بعد عدة أسابيع من تحرير مدينة حلب على يد الجيش
السوري ودعم حلفاؤه أخذ سكان حلب يستوعبون أكثر فأكثر حجم الدمار الذي خلفته هذه
الحرب لما تتميز به هذه المدينة من خصائص إجتماعية وإقتصادية وتاريخية وثقافية،
وكانت مواجهة آثار الحرب هي التحدي الأبرز للسكان، إذ لا تزال أعمال الترميم
للمدارس في حلب قائمة على قدم وساق، منها ما اكتمل ترميمه ومنها ما يتم إكماله،
وعادت مدارس حلب تكتسوا بحلة جديدة، بعد أن دمرتها الحرب، عن معلمون سوريون لا
يساومون لحظة، على قدسية مهنتهم ودورهم في صناعة المستقبل.
الآباء والأمهات يشكرون من أعاد الإبتسامة على
وجوه أبنائهم بعد سنوات بائسة من الحرب والمعاناة، إذ إعتبروا إنجازات وزارة
التربية معجزة بكل المقاييس، فبعد تعرض المدارس لأكثر من أربعة آلاف اعتداء منذ
بداية الحرب عام 2011م، عادت الامتحانات الفصلية إلى أحياء شرق حلب بافتتاح 3 مدارس
جديدة يمكنها استيعاب 500 تلميذ، وإنطلاقاً من ذلك فإن الخطة التي تعمل وزارة
التربية لإستكمالها في المدى المنظور تشمل 17 مدرسة بقدرة إستيعابية تصل إلى 8000
تلميذ، وأكد مدير التربية في حلب في تصريح لمراسل سانا أن 3825 تلميذا وتلميذة من
مرحلة التعليم الأساسي عادوا إلى مقاعد الدراسة في عدد من الأحياء الشرقية، ولفت
إلى أن عمليات إعادة التأهيل للمدارس مستمرة مع مراعاة التوزع السكاني وكثافته في
هذه الأحياء مؤكداً أنه تم تأهيل 17 مدرسة حتى الآن والعمل جار حالياً لتأهيل ست
مدارس أخرى، ويعد هذا الإنجاز من أهم التطورات التي إستجدت في الأزمة السورية خاصة
مع التقارير المخيفة عن تدهور التعليم وتدني قدرة المدارس على استيعاب الطلاب، ما
يهدد بكارثة تعليمية في بلد بحاجة ماسة لجيل مؤهل قادر على إعادة ما دمرته الحرب.
رغم كل ما سبق من معارك عادت اليوم المدارس في حلب لتفتح أبوابها، وتستقبل الطلاب
بكافة المستويات، غير مكترثة بالتحديات والعقبات التي تقف في طريقها، فخروج عدد
كبير من المدارس عن الخدمة، إضافة إلى تضرر عدد آخر، يعد من أكبر التحديات التي
تواجه الوزارة، والتي تداركت جزء من هذا الأمر عبر إعادة تأهيل بعض المدارس، وتقديم
تسهيلات كبيرة للطلاب فيما يتعلق بالكتب والقرطاسية واللباس المدرسي، فيما تسعى
وزارة التربية جاهدة وبما تملك من إمكانيات لإستكمال مستلزمات العملية التربوية
والتعليمية، فضلاً عن تعزيز التشاركية مع المنظمات الأهلية والكوادر والكفاءات
المختصة للارتقاء أكثر بالمناهج والخطط السنوية وإعادة تأهيل المدارس التي طالتها
أيادي المسلحين.
في هذا السياق إن الإيمان السوري الراسخ بأهمية التعليم، لم يكن يوماً مجرد شعار،
أو مبادرة نظرية، وإنما تمت ترجمته إلى حقائق على أرض الواقع التعليمي، لقد اختارت
سورية، التعليم والارتقاء به، أساساً لخطتها الطموح، نحو التقدم، ومرتكزا أساسيا
لرؤيتها المستقبلية، فالتعليم هو مفتاح المستقبل، والنهوض به وتطويره، هو أساس
الانطلاق نحو آفاق أفضل للوطن وأبنائه، وإنطلاقاً من ذلك رغم كل ما تعرض له قطاع
التربية من تخريب وإستهداف للمدارس إلا أن إرادة الحياة لدى التلاميذ والمعلمين
أقوى من أي إرهاب، فإرادة الطلاب تأبى اليأس أمام التحديات التي تواجه وطنهم،فهم
يتوجهون إلى مدارسهم حاملين مشاعل الأمل ويحدوهم الكثير من التفاؤل بقادم أفضل يحمل
الخير والأمل لوطنهم الكبير "سورية".
مجملاً.....لم تفلح كل محاولات وتهديدات الإرهابيين في منع طلاب المدارس من
الاستمرار في الدراسة رغم صعوبة ظروف الكثيرين، فالتصميم على متابعة التعليم من قبل
الطلاب وأهلهم ينم عن حرص الجميع الى المضي بحياتهم بشكل طبيعي للتأكيد على ان
سورية ستعود بهمة وجهود ابنائها افضل مكان في العالم،و بإختصار شديد ...إن طلاب
سورية يؤكدون من جديد أنهم ماضون ومستمرون بحياتهم وبتعليمهم وكلهم ثقة بخروج سورية
من أزمتها، فهم الأمل الواعد والمشرق لها وبهم تزدهر وتعمر من جديد، لذلك فإن قطاع
التعليم في هذا البلد الذي أنهكته الحرب يحاول كل مرة أن ينفض عنه غبار الصراعات
المسلحة وينبض بالحياة من جديد ويتحدى الدمار ويعود إلى نشاطه وحيويته رغم المشاكل
والصعوبات التي تواجه، هكذا، هو الإنسان السوري كطائر الفينيق كلما كبى يعود واقفاً
على قدميه لينشر المحبة والوئام والسلام، فالعلم هو الذي يبني الحضارة ونحن
صانعوها.