لله ما أحلى الطفولة.. إنها حلم الحياة، مقولة جميلة وأصيلة، لكنها باتت اليوم ثقيلة الهضم والاستيساغ فى ظل ما تعيشه فضائياتنا العربية الآن وحصريا من استهزاء ببراءة الطفولة وروح العفوية الفطرية التى تسكنهم ما قبليا.
والدليل تلكم البرامج المسابقتية الاقتصادية المربحة لصناع البرامج على حساب الفائدة النوعية الطفولية. فبحساب رياضى بسيط تكتشفون ذاك الزخم البرامجى المسابقاتى المخصوص للاطفال من خلال منوعة تنافسية تسائل الطفل مجموعة من الأسئلة. أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها سخيفة وهجينة. ليحتدم وطيس التنافس المحموم بين الاطفال الأبرياء الذين باتوا فى ظل الصراع التنافسى من الأعداء! لأجل شيء واحد ووحيد هو الظفر بلعبة Play station 2 يبثهم ألعاب عنف وثقافة حربية أعنف. فى ظل عولمة ثقافة الأقوى والأعتى المسيسة! شأنهم فى ذلك شأن تلك الصور المتحركة الكارتونية الواردة علينا مؤخرا من المؤسسات الاعلامية الممنهجة وغير البريئة دائما وأبدا والتى تسمم أطفالنا وعقول أجيالنا بترسيخ ثقافة العنف وحضارة القوة لا قوة الحضارة على حد تعبير عظيمة تدمر زنوبيا الأسطورة. فـ Digimon وPokeman وما بينهما من بيكاتشو ـ لا يفهم من قوله شيء سوى شراسة عينيه وقوة شكيميته القتالية ـ كلها أفلام بل وسلسلات كارتونية استثمارية وتجارية قاسية وعنيفة نستوردها دون أن ندرى لنبثها لأطفال يافعين مسالمين وحالمين فتموت فيهم فطريتهم ومحبتهم لينتصر البكاتشو البضاعة فيهم. وهذا ما كان معدوما ومبتورا أساسا من صناع مثل هذه الأفلام الكارتونية وعليه المستهلكين لها فى عصر ليس ببعيد. فنحن جيل الثلاثين من العمر والمشاهدة تربينا ونحن صغار على أفلام كارتونية علمتنا معنى الحب العذرى لبنت الجيران وزميلة الفصل الابتدائى الواحد دون غايات وشبقيات كسلسلة عدنان ولينا الشهيرة. وأخرى علمتنا معنى الصداقة والتضحية بين الانسان والحيوان على حد سواء كـ بال وسيبستيان ومعنى اليتم والضيم وحب الابناء للاباء والعكس صحيح أيضا كسلسلتا ريمى و سالى ... ومعنى الافادة والاستفادة من خلال برامج موجهة لعقول الاطفال وذوائقهم لا للتنين الكامن فيهم والمستعد لطفح ناره وشرره فى كل حين. ولعل أكبر مثال على هذا الأنموذج البرامجى الناجح والناجع سلسلة افتح يا سمسم العربية قلبا وقالبا وعقيدة وانتماء..فتعايشنا مع شخصيات أحببناها وأستلطفناها كنعمان وأنيس وبدر وميسون والسيدة فاطمة وزوجها حمد والعم عبد الله وغيرهم من الأسماء الحركية الفعلية والعرائسية التى علمتنا ألف باء الحرف والحب والصداقة. أما عن الغناء فقد كان غناء الأمومة الحقة والطفولة الباكرة والصبى التوعوى النموذجى ولكم أن تتذكروا أغان كـ كل سنة وإنت طيبة يا مامتى وسيد الحبايب يا ضنايا انت وكان عندى بغبغان لوردة و ماما زمنها جاية لمحمد فوزى و يا بابا الله يخليك و احكيلى عليها لعدنان الشواشى ولطفى بوشناق وأغانيه الكورالية البيئية كـ مى مى وغيرها كثر. والأغنية الخالدة لمنى راسم يا عيون الطفولة ومن الجيل الجديد والمخضرم محمد ثروت فى حبيبة بابا راشا و يا رب يا ربنا تكبر وتبقى زينا " القديمة الجديدة " لحمادة هلال عن فيلم عيال حبيبة وأخرى مقدمة من أطفال صاروا كبارا اليوم قولا وفعلا وأمومة ناضجة وواعية كسنية مبارك وريم البندلى صاحبة أعطونا الطفولة أنشودة الحب والسلام. أما اليوم فالأغنية الموجهة للطفولة والبراءة باتت شبه معدومة ان لم نقل مناسبتية حسب الموجة والموضة. فحتى تلكم الأغانى المنجزة أخيرا على طريقة الفيديو كليب الحديث والحادث فى المشهد السمعى البصرى العربي. هى كليبات الاباحية الطفولية على طريقة الأفلام الكارتونية اليابانية المونغا Monga الشبقية. ولكم مثال أغنية كاظم الساهر دلع عينى دلع المصورة بالحفاظات و ليك الواوا لمثال الأمومة المغرية والشهية لهيفاء وهبى والأخرى الأكثر إثارة وتبلدا واوا أح للفرفورة دومينيك حورانى فهل الى هذا الحد وصل بنا الخمول الفكرى من قبل صناع الأغنية العربية غير الواعية بتاتا واطلاقا بغائية الإباحية الجسدية للطفولة العذراء عند الغربيين الايروسيين إلى حد المتاجرة بأجساد أطفالنا وعذرية أحلامهم وطموحاتهم اليافعة وهم لا يدرون. أو لعلهم يعلمون. فإن كان.. فتلك هي المصيبة العظمى والطامة الكبرى. اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه.
صابر سميح بن عامر-عرب اونلاين
|