أعتبر مفتي عام السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ زواج القاصرات دون سن الـ 15 عامَاً جائز ولا شيء فيه !!... هكذا هو الخبر الذي تناقلته بعض وسائل الإعلام ، دون أن نسمع نفيا لذلك ، أو إدانةً لذلك من طرف مؤسسات دينية إسلامية ملتزمة بأصول الإسلام ..
طبعاً لا نتوقع من الأزهر الشريف أن يُناقض هذه
الفتوى بإعلان علني وصريح في هذه الظروف التي باتتْ فيها مصر الشقيقة مُلحقَة
بالمملكة في سياساتها ومواقفها ، وبعد أن أصبح الدِين كلّهُ سياسة ، ففسَد الدين
وفسَدتْ السياسة ...ولا نتوقّعُ أن يقوم السناتور الأمريكي الصهيوني (جون ماكين)
الحامل ليافطة حقوق الإنسان ، ومن بينها حقوق الطفل، في استنكار هذه الخطوة ، بعدَ
أن قدّم كل الشكر والتقدير للسعودية على تجاوبها مع واشنطن وتخفيض أسعار النفط لضرب
الاقتصاد الروسي والسعي لانهياره !! حتى لو أدّى ذلك إلى خسائر بمئات المليارات
لبُلدان الخليج النفطية ، فكل شيء يهون (كرمى لعيون واشنطن) وحلفائها من (أحفاد
القِردة والخنازير) !!...
في العالم المتقدّم ، وليس البُلدان ، المتخّلفة حتى الثمالة ، هذا الأمر يُعتبَرُ
(اغتصابا) ، للأطفال !!. في تلك البُلدان يُمنعُ تشغيل الأطفال بهذا السن لأنه
استغلال لهم ، واستخدامٌ يُحاسبُ عليه القانون ..!!. في هذا السن يوفِرون للطفل كل
مستلزمات الحياة التي تناسبُ عمره ووعيه وعقلهُ من كتب وأفلام وقصص ووسائل لعب
وتسلية ، ويستجيبون لطلباته في الملبس والمأكل والمشوار .. ويُشرفون عليه ويوجّهونه
في الطريق الصحيح ، وهكذا ينمو ويكبر بلا عُقدٍ وتعقيدٍ ، ويُصبحُ مستقبلا من
المُبدعين في وطنهِ ، وفي مجال تخصّصه !!..
لا أدري إن كان هناك دستورٌ في العالم يسمح بزواج الفتيات بعمر الـ 15 وأصغر !! بل
إن كان يسمح بتشغيل الأولاد في هذا السن !! طبعا هم يعملون في هذا السن وأصغر من
هذا السن في بُلدانٍ عديدة (وأصبحوا يحملون البندقية أيضا) ولكن هل هناك من يجرؤ
على تشريع ذلك في دستوره ؟؟ لا أحد ، لأنه سيصبح هدفا لكل منظمات الطفولة وحقوق
الإنسان...
أما في بلدانٍ لا تحترم حقوق الكبار ، فكيف
لها أن تحترم حقوق الطفل ؟!! البلدان العربية موقِعة على اتفاقية حقوق الطفل
الأممية التي نصّتْ على أن الطفل هو مَنْ كان دون 18 عاماً ... وقد اعتمدتها
الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها 44/25 المؤرخ في20 تشرين الثاني 1989 ، وبدءَ
العمل بها منذ 2 أيلول 1990 ....
وتُعتَبر منظمة اليونيسف هي المسئول عن حماية حقوق الأطفال ومساندتهم ومساعدتهم في
تلبية احتياجاتهم الأساسية وتوسيع الفرص المتاحة لهم لبلوغ الحد الأقصى من طاقاتهم
وقدراتهم... وتسترشد اليونيسف بتنفيذها لهذه المهمة بنصوص ومبادئ اتفاقية حقوق
الطفل.. وتتضمن الاتفاقية 54 مادة، وبروتوكولان اختياريان ... وهي توضّح بطريقة لا
لَبْسَ فيها حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الأطفال في أي مكان -
ودون تمييز، وهذه الحقوق هي: حق الطفل في البقاء، والتطور والنمو إلى أقصى حد،
والحماية من التأثيرات المُضرِّة، وسوء المعاملة والاستغلال، والمشاركة الكاملة في
الأسرة، وفي الحياة الثقافية والاجتماعية.....
وكل حق من الحقوق التي تنصّ عليه الاتفاقية ، يتلازم بطبيعته مع الكرامة الإنسانية
للطفل وتطويره وتنميته المنسجمة معها .......
وتحمي الاتفاقية حقوق الأطفال عن طريق وضع المعايير الخاصة بالرعاية الصحية
والتعليم والخدمات الاجتماعية والمدنية والقانونية المتعلقة بالطفل .....
وإن موافقة الحكومات الوطنية على الالتزام (بتصديق هذا الصك أو الانضمام إليه)،
فإنما هو بحد ذاته التزامٌ بحماية وضمان حقوق الأطفال، والموافقة على تحمُّل
مسؤولية هذا الالتزام أمام المجتمع الدولي...
وتُلزِم الاتفاقية الدول الأطراف بتطوير وتنفيذ جميع إجراءاتها وسياساتها على ضوء
المصالح المُثلى للطفل ... وها هو مفتي السعودية (يُطبِّق) هذا الالتزام .....
انضمت السعودية رسميا لهذه الاتفاقية عام 1996 ... وسجّلت تحفُّظا مكتوبا جاء فيه
:(لن تلتزم السعودية بكل ما يتعارض في الاتفاقية مع القوانين الإسلامية) !!.. وكانت
إيران قد انضمّت قبلها بسنتين للاتفاقية ، أي عام 1994 ، وسجّلت تحفّظا جاء فيه: (
في حالة تعارضت نصوص الاتفاقية مع القوانين المحلية أو المعايير الإسلامية، فإن
الحكومة الإيرانية لن تلتزم بما ورد في الاتفاقية ).. ومن الواضح أن تحفُّظ
السعودية جاء مشابها لنظيره الإيراني !!...
وعند مراجعة اللجنة لمعاملة الأطفال في السعودية عام 2005 أدانت بشدة قيام السعودية
بتنفيذ حكم الإعدام على من هم دون الثامنة عشرة، واعتبرت تلك الممارسات ( انتهاكا
خطيرا للحقوق الأساسية للطفل...) ... فهل ستقومُ اللجنة لاحقا بإدانة هذه الفتوى
التي أصدرها مفتي السعودية ؟!.. أم أنها لا تتعارض مع (قوانين) الإسلام ؟؟.
ولا أدري من أين جاءت كلمة (قوانين) وإن كانت
هذه الكلمة معروفة في التاريخ الإسلامي وبرلماناته الديمقراطية المُنتخَبة بشكل حرٍّ
ونزيه وبإشراف مؤسسة كارتر ومبعوثي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمنظمات غير
الحكومية المعنية بحقوق الإنسان والديمقراطية !!..
هكذا تكون (تشريعات) الدول التي تُريدُ حُكمَ (الشريعة الإسلامية) .. يُحدِّدُ هذه
التشريعات (والقوانين) مجموعة مما يُسمّى (مشايخ ) محدودي العقل والتفكير ، ولا
يقبلون بأقل من كلمة (عُلماء) ، حينما يتمُّ ذكرهم !! وكأنهم هم من اخترعوا الذرّة
واكتشفوا قانون الجاذبية وكُروية الأرض ودورانها حول الشمس، ويقومون كل يوم بالبحوث
العلمية لإتحاف البشرية باكتشاف جديد واختراع جديد ودواء جديد ولُقاح جديد (يُشفي
أمراضهم العقلية والنفسية)، كما الإنترنت والموبايل والفضائيات .، وأدوية الأوبئة
والأمراض الخطيرة وغير الخطيرة... عُلماء ؟؟ بماذا ؟؟ .. بتشريع نكاح المرأة
المتوفاة (طازا) ... أو إرضاع الكبير ، أو تحريم مشاهدة توم وجيري
أو الاكتشاف التاريخي العظيم الذي قَلَبَ
مسيرة الإنسانية من أن صوت المرأة عورة ، وأنها تُبطِل الوضوء حتى لو كانت (ضريرة)
وعمرها ثمانون عاما ، بحسب ما سمعتهُ من أحد المشايخ عندما كان يُلقي خطبة في جامع
النادي السياحي في أبو ظبي في إحدى ليالي (رمضان الكريم) حيث يتوافد المشايخ من كل
حدب وصوب للإمارات ( للترزُّق) في هذا الشهر الكريم بدعوة من وزارة الأوقاف
الإماراتية !!.. (وطَعمِي التم بتستحي العين ) !!... والمجال لا يتّسع لسرد
الاختراعات والاكتشافات من طرف (عُلماء) المسلمين !!.. مع احترامي الشديد لكل شيخ
مُحترم ، وهم كثيرون ...
هل تعرفون اليوم سبب تخلّف وجهل هذه الأمة ، وحضارة وتقدّم الغرب ؟؟ إنهُ بسبب هكذا
((عُلماء)) ومن يُصغي إليهم ويتبع أهوائهم وأقوالهم وكأنهم لا ينطقون عن هوى أبدا
أو كأنّ بين أيديهم سر السموات والأرض ، كما يتوّهمون ، والعارفون بكل شيء !!
والمصيبة أن مئات الملايين أسرى لهكذا عقول!! .
نعم هكذا (عقول) لن ينتُجَ عنها أخيرا سوى القاعدة والطالبان وداعش والنصرة وبوكو
حرام ، لأن كثرة حشو العقول بثقافة الجهل والتخلف والتعصُّب والكراهية سِنين بعد
سنين ، منذ الصِغر وحتى الكِبر لن ينجم عنهُ مُخترِعو إنترنت ولا هاتف نقّال ،ولا
مُكتشِفي دواء ولُقاح ، وإنما مجاهدي ومجاهدات نكاح ، مَرضى ، وشواذ ، وإن فتحتَ
رؤوسهم لن تجد إلا داعرٍ وداعرةٍ يتقلّبان فوق بعض كما تتقلّب الأفاعي في المياه
أوقات الربيع !!.. ولذلك أصبحتْ الهوّة بين العرب والغرب أبعد من مسافة ألف سنة ،
وبفضل داعش وأخواتها وأقاربها وسلسلة العائلة (الكريمة)، وشيوخ الفتاوى المرضى
والشواذ ، والمهووسين بالمرأة والجنس ، ستصبح ثلاثة ألاف سنة !!.
https://www.facebook.com/you.write.syrianews