2006-03-30 13:30:06 | ||
الطفل يخلط بين الواقع والخيال |
||
لكل طفل شخصيته التي تولد معه وتنمو متأثرة بعوامل خارجية عدة، أهمها الطريقة التي يتبعها أهله في تعاملهما مع حاجاته ومخاوفه. وقبل التحاق الطفل بالمدرسة، أي بين عامه الثالث والرابع، ينتابه الخوف من شيء أو من أشياء عدة كالكلاب والضجيج والظلام والوحوش الخيالية، وحتى الدمى. طبيعي أن تنتاب طفلك المخاوف في هذا العمر، لكن متى يكون خوفه مفرطا تصعب السيطرة عليه؟ للأطفال في هذا العمر مخيلة خصبة، فأثناء قراءتك قصة خيالية لأبنك تنصرف مخيلته إلى تصوير أبطال الرواية حسب ما يراهم، وأماكنها وقصورها وحيواناتها كما يحلو له. إلا أن هذه المخيلة سيف ذو حدين إذ يمكن أن تنقلب سريعا إلى خوف. فقد ينظر طفلك إلى مهرج في حفلة يقيمها صديق له، فيتخيله مؤذيا مقبلا عليه يريد أذيته. في ذلك يرى اختصاصيو علم نفس الأطفال أن هذا الانقلاب من الخيال إلى الخوف ينتج من عجز الطفل في هذا العمر عن التمييز فعلا بين الواقع والخيال. فللطفل، بفضل هذا العجز، قدرة هائلة على تحويل الشخصيات الخيالية إلى واقعية، وعلى ربطها بخوف يبدأ وهما خاصا به وينتهي رعبا يسكن قلبه رغم تطميناتك. لكي تتأكد أن خوف طفلك لا يخرج عن حدود الطبيعة، راقبه جيدا، وراقب مدى تأثير هذا الخوف في سلوكه اليومي. فإن لاحظت أن مخاوفه تغير سلوكه وأسلوبه في التفاعل مع محيطه، ننصحك باستشارة طبيب أطفال. لكن كيف لك أن تميز بين الخوف الطبيعي والخوف المفرط؟ على سبيل المثال، إذا اختبأ طفلك خلفك عند مرور كلب أو قطة على الرصيف ثم تابع السير لا تترك يده يدك، فهذا خوف طبيعي شائع في كل الأطفال. أما إذا رفض أن يخرج إلى الحديقة خوفا من كلب قد يأتي، أو من نمل قد يخرج من الرمل، أو من صوت الصراصير المعششة في الأشجار، أو من الجارة السمينة التي يعتقدها ستلتهمه، فخوفه هذا يؤثر في سلوكه اليومي، ويفقده ثقته بنفسه ويجعله مترددا خائفا على الدوام. هذا هو الخوف المفرط غير الطبيعي. لكي تساعد طفلك على الخروج من دائرة الخوف هذه، يقدم لك اختصاصيو العلاج النفسي للأطفال نصائح عدة سهلة التطبيق وشديدة الفعالية في آن واحد. فإن كان طفلك يخاف القطط (أو أي حيوان آخر) اشتري له قطة بلاستيكية صغيرة يلعب بها ويطلق عليها الأسماء وينسج حولها القصص الخيالية. وهكذا ينهار خوفه النفسي من القطة الحقيقية، ويتوقف عن الصراخ عندما يراها. فإن نجح في كبت خوف واحد من مخاوفه المتعددة، تساعده ثقته بنفسه في تغلبه على المخاوف الأخرى بسهولة أكبر. وإن كان ينتابه الرعب ما أن يظهر مهرج على شاشة التلفاز، ارسم وجه مهرج على ورقة ثم دعه يمزقها ويرميها في سلة المهملات، أو ارسم هذا الوجه على بالون منفوخ ثم اوخزه بإبرة ليفرقع. ويقول الاختصاصيون أيضا أن تلقين الأطفال آليات التأقلم مع أفكارهم أولا ومع محيطهم ثانيا يقوي ثقتهم بأنفسهم ويمنحهم مرونة عاطفية توقف مخاوفهم وتمنعها من التطور. هنا يلعب الوالدان دورا حساسا جدا في هذه المسألة، إذ عليهما التنبه إلى الخوف الذي يسيطر على تصرفات طفلهما وأخذها على محمل الجد، ولو كان صادرا من الخيال أو منسوجا حول شخصية خيالية، وإلا عششت مخاوفه في نفسه وأضعفت إيمانه بقدراته العقلية في المستقبل. ولذلك يحضهما علماء النفس على لفت نظر الطفل إلى ما هو حقيقي، وتمييزه عما هو خيالي، شرط أن ينظرا إلى الأمر من وجهة نظر الطفل نفسه أولا، ليشددا بعد ذلك على التزام جانب الحقيقة. وبعد حين سيكتسب الولد قدرة على التمييز بين الواقعي والخيالي من تلقاء نفسه، فيرمي الخوف المفرط خلفه منطلقا في الحياة شجاعا. مجلة لها |
||
Powered By Syria-news IT |