفس اختصاصها وتقول "بصراحـــة ليس لدي مانع في أن أتزوج وأنا طالبة في الجامعــة لأن شريكي سيكون متفهما لوضعي ولدراستي في الجامعـة لذلك فأنا أتمنى أن أتزوج من شخص يدرس معي في الجامعة لنكون حياتنا خطوة خطوة".

وتضيف "أما إن تقدم لي أحدهم وطلب مني أن أترك دراستي فبالتأكيد لن أوافق لأنني لم أقتل عمري في المدرسة 12 سنة واجتهدت وتعبت وثابرت لأدخل الجامعة ليأتي شخص ويدمر مستقبلي فأنا مستعدة للتخلي عن أي شيء إلا دراستي لأن الشهادة الجامعية هي التي سترفع من قيمتي الاجتماعية وستفيدني في حياتي المهنية في المستقبل".

الزواج يحفز على الدراسة ولا يدمرها

أما زياد محمد/قسم علوم طبيعية فقد وجد على خلاف الغالبية أن الزواج قد "يعتبر محفزا" على الدراسة وليس مدمرا لها حيث قال "أنا أرى أن زواج الفتاة وهي لا تزال تواصل دراستها في الجامعة أمر ضروري جدا وخاصة في عالم الجامعات المفتوح على الحب والعلاقات فارتباطها بشخص مناسب يكون حفظاً لها من الطرق الخاطئة".

ويتابع "لا أظن أن الدراسة تؤثر على الزواج فعلى العكس ذلك يحفز الفتاة على الدراسة ويرفع من مستواها العلمي لأنها ستكون مستقرة نفسيا وعاطفيا ولها استقلاليتها وبيتها الخاص".

الجامعة فرصة للحصول على عريس

وللتعرف على العوامل الأساسية التي تدفع الطالبات إلى الزواج قبل التخرج التقينا د.عزت شاهين المختص في علم الاجتماع حيث أشار شاهين إلى ثلاثة أسباب رئيسية تدفع الطالبة إلى ذلك الزواج حيث أن السبب الأول هو "اعتقاد الأهل أن ابنتهم في سن طبيعي للزواج كونها تخطت العشرين عاما من عمرها وفي ظل تشجيعهم لها على الارتباط من المحتمل أن توافق تلك الفتاة بكل بساطة".

ويتابع شاهين بأن العامل الثاني هو "خوف الفتاة من عدم الحصول على عريس وضياع الفرصة من يدها وخاصة إن كانت مواصفات العريس استثنائية نوعا ما"، ويقول بان العامل الثالث و"الأهم هو الناحية النفسية عند الفتيات بشكل عام والخوف من العنوسة بحكم عادات وتقاليد مجتمعنا".

ويعتقد د.شاهين أنه "ليس من الضرورة أن تكون الطالبة متفرغة تماما لدراستها لكي تنجح وخاصة في الكليات النظرية والتعليم المفتوح أما في الكليات العلمية فمن الممكن أن يعيق زواج الطالبة دراستها".

ومما يثير النكتة حسب قول شاهين "دخول بعض الفتيات إلى الجامعة بهدف العثور على عريس لأنهن يعتقدن أن وجودهن في الجامعة يوفر فرصة كبيرة لهن في ذلك".

أروى الباشا - سيريانيوز شباب


Powered By Syria-news IT