لوسيان السوري فيلسوف كبير ملمَ بالمعتقدات الشرقية القديمة لسورية، موطن الحضارات والديانات الأول في العالم.
ولد هذا الفيلسوف السوري في مدينة ساموساتا "samosata" عاصمة كوماجين "commagene", الواقعة على الضفة اليمينية أو الغربية لنهر الفرات حوالي العام 125 بعد الميلاد، امتدت سيرته في الجزء الأعظم من القرن الثاني بعد الحقبة المسيحية، حيث كان من أصول متواضعة, فعائلة أمه كانوا نحاتين بالوراثة, وكان هو نحاتاً متواضعاً, كرس نفسه لدراسة الأدب، سعى لأن يتحدث الإغريقية, فزار لتهذيب لغته بالتسلسل المدارس البيانية لطقوس إيونا واليونان, حيث اطلع على فكر الفيلسوف الأفلطوني Nigrinus, وأبدى الكثير من الإعجاب بأفلاطون، ثم سكن أنطاكية Antioch ليتدرب كمحامٍ في محاكمها. تمتع لوسيان بسمعة جيدة في فن الخطابة، وبالتالي شعر بأنه جدير بأن يرضي روحه الضجرة وفضوله الذهني بالسفر, فزار مجمل سورية, وفينقيا، ومصر في الأعوام 148 و149 بعد الميلاد، إذ يظهر من كتاباته أنه كان في هيرابوليس (منبج), وبيبلوس (جبيل)، ولبنان, وصيدا, وكان يفحص بدقة هذه المواطن العظيمة للمعتقدات الشرقية.
وصل لروما حوالي العام 150 بعد الميلاد, وكان يعاني من ضعف واضطراب في الرؤية، وبعد إقامة مؤقتة استمرت لعامين في إيطاليا انتقل إلى فرنسا، وأقام هناك لمدة عشرة سنوات، وعاد للشرق عبر مقدونيا, وبقي ليحاضر في تسيلونيكا اليونانية.
كتب كراسته الأولى حول الآ لهات السوريات ليقدم صورة شخصية عن المعتقدات والممارسات الدينية في هيرابوليس(منبج)، التي كانت أهم مركز ديني في ذلك الوقت، لتكون هذه الكراسة أهم مرجع يوثق أهمية سورية الدينية وتستحق لفت انتباه علماء الآثار وطلاب مقارنة الديانات لتتبع تاريخ احترام وتقديس المرأة في الحضارة السورية القديمة، ودور هذه الديانات السورية القديمة في نشر تعاليم التوحيد التي مهدت لظهور الديانات السماوية الثلاث في ذلك الموقع الجغرافي المقدس المعروف عالمياً بسورية.
أظهر لوسيان شغفه وتعمقه بالدراسات الدينية عندما كان يعمل لدى والي مصر, حيث وجد علامة فارقة تظهر فكاهته في وصف دين المصريين، كعبادتهم للحيوانات، وأواني الماء، وحبهم للسحر، وحدادهم وندبهم العام في الأرض على موت الثور آبيس "Apis"، ومراسم الجنائز الخاصة بهم, ووضعهم لموميآتهم (جثث موتاهم المحنطة) حول طاولة العشاء تماماً كالضيوف، ورهن الأب أو الأخ عند الحاجة للمال.
أعطى لوسيان معلومات هامة حول دين الآشوريين الذي كان الكثير منه ذو أهمية بالغة، إذ ذكر الفيضان الذي دمر كل البشرية بسبب شرها، ونجاة رجل واحد وعائلته من هذا الفيضان، والحيوانات التي دخلت للسفينة في ثنائيات، والقداسة الخاصة الممنوحة للحمام بين السوريين، والتي لاتزال آثارها موجودة لليوم في المجتمع السوري، وهذا ما أكدته أيضاً الترجمات الحديثة للرقم الطينية المكتشفة في أرشيف مملكة إيبلا.
كان لوسيان قد سمع بالمسيحية ولكن يبدو أنه قد اعتبرها كعقيدة شرقية عادية. لقد أشار إليها مرتين, كان المقطع الأول في مذكرات الإسكندر, التي ادعى فيها النبي المزيف أنه:
"إذا توصل أي ملحد, مسيحي أو أبيقوري ليتجسس على الشعائر المقدسة, فدعه يهرب". وفي نفس الكراسة (ص25) زواج المسيحيين بالملحدين. وكان المقطع الثاني في معاهدة موت بيرجرنيوس "Peregrinus" الدجال, والذي كان حسب رأي لوسيان – مرتداً عن المسيحية ومحتلاً في الواقع منصباً مهماً في ذلك المجتمع, كانت الترجمة لسير ريتشارد جيب.
"لقد تعلّم بشدة " قال لوسيان " الفلسفة المدهشة للمسيحيين, التي قد عاشرها في فلسطين مع كهنتها ومؤلفيها. ماذا ستتوقع؟ لقد أظهر بسرعة أنهم كانوا أطفالاً في يديه, وكان هو نبيهم, رئيس تآخيهم الديني, وجامع لقاءاتهم – واختصار كل شيء لهم. لقد شرح ووضح بعض كتبهم, والتي كتب العديد منها بنفسه. اعتبره كإله, وجعلوه من يسن قوانينهم, وتبنوه كبطلهم".
وفيما يتعلق بمعتقداتهم قال:"إنهم لا يزالون يوقرون ذلك العظيم, الرجل الذي كان قد صلب في فلسطين لأنه جلب السر الجديد للعالم. لقد أقنعت المخلوقات المسكينة نفسها بأنها ستكون جميعها خالدة وستعيشون للأبد, ولذلك كانوا يحتقرون الموت وفي عدة حالات يمنحون أنفسهم له طوعاً. ثم أقنعهم أول واضع للقانون (أي المسيح ) بأنهم جميعاً إخوة, أخذوا خطوة إنكار جميع الآلهة الإغريقية وعبدوا ذلك المصلوب, فيلسوفهم, وعاشوا حسب قوانينه. لذلك احتقروا جميع الأشياء (أي جميع المخاطر والمعاناة) وتمسكوا بما هو جيد بشكل عام: بالرغم من أنهم قد تلقوا مثل هذه العادات من دون أي إذن محدد. وعندها إذا حل دجال بارع بينهم, رجل خداع للعالم, سيغني نفسه حالاً، بجعل هؤلاء القوم البسطاء سذج. من العدل أن نقول أنه من قبل بعض الكتاب ذوي السمعة الجيدة اعتبر بيريجرنيس صوفي ذو ضمير, وكان لوسيان غير مؤهل ليفهم الصوفية والصوفية و التحمس الديني. وفي أي حالة من الواضح أن لوسيان قد أظهر، مع كل الاحتقار الذي ينظر به للديانات المتعددة ولفلسفات عصره, اهتماماً ملحوظاً في جمع الحقائق عنهم, وكانت تلك الحقائق التي قدمها في كراسة "الإلهة السورية" توجيهية كأي منها.
سمع لوسيان بالمسيحية ولكن يبدو أنه اعتبرها كأي عقيدة شرقية عادية، وقد أشار إليها مرتين في كتابه الآلهات السورية، إذ كان المقطع الأول في مذكرات الإسكندر التي ادعى فيها النبي المزيف أنه "إذا توصل أي ملحد، مسيحي أو أبيقوري ليتجسس على الشعائر المقدسة, فدعه يهرب"، وأشار في نفس الكراسة إلى زواج المسيحيين بالملحدين، وكان المقطع الثاني في معاهدة موت بيرجرينوس "Peregrinus" الدجال، والذي كان حسب رأي لوسيان مرتداً عن المسيحية، ومحتلاً في الواقع لمنصب مهم في ذلك المجتمع، إذ يقول لوسيان أن بيرجرينوس تعلّم بشدة الفلسفة المدهشة للمسيحيين، التي عاشها في فلسطين مع كهنتها ومبشريها، ولقد أظهر بسرعة أن متبعيه كانوا أطفالاً في يديه، وكان هو نبيهم، ورئيس تآخيهم الديني، وجامع لقاءاتهم، واختصارأً كان كل شيء لهم، لقد شرح ووضح بعض كتبهم، التي قدمها لهم بنفسه، فجعلوه من يسن قوانينهم، وتبنوه كبطلهم".
أما فيما يتعلق بمعتقداتهم فقال لوسيان:"إنهم لا يزالون يوقرون ذلك العظيم, الرجل الذي كان قد صلب في فلسطين لأنه جلب السر الجديد للعالم، لقد أقنعت المخلوقات المسكينة نفسها بأنها ستكون جميعها خالدة، وسيعيشون للأبد، لذلك كانوا يحتقرون الموت، وفي حالات عدة كانوا يمنحون أنفسهم له طوعاً.
لقد أقنعهم المسيح، أول واضع للقانون، أنهم جميعاً إخوة، فاتخذوا خطوة إنكار جميع الآلهة الإغريقية وعبدوا ذلك المصلوب فيلسوفهم، وعاشوا حسب قوانينه، لذلك احتقروا جميع الأشياء من مخاطر ومعاناة، وتمسكوا بما هو جيد بشكل عام.
هذه هي شهادة فيلسوف سوري عاش بدايات ظهور المسيحية في بلاده، وكتب عنها بعيداً عن تأثيرها اللاهوتي عليه، فهو لم يعتنق المسيحية، بل سجل بأمانة وإخلاص مناقب هذا الدين الجديد، ورسوله إلى العالم، لتكون هذه الشهادة أصدق وصف لمخلص البشرية الذي عاش ونشأ في سورية، فلهذا البلد المقدس الآمن نقول في ذكرى ميلاد السيد المسيح المجيد، سنبقى في سورية نؤمن بأننا في هذا البلد جميعنا أخوة.
https://www.facebook.com/you.write.syrianews