في هذا الزمن الذي اختلط فيه الحابل بالنابل،
وبات اللص والفاسد والجاهل والأحمق والتافه والسارق والجبان والفاقد للكرامة
والرجولة، والمتملق والمنافق والوضيع ووو، يمنح لنفسه الحق بتوزيع الوطنيات على
أشرف وأنبل أبناء الوطن، فمن الضروري جدا وضعُ مادّة في أي دستور سوري قادم لتعريف
الوطني وغير الوطني، ثم يعود كل واحد للدستور حينما يعطي الحق لنفسه بتقييم الآخرين
ويرى على من ينطبق كلامه وعلى من لا ينطبق.
قضايا الأوطان يجب التعامُل معها بمنتهى الشفافية والوضوح وليس بالتسَتُّر
والتجاهُلِ واللامبالاة والتعتيم وقلبِ الأمور، فهذه قضايا أوطان وليست قضايا شخصية
للتستّر والتكتُّم عليها.. قضايا الأوطان تتطلبُ من كل وطني غيور أن يقول للأعور
بعينهِ أنتَ أعور ولا تأخذهُ بقولِ كلمة الحق لومة لائم .. فالإنسان حُرّا في ترتيبِ
بيتهِ كيفما يشاء واين يضع هذه الأريكة أو الكَنَبة أو تلك الطاولة، وحُرّا ماذا
يزرع في مزرعتهِ، باذنجان أم بندورة أم بامياء أم بصل وفِجل أم نعنع وبقدونس، ولكنه
ليس حُرّا أن يفعل في الوطن وفي مؤسسات الدولة ما يشاء لأنّ الوطن ليس لهُ لِوحدهِ
وإنما لكل أبنائهِ وللجميع الحق في أن تكون لهُم آراء وأن تُحترم تلك الآراء..
أكثر ما يُمكِن أن يُثير حساسيتك أولئك
المسؤولون الذين شغلوا مواقع ليست لهم بِحكمِ المحسوبيات والتبَنِّي والمحاصصات
الطائفية والدينية والمذهبية والجغرافية، أو بِحُكم الانبطاح والانتهازية والنفسيات
الصغيرة المتملقّة، وصدّقوا أنفسهم أنهم باتوا (معادلات) مهمة بالوطن، وهُم لا شيئا
لو كان هناك في الوطن منطق وموضوعية، ونظام برلماني وانتخابات تعددية وحرة ونزيهه،
أو حتى لو كانت هناك دولة قانون ومؤسسات وعدالة ومعايير وتكافؤ فرص، بعيدا عن ثقافة
المزارِع والواسطات والدَعم والمحسوبيات والقرابات، أو حتى لو كانت هناك ديمقراطية
وانتخابات حرّة ونزيهة داخل حزب البعث ذاتهِ من القاعدة وحتى القمّة (بدلا من نهج
التعيين الذي شلَّ الحزب ويأتي للمواقع القيادية الحزبية بأشخاصٍ مفروضين فرضا على
القواعد، وعلى أُسُسٍ غير صحية يعرفها الجميع)، ولَكانَ الغالبية العظمى ممن يشغلون
المناصب ومواقع السُلطة اليوم غير معروفين، وكان هناك بديلا عنهم مَن هُم أحق وأكفأ
باضعاف المرات..
لقد بتنا فعليا في سورية بحاجة لأن نتّفق حول مفاهيم كثيرة وهامة في الوطن ولا يخرج
علينا وجهٌ كل يوم ليلقي محاضرات بالناس الذين بينهم من هُم من اساتذته، وبينهم من
لا يصلح ذاك الوجه سوى تلميذا عندهم، أو نقطة في بحر وطنيتهم.. الجميع يمكنهم إلقاء
المحاضرات والنصائح والمواعيظ وإلقاء التهم ضد بعض ووو الخ.. ولكن دعونا نتفق أولا
على بعض المصطلحات وعلى مفهومها .. فماذا تعني (الشخصية الوطنية المهمة، أو القامة
الوطنية، أو الشخصية المشهورة وذات القيمة في المجتمع)؟. وماذا يعني مُصطلح
(الوطنية) على سبيل المثال؟..
لا أريد تعريفا أكاديميا ولا سياسيا ولا لُغويا ولا عاطفيا على مقاس هذا وذاك، ولا
انفعاليا، ولا غير ذلك للوطنية (فكل هذا نعرفهُ جيدا) ولكن أريد مقارنات بين
الممارسات والأفعال على أرض الواقع، من جهة، وبين مفهوم الوطنية من جهةٍ أخرى..
يعني بين ممارسة الفِعل الوطني أو غير الوطني وبين الوطنية!. يعني بين الأقوال وبين
الافعال والتطبيق..
فهل من يستلِم منصبا ويستغل منصبه ونفوذه من أجل الثراء وجمع الثروات منطلِقا من
قاعدة (هبّت رياحك فاغتنمها)، هل هذا يمكن تصنيفه بالوطني، حتى لو تحدّث أو تشدّق
ليلا ونهارا بِحبِ الوطن؟.
هل من جمَع الثروات الهائلة والأموال بفضلِ السُلطة والنفوذ وعلى حساب الشعب والوطن
هو وأولاده، ووظّفها بالاستثمارات في الخارج، هل هذا يمكن أن يُوصَف بالوطنية؟.
هل من يستلم منصبا وتحكِم ممارساته الأمزجة ومستوى الدّعم والمحسوبيات، والواسطات،
ويحابي أبناء مدينته وأهله وأقاربه وأصحابه ووكلائه وزبانيته(على حساب الأكفأ
والأحق)، ويدعس على كل مفاهيم العمل المؤسساتي من تراتبية وأقدمية، وخبرة ومؤهلات
علمية ولغوية، هل يُمكن تصنيفه بالوطني مهما تشدّق بالوطنية؟.
هل من يستلم منصبا ويُسنِد لِسائق لا يحمل أي مؤهّلٍ علمي، صلاحيات لا يمتلكها
كِبار معاونيه، ومستهترا بكل كوادر وزارتهِ، هل يمكن تصنيفه بالوطني؟.
هل المسئول الذي يمارس الفساد والإفساد، والرشوة، أو المسئول الذي يسكتُ عن كل ذلك،
هل يمكن تصنيفه بالوطني؟. ألَم يدخل السجون وزراء بسبب فسادهِم ورشاهم؟. وألَم ينفد
من السجون وزراء ومسئولين، لأنهم كانوا مدعومين وتمّ التغاضي عنهم؟. لو تمّ تطبيق
الشعار الذي طالبتْ بهِ الناس كثيرا: (من أين لك هذا؟. ) منذ 45 سنة وحتى اليوم،
فكم واحدٍ ممن تبوّأوا المناصب ومواقع النفوذ والسُلطة كانَ سيتمُّ تصنيفهم
بالوطنيين؟!.
هل من يصنعُ لِوزارتهِ مرسوما عنصريا (ويحظى بالموافقة عليه) ويُميِّز بين كوادر
الوزارة الواحدة، بل بين أبناء الدورة الواحدة، على أساس هذا مواطن درجة أولى ومِن
حقهِ أن يحمل لقَبَا يؤهِّله للبقاء حتى السبعين عاما في المناصب، وحتى بعد السبعين
عاما إلى ما لا نهاية بِموجبِ عقْدٍ إن كان مدعوما زيادة، وآخرين درجة عاشرة يجب أن
يُصرَفوا على عُمر الستين بغض النظر عن خبراتهم ومؤهلاتهم ووطنيتهم ونظافة يدهم
(وبينهم من قد يكون أكفأ من رأس وزارته)، هل هذا يمكن أن يوصف بالوطني؟.
هل المسئول أو الوزير الذي لا يضع الإنسان المناسب في المكان المناسب ويكون معياره
للإختيار لِمواقع المسئولية مدى الولاء الشخصي لهُ، وليس مدى الولاء للوطن، هل هذا
يمكن تصنيفه بالوطني؟.
هل مَن لا يلتزم بالقانون حينما يتعلق الأمر بهِ وبأولاده وأقاربهِ، ويلجأ
للإستثناءات، كي يخدم أولاده ومصالحه، ويُسنِد المناصب للأقارب والمُقرّبين فقط
لأنهم أقارب ومُقرّبين وكأن غيرهم غرباء في الوطن، هل هذا يمارس الفِعل الوطني؟.
لقد قرأنا في الكتُب والإعلام عن جاسوس (سوفييتي) وظّفتهُ المخابرات الأمريكية
عميلا، وكان يشغل منصب وزير الخدمة الوطنية.. وبعد اكتشاف أمرهِ سأله ضابط
المخابرات الذي كان يتابعُهُ، ما هي الخدمات التي أدّيتها لِمُشغِّليك؟. فأجاب
الجاسوس : كنتُ لا أضعُ الشخص المناسب في المكان المناسب، وأشجِّعُ على ترقية
الهزيلين والجبناء، ومحدودي المؤهلات العلمية، وأقوم بالدعاية الإعلامية لهم،
وأحُولُ دون صعود الكفاءات والشخصيات التي تتمتع بالفهم والمؤهلات وقوة الشخصية
ولديها المقدرة على المبادرة وتحمُّل المسئولية واتخاذ القرار والتطوير، وأعتمدُ
على الجبناء، (يعني على من ليسوا بالعير ولا بالنفير، لا بيهشُّوا ولا بينشُّوا،
كما يقولون بالعامية) ... الخ..
إذاً هكذا كان دور الجاسوس السوفييتي.. فإن كنا سنأخذ بسوء النية ممارسات البعض في
بلدنا على مدى عدة عقود وحتى اليوم، فكم جاسوس، وكم عميل وكم خائن سوف يتبين أنه
كان لدينا؟!.
سأكتفي فقط بطرحِ تلك التساؤلات لأن كل ما أصاب الوطن من مصائبٍ ومآسٍ، وكل ما أصاب
الدولة ومؤسساتها من عجزٍ وضعفٍ وترهُّلٍ وفساد وتخلّف، كان بسبب تلك العوامل
المُشار إليها، وهذا ما انعكس على الغالبية الساحقة من أبناء الوطن فقرا وبؤسا
وظلما وقهرا وتفاوتا طبقيا غير موصوف.. وإن كانت هناك من مؤامرة على الوطن، فإنّ من
مارسوا تلك الممارسات كانوا أوّل وأكبر المتآمرين(دون أن يدركون أو يقصدون) وهُم من
فتحوا الأبواب لدخول المؤامرة لاحقا من خلال سلوكياتهم وأفعالهم وممارساتهم التي لا
تمتُّ لمفهوم الوطنية بمثقال ذرة، والتي كانت أكبر دافعٍ ومُحرِّضٍ للبشر للاندفاع
إلى الشوارع بعد أن فاض الكيل للنهاية!.. أولئك وضعوا سورية على فوهة بركان منذ
عقودٍ وليس منذ سنينٍ وكانَ مُتوقّعا أن ينفجر بأية لحظة، وكنا نتوقعه بأية لحظة.
فقد أسكرتهم نشوة السُلطة والنفوذ والجاه والمال والسيارات وحياة الترف، واعتقدوا
أن الوطن لهم وحدهم، فلم يكونوا لِيروا أبعد من مناخيرهم المرفوعة على أبناء الوطن
المساكين، وأعمى المال والسُلطة لديهم البصر والبصيرة.
من جديد سأنقل من كلام الأستاذ فاروق الشرع نقلا عن الرئيس حافظ الأسد في مذكراتهِ
" الرواية المفقودة " أنه حينما كان يتمُّ التعرّض للفساد كان الرئيس يقول: ( أن
القيادة السابقة " يعني قبل عام 1970" على الرغم من حماقة بعض أعضائها ويساريتهم
الطفولية أكثر نظافة من القيادة التي جاءت بعد الحركة التصحيحية.. ص42 )..
يقول أحد أعضاء مجلس الشعب السوري (من مدينة حلبْ) في حلقة الاتجاه المعاكس يوم
20/12/2016 عن المسئولين في الدولة السورية: ( هناك الحاقد وهناك الفاسد وهناك
الموتور في الدولة وفي النظام .. ) ..
والسؤال: هل الفاسدون وطنيون؟. أم أن الوطنية وجهة نظر، كما العَمَالة والخيانة لدى
البعض؟. وماذا فعلوا لكل أولئك الفاسدون؟. وأليسَ هؤلاء الحاقدون والفاسدون
والموتورون، ومن خلال مناصبهم، هُم من قيّموا، سابقا ولاحقا، أنبل أبناء الوطن
وأكثرهم وطنية، ويمنحونهم شهادات (حسن سلوك)؟. ماذا يعني ذلك؟. إنه يعني ببساطة أن
غير الوطني هو من قيَّم في بلدنا الوطني، وهذا أمرٌ في غاية الخطورة والضرر على
الوطن، ومصالح الوطن.. وكم أدّى، ويؤدي هذا إلى تخريب في الدولة حينما أولئك
الفاسدون الموتورون (الذين تحدّث عنهم عضو مجلس الشعب) يكونون في مواقع المسئولية
والقرار؟.. وهل اطّلع ذاك العضو المحترم في مجلس الشعب (الذي تحدّث عن الحاقدين
والفاسدين والموتورين بالدولة) على الشكاوى التي أرسلتُها شخصيا إلى المجلس
بالماضي؟. ماذ حصلْ ؟. لا شيئا !.. لماذا؟. لأن هناك محاصاصت في الدولة طائفية
ودينية وجغرافية، وهناك حذرٌ من محاسبة أي مسئول ينتمي لهذه الطائفة أو هذه
المدينة، حتى لا يُقال: هل هذا لِوحدهِ هو السيئ؟. ما شافوا غيرو؟. ثم تأخذ الأمور
تفسيرات أخرى!. ولذا الكل يسكت عن الكل، حتى يقع شخصا ضعيفا مغمورا من عامّة الناس،
يكون قد ارتشى بخمسمائة ليرة (يعني بِدولار واحد) فيتم القبض عليه وتحميله مسئولية
كل فساد البلد!.. أو حتى يحين وقت امتصاص الغضب الشعبي من الفساد فيدفع الثمن أحد
الفاسدين من المسئولين دون غيرهِ لأنه قد يكون الحلقة الأضعف، ويُضَحّى بهِ كَكبشٍ
فداء!.
ما زال البعض يستخفون بعقول أبناء هذا الوطن.. ويطرحون طروحات ، ويطلقون تصريحات،
لا تنزل بِكفٍّ ولا بِفنجان، وكأنه لا يكفي الشعب السوري كل المصائب والمآسي التي
لم تترك بيتاً في سورية (باستثناء بيوت المسئولين والتجار وأصحاب رؤوس الأموال
والمتنفذين) إلا ولبِس أهلها اللون الأسود حِدادا على فلذات أكبادهم (وليس لِحضور
المناسبات والسهرات والدعوات للأعراس المُترَفة والفاخرة في ميريديان اللاذقية، على
مقرُبة من أهل السواد، دون أدنى مراعاة لمشاعرهم)!.. الجميع يعلم أنه لم يتواجد ابن
مسئول واحد على خطٍّ من خطوط القتال أو في مكانٍ قد يتعرض فيه للخطر، هذا إن تواجدَ
أصلا في سورية!.. وحتى إن تواجد والتحق بالخدمة العسكرية كي يُزايد أهله على الناس،
فأين يخدم؟. هل على خطوط النار وفي أبواز المدافِع؟. أكيد كلا، ومعروف حينها أين
يخدم!..
نحن في سورية بحاجة لأن نضع مادة في أي دستور مستقبلي تتحدثُ عن (الممارسة الوطنية)
وليس فقط تعريف كلمة (وطنية)، حتى لا يخرج علينا في أي زمنٍ لص ومرتكِب وفاسد
ومرتشٍ ومُزوِر ومُهرِّب وشخصٍ جاهل وأحمق ومحدود، يوزع وطنيات على الناس الذين لا
يرقى إلى ركبهم في ممارسة الفعل الوطني والوطنية.. فكيف تجتمع الوطنية واللصوصية
والفساد مع بعضها في شخصٍ واحدٍ؟. إنها كمن يجمع الصيف والشتاء على سطحٍ واحدٍ،
وهذا مستحيل..
لا يُمكِن لِمن هبَّ ودبَّ أن يُعرِّف (الوطنية) كما يروق له وينسى الممارسات
والسلوكيات والأفعال غير الوطنية التي قد يمارسها هو ذاته.. فالوطنية ليست مُجرّد
كلمة نظرية نرددها بالمناسبات ونختبئ خلفها، إنما هي ممارسات وسلوكيات وأفعال
وتطبيق، وليس من حق أحدٍ فاسدٍ ومرتكبٍ ومُستغلٍّ للسُلطة والنفوذ من أجل الثراء،
أو مسئولٍ داعسٍ على المعايير والأقدمية والتراتبية والكفاءات والمؤهلات في مؤسستهِ
وينعدم لديه الضمير، أن يتحدث بالوطنية، ويوزع شهادات حسن سلوك على الناس، وهو أول
ما يحتاج إلى شهادة حسن سلوك من الجميع..
الوطنية هي كما الدِّين، إنما هو أخلاق وسلوكيات ومعاملة صادقة وشريفة ونزيهه،
وكذلك الوطني، هو الإنسان الشريف النزيه الصادق المستقيم المتفاني دون امتيازات
ومكاسب واستغلال للنفوذ، وإن فصَلنا بين الدين وبين الأخلاق وحُسنِ المعاملة فماذا
يتبقى منه؟. وكذلك إذا فصَلنا بين الوطنية وبين الممارسات والأفعال والسلوكيات غير
الوطنية، من فسادٍ وثراء غير مشروع واستغلال السُلطة والنفوذ للمصالح الخاصة،
ومحاباة الأهل والأقارب والأصحاب، والدّعس على المعايير في المؤسسات وفي التعامُل
داخلها، واستبدال ذلك بالشخصنات والمحسوبيات والدّعم والواسطات والالتماسات ووو..
فماذا يتبقّى من الوطنية؟!.
أعرفُ أناسا كانوا في مواقع السُلطة والمسئولية وتوفاهم الله دون أن يمتلكون بيتا
في الوطن.. بينما زملاء آخرين لهم كانوا أيضا في مواقع النفوذ والسُلطة أصبح لديهم
من الأملاك والثروات ما لا تأكلها النيران!. فماذا نقول عن هؤلاء؟. وطنيون؟. ثم
ماذا نقول عمّن كانوا في مواقع النفوذ وغادروا الحياة ولم يتركوا لأولادهم بيتا في
الوطن ولا خارج الوطن ولا شيئا سوى الراتب الشهري، وهم من قدّموا للوطن أضعاف ما
قدّمه زملائهم الذين أصبحوا من أهل الثروات الهائلة؟. إذا أليسَ جديرٌ بنا أن
نُميِّز بين الوطني وغير الوطني من خلال الأفعال وليس الأقوال والمزايدات!.
لقد أصبحنا بحاجة لكتابة نصٍّ في إحدى مواد الدستور المستقبلي لسورية لا تقوم فقط
بتعريف الوطنية تعريفا سياسيا وقانونيا ولغويا، وإنما تعريف السلوك الوطني
والممارسة الوطنية وما هو الفعل والسلوك الوطني والفعل والسلوك غير الوطني.. ونقول
للمُزايد والمنافق بعينهِ، حينما يُزايد على الناس ويعطي لتفسه الحق بتوزيع وطنيات
وتقييم الآخرين، أنتَ شخص غير وطني مهما تحدّثتَ عن الوطنية لأنك مارستَ أفعالا غير
وطنية خلال وجودك بالسُلطة وتخالف الدستور الذي نصّ على كذا وكذا.. ولذا نحن بحاجة
لكل تلك التعريفات والشروحات والاتفاق عليها بالدستور الجديد ..
مَن يتحدث بالوطنية فيجب أن تكون ممارساته وأفعاله كلها تصبُّ في خانة الوطنية،
وإلا فالوطنية ليست له وليس لها!!. إنه أشبه بِمن تتحدّث بالعفّة بينما هي بالحقيقة
ليستْ للعفّة ولا العفّة لها!..
وأخيرا أتوجّهُ إلى كل من انتقدني ( بِقلّة أدب أو شتائم، مع الاحترام لكل انتقاد
مؤدّب) بأي وقتٍ بسبب آرائي ومقالاتي لأنني أدافع عن الفقراء وأولاد الفقراء
المساكين المغلوب على أمرهم،
ولأنني أدافع عن الضعفاء والمستضعفين الذين يُنظَر لهم وكأنه عبيدا في الوطن،
ولأنني أفضح أهل النفاق الذين وصفهم عضو مجلس الشعب السوري الذي أشرتُ إليه آنفا(
بالحاقدين والفاسدين والموتورين في الدولة) ،
ولأنني أطالب بدولة قانون فوق الجميع، ودولة مؤسسات ومعايير وتكافؤ فرص وعدالة
ومساواة في الوطن، وكفاءات ومؤهلات، وليس دولة مزارع وإقطاعيات ومحسوبيات ومحاصصات
وشخصنات وقرابات وواسطات، وحارة كل مين إيدو ألو،
ولأنني أفضح أصحاب عقلية المزارِع الذين حطّموا الدولة، ومنهم من أسند للسائق (وبلا
أي مؤهّل علمي) صلاحيات لا يمتلكها نواب ومعاوني وزراء، وميّزَ بين كوادر وزارته
بشكلٍ مُخزٍ ومعيب،
ولأنني أرى أنه لا سبيلا لخلقِ دولة فعلية في سورية، بدَلَ الدولة الشكلية، إلا
بالانتقال نحو الديمقراطية البرلمانية والتعددية والتداول على السُلطة، حتى لا تبقى
شريحة دوما في المناصب وبقية البشر مُهمّشين ومقصيين ومحشورين في بيوتهم رغم
مؤهلاتهم وكفاءاتهم ووطنيتهم ونظافة يدهم، وكأنهم غرباء في وطنهم،
ولأنني أقول كلمة الحق بلا نفاقٍ ودَجَلٍ وكذبٍ ومجاملات ولفٍّ ودوران، ولأن وطنيتي
لا تسمح لي إلا بأن أكون صادقا ومستقيما، كما يجب أن يكون الإنسان الوطني، وكما
تقتضي مصلحة الوطن،
ولأنني أقفُ بقوّة ضد أهل الطائفية والتعصُّب والتزمُّت والتكفير، بموازاة عقليات
التعصُّب للشمولية واحتكار السُلطة والمال،
لكل ذلك، وأكثر، أقولُ لِمن ينتقدونني ( بِقلّة أدب أو شتائم كما الببغاوات) تعالوا
وتعلّموا معنى الوطنية من " كعبِ حذائي " لأنه يحمل من الوطنية أكثر مما تحملون.
وإن أردتم شواهد وأمثلة من مسيرة حياتي المهنية فهي لا تُعدُّ ولا تُحصى، فكلها
مسيرة مُشبعَة ومُخضّبة بالوطنية، وإن كان في دمشق وينابيع بردى، فُراتا من المياه
تملئ منها كؤوس الشرق كلّما ظمِئَ ، بحسب الشاعر الراحل سعيد عقل (ظَمِئَ الشرقُ
فَيَا شامُ اسْكُبي ++ واملأي الكأسَ لَهُ حتّى الجَمَامْ ) ، فإن في بحر وطنيتي ما
يغمرُ كل من انعدمت لديه الوطنية، أو يجهل معناها، لعلّها تنتعش مُجدّدا في عقلهِ
وقلبه .
للوطنيه تعريف واحد فقط وهو ان تحب السيد الرئيس الخالد بشار الاسد وافعل ما شئت....تعال شوف تعريف الوطنيه في بلاد الاغتراب...مقالك يجب ان يدرس في المدارس...
لعل الكثيرين يقولون كلمات حق ولكن يراد بها باطل كما يفعل المفسدون الموصوفون في المقال. أتتبع منذ عدة سنوات مقالات د. عبد الحميد سلوم وأجدها صادقة ويقول الحق ويقصد الحق.
أوافق الكاتب على كل ماقال..لكني الومه على الابتعاد عن الجهات الوصائيه التي نشرت هذا المفهوم المحرف للوطنيه..الفروع الامنيه المتعدده والتي لاتقبل الا بالمنحطين عديمي الضمير والاخلاق للوصول الى مناصب الدوله..حتى أن أحدهم قال أن النظام اذا اراد شخص ما لمنصب ما كان يعمل مناقصه ويختار الاسوء بين المرشحين..لنتذكر الاسد عندما كان يأمر بتعيين الضباط المبعدين من الجيش في المنشائات الاقتصاديه حيث لعب هؤلاء دور تخريبي..والكلام طويل