لطالما حذر الرئيس ترامبعندما كان مرشحاً
للرئاسة الأمريكية من التورط في الحروب الخارجية ، ولا سيما في سورية. لكنه الآن
وبعد سنة من رئاستهيضيف سورية إلى قائمة الحروب المفتوحة والتي تضم أفغانستان
والعراق.
ونحن نعرف خطة الرئيس ترامب حول سورية ليس فقط لأنه طلب تفويض من الكونغرس
لاستمراروتمويل وجود القوات الأمريكية في سورية. بل لأن وزير الخارجية تيلرسون قد
أوضحذلك في كلمة ألقاها يوم الأربعاء الماضي في مؤسسة هوفر في جامعة ستانفوردقال
فيها "إن الولايات المتحدة ستحافظ على وجود عسكري دائم في سوريةيركز على ضمان عدم
ظهور داعش من جديد ، مهمتنا العسكرية هناك ستبقى قائمة حسب متطلبات الظروف الجارية
". وبعبارة أخرى، بدون وجود أي تاريخ محددلنهايتها أو معايير عامة لنجاحها يتم على
إثرها إنهاء المهمة والانسحاب .
وفي الشهر الماضي، كان عديد القوة في سورية نحو
ألفي جندي أمريكي ، مقارنة بخمسمائة جندي في العام الماضي، وهم مزيج من الوحدات
الهندسية ووحدات العمليات الخاصة التي تقاتل وتقوم في نفس الوقت بتدريب المجموعات
المحلية للقتال ضد داعش . الآن وبعد أن علمنا بأن هؤلاء الجنود سوف يكونوا هناك إلى
أجل غير مسمى، من الذي يستطيع أن يقول أن عديد هذه القوة لن يزداد ،أو أن نطاق
مهمتها لن يتوسع أكثر من ذلك؟
ويُمكن القول أن الوضع الراهن في سوريةيُشكل مشكلة معقدة بلا شك. غير أن هذه الخطة
تبدو ضعيفة، وتعتمد أيضاً على عمل عسكريتدفعه أمنيات غير واقعية .
لقد بدأت الولايات المتحدة حملة عسكرية فيسورية لمواجهة داعش التي اجتاحت مناطق
شاسعة في سورية والعراق في عام 2014.وحررت هذه الحملةأكثر من 98 في المئة من
الأراضي التي كانت تسيطر عليها داعش سابقاً، كما حررت 7،5 مليون شخص كانوا تحت
حكمها الوحشي.
وقال ديفيد ساترفيلد، وهو مسؤول رفيع المستوى بوزارة الخارجية، أمام لجنة بمجلس
الشيوخ في الأسبوع الماضي أنه رغم هذا التقدم الكبير، فإن داعش والقاعدة لا يزالان
يُشكلان تهديداً كبيراً. وتقول الإدارة الحالية أنها تريد تجنب ما تعتبره أخطاء
ارتكبتها الإدارة السابقة عندما سحبتالقوات الأمريكية من العراق بشكل مبكر فقط
لرؤية المتطرفين يعاودون الظهور، وعندما فشلت مع الحلفاء الأوروبيين في تحقيق
الاستقرار في ليبيا بعد أن أدت الغارات الجوية التي شنها حلف الناتو إلى الإطاحة
بالقذافي.
لكن الأهداف المرجوة في سوريةكبيرة وقد تكون غير قابلة للتحقيق، مما سيترك القوات
الأمريكية هناك إلى الأبد. وكما ذكر وزير الخارجية تيلرسون، تعتزم الإدارة أن تلحق
بتنظيمي "داعش" و"القاعدة" هزيمة ساحقة ، والعمل على ألا تعود سورية ملاذاً
للإرهابيين مرة اخرى. كما تتضمن خطة الادارةإيجاد حل للحرب الأهلية السورية من خلال
عملية سياسية تفضي إلى استقرار البلاد مع رحيل الحكومة الحالية .
إن التوصل إلى اتفاق سياسي شامل يُنهي الحرب بين الحكومة السورية والمعارضة أمر
حاسم. وهو أيضاً ما حاوله الرئيس أوباما وفشل في تحقيقه، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى
مقاومة الحكومة السورية وإلى الروس والإيرانيين اللذان مكناها من تحقيق ذلك. ومن
الصعب علينا أن نرى الآن ما الذي سيتغير في المرحلة القادمة .
لقد دعا وزير الخارجية تيلرسون إلى بذل المزيد من الجهود الدبلوماسية، ولكنه يريد
من الأمم المتحدةأن تقود هذه الجهود وليس الولايات المتحدة . وهو يأمل في منع إيران
،التي ساعدت قواتها في إنقاذ الحكومة السورية التي كانت محاصرة، من تثبيت موطئ قدم
لها في سورية وتهديد إسرائيل ودول أخرى. هزيمة داعش كانت الأولوية. ولكنه أشار إلى
أن الإدارة تهدف الآن أيضاًإلى ضمان تراجع نفوذ إيران في المنطقة.
وليس هناك شك في أنه يتعين على الولايات المتحدة العمل على كبح أنشطةإيران الشريرة.
لكن وزير الخارجية تيلرسون كان يتحدث عن خطة تشير إلى وجود رغبة قوية في مواجهة
إيران، وربما حتى عسكرياً.وهو أمر يدعو إلى القلق الشديد .
وترسل الإدارة حالياًرسائل مختلطة عبر تقارير تفيد بأنهاتستخدم ألفي جندي لتدريب
حلفائها الأكراد في الحملة العسكريةالمناهضة لتنظيم داعش، وهؤلاء المقاتلون الأكراد
المتمركزون في شمال سوريةسيشكلون غالبية قوام قوة الحدود المقرر أن يبلغ عديدها 30
ألف فرد وتكون مهمتها حماية الجيب الكردي شبه المستقل الناشئ. وقد هددت تركيا، التي
تعتبر الاكراد أعداء ، بالهجوم عبر الحدود. وكل هذا يُثير احتمالاً قاتماً بأن
تشتبك القوات الأمريكية هناك مع القوات التركية الدولة الحليفة في الناتو .
وفي الأسبوع الماضي ، سأل السيناتور الديموقراطي توم أودال السيد ساترفيلد،"كيف
يُمكن أن لا تتحول هذه المهمة إلى حرب مفتوحة لا نهاية لها؟" فجاء جوابه مبهماً مع
بعض العبارات السياسية الطنانة. نحن نعتقد أن الشعب الأمريكي يستحق إجابة حقيقية.
صحيفة نيويورك تايمز . السبت 20-1-2018.
الرابط ـ
https://www.nytimes.com/2018/01/19/opinion/editorials/syria-war-trump.html?action=click&pgtype=Homepage&clickSour